الدكتور رافد علاء الخزاعي
تعتبر الصين والتجارة معها حلم الشرق والغرب لما تمتلكه من مقومات بشرية وبحرية وزراعية وصناعية فكانت حلم للفراعنة والسومريين وحتى الرومان وسمي الطريق البري طريق الحرير لان الصين كانت المعمل التي تصنع الملابس والأواني البورسلينية والشاي وهكذا كانت مطمع الدول في إقامة اتفاقيات تجارة ووصلت أحلامهم لاحتلال الصين وحتى العرب المسلمين في فتوحاتهم وصلوا اليها وعقدوا الاتفاقيات التجارية معهم .
في العصر الحديث في بداية القرن الثامن عشر كانت بريطانيا تضع عينها على الصين وكان الطريق البحري زاخرا بالسفن من أوربا إلى الصين في نقل البضائع الصينية من الحرير والبور سلين والشاي والإعشاب الصينية في ظل قانون التجارة المفتوحة وكان التجار البريطانيين يدفعون ثمن بضائعهم بالذهب والفضة مما استنزف مواردهم فكان سبب لجوء بريطانية عبر شركة الهند الشرقية في زراعة الأفيون في الهند والهند الصينية وتهريبه الى الصين لغرض إعادة المبالغ المدفوعة وتدمير المجتمع الصيني مما استشرى الإدمان على الأفيون في الصين مما في بعض يبيع الصيني كل ما يملك في سبيل الحصول على الأفيون مما ولد ضغطا على إمبراطور الصين في إصدار قانون تحريم استيراد والاتجار واستخدام الأفيون مما سبب حربا بين الصينيين والبريطانيين حرب الصين الأفيون الأولى عام (1840-1842م)والتي خسرت الصين فيها الحرب ووقعت اتفاقية “نان جنج” في تموز 1842 التي تنازلت خلالها الصين عن جزيرة هونغ كنغ وفتح موانئها إمام التجارة البريطانية واستمر الإمبراطور في قراره بتحريم الأفيون مما ولد حربا ثانية (1856-1860م) وقد دخلت قبلها فرنسا وأمريكا شركا ء مع بريطانيا في التجارة مع الصين ولكن الإرادة الشعبية للصينيين نجحوا بحد الإدمان الافيوني خلال السنوات التالية ولتصبح الصين كقوة نامية إثناء الحرب العالمية الأولى من خلال الثورة الثقافية للحزب الشيوعي الصيني وقائدها العظيم ماو ولتنتقل الصين من النظام الاشتراكي الى النظام السوق والتجارة مستغلة رخص أياديها العاملة وارثها الحضاري ولتغزو التجارة الصينية العالم وهي تقرر إنتاج إي شيء وبمختلف الأسعار وبكل الماركات وانتقلت كبريات الشركات لعالمية إلى الصين لتصدر من خلالها منتجاتها .وليبقى حرب الين والدولار الأمريكي احد أسس الحرب المستمرة في خنق الصين مع زيادة أسعار النفط ولد ضغطا كبيرا على الصين فأرادت الصين إن تعيد لعبة بريطانيا مع العالم من خلال ما يسمى السيجارة الاليكترونية التي ولدت عام 2004 م ومع وجود الانترنيت والتي انتشرت سريعا في العالم وهي سيجارة تعتمد على سائل حيث وصل عدد مستخدميها في بريطانيا 3.5 مليون مستخدم حسب دراسة إحصائية في عام 2012 في بريطانيا وحدها ويوجد حوالي مائة ماركة حسب ما قاله الدكتور لاين داوكينز في جامعة شرق لندن وهي سيجارة تعتمد على أنبوبة مغلقة فيها ملف حراري تشغله بطارية صغيرة جدا يؤدي الى تسخين السائل داخل السيجارة, وهو سائل يحتوي على مادة ندية (بروبلين غليكول كسائل طيار أو الغليسيرين النباتية كتحليه )، إضافة إلى نكهات اصطناعية وأحياناً يضاف قليل من النيكوتين، الذي يتحول إلى رذاذ وتحويله بخار مفعم بالنيكوتين . حيث عند عملية الشفط والضغط على الزر يمر السائل على الملف الحراري ويبخر مع هنالك في مقدمتها ضؤ احمر مشابه لشرارة السيجارة العادية يضفي مع البخار الخارج حالة مشابه لدخان السيجارة العادية . وهو غير محمل بالقطران واول اوكسيد الكربون .
إن استشراء انتشار السيجارة الاليكترونية في العالم رافقته دعاية كاذبة أنها تساعد على الإقلاع عن التدخين وتقلل نسبة الإضرار للسيجارة العادية مع تغيير في البرستيج الشخصي لإضفاء شخصية جديدة مشابه لتدخين الغيليون وهي ليس بحاجة إلى ولاعة أو باكيت سجائر أو عود ثقاب أو الحاجة إلى قول نارك قلبي نارك وهي تقلل من فرص التعارف الاجتماعي والرومانسية التي تأتي من خلال إشعال السجائر المتبادل بين العشاق والأصحاب التي وهي ليس تودي إلى رمي نفاث التبغ وباقيا السيجارة المحترقة (الكطوف) وهذا يقلل من الحاجة إلى نفاضات السجائر ويقلل من احتمالية الحرائق الناتجة من بقايا إعقاب السجائر المشتعلة حيث في الصين أكثر من إلف معمل يصنع يوميا عشرا الآلاف من السجائر الاليكترونية بمختلف الألوان والإشكال والإكسسوارات المتامشية مع العولمة وطموحات الشباب في التغيير وفي إحصائية صينية أنها صنعت أكثر من مليار سيجارة اليكترونية منذ عام 2004م مع معداتها واحتياجاتها وقد استشرت هذه الظاهرة الاجتماعية بين الشباب دون السن الثامنة عشر ويطلق عليهم المدخنين البخاريين ( vapers) او باباي الشخصية الكارتونية الشهيرة واغلبهم للمتعة الشخصية وقد استشرت ظاهرة الفابرس في اوربا وأمريكا رافقتها زيادة من الإكسسوارات الصينية التي تلبي احتياجاتهم ومتطلباتهم الذوقية من خلال التفاعل مع المواقع الاليكترونية للمعامل المنتجة وهب إنتاج شكل ونوع السيجارة الاليكترونية حسب الطلب .
وقد صرح لي احد الأصدقاء وهو منهم إن تجار عراقيين استوردوا أكثر من مليون سيجارة اليكترونية وان الدعاية المضادة جعلتهم يخسرون الكثير من الأموال.
إن السيجارة الاليكترونية أثارت جدلا كبيرا في دول العالم ومنظمات الأدوية والغذاء العالمية ومنظمة الصحة العالمية من الإضرار الصحية المحتملة منها.
حيث اختلفت الدراسات مع قلتها وفي دراسة أجريت في فرنسا ان الراحة الأولية من السيجارة الاليكترونية هي ناتجة عن الترطيب الناتج من بخار الماء للمجاري التنفسية ولكن هذه الراحة يفتقدها المدخن بعد أسبوع من استخدامها ويعتقد من جربها عبر استبيانات عبر الانترنيت أنها ألطف من السيجارة العادية ولكن البخار من المتطاير من البربولين والفورمالديهايد يمكن إن يصبح في نسبة قاتلة وهو مادة مخربشة لغشاء المخاطي للمجاري التنفسية مما يزيد من احتمالية الإصابة بسرطان الرئة والأنف وقد ادعى بعض مستخدميها انها ساعدتهم بالإقلاع عن التدخين.
وهنا قد منعت السيجارة الاليكترونية تداولها في فرنسا وحظرت في ألمانيا وأمريكا والسعودية والعراق.
انها حرب قذرة بين الصين وأمريكا الأفيون والسجائر الاليكترونية والعادية فريستها الشعوب المغلوب على أمرها ولكن المفيد في الأمر من هذه السجائر الاليكترونية أنها وسيلة علاجية باستخدام بعض الأدوية عن طريق الاستنشاق مع توفر الأدوية السائلة القابلة للتبخير مثل الفنتولين المستخدم للربو وغيرها من الأدوية وانأ شخصيا قد قمت بتجربتها على المرضى الربو وقد أعطت نتائج أولية جيدة وهي بحاجة إلى دراسة وتمحيص أكثر وإمكانيات اكبر.
وأخيرا التدخين مضر بالمجتمع قبل الشخص المدخن فالامتناع عن التدخين واجب وطني وانساني.