مواقف مختلفة من التراث :بقلم/د.يسري عبد الغني
-نزعة تنحو نحو الحداثة والمعاصرة للحاق بركب الحضارة المتسارع ، وتعتبر الاهتمام بالتراث معطل للتقدم .
– ونزعة أخرى تحاول أن تبحث في ماضينا وتراثنا عن طابع وطني خاص يحمل هويتنا لكي لا نغرق في موجة التقليد الممسوخ ، ونتيجة للتطور السريع غير المحسوس الذي تسير فيه ، فقدنا الكثير من ذاكرة جمال الماضي .. عمارة ، وملبوسات ، وألحانا ، بل لم نكتف بالفقد فبدعوى التمدن أو التحضر تمرد الكثير على ملامح الكرم مثلا فأصبح الصدر للصغار عمرا وقدرا .. وعلى أنقاض ذلك ظهرت صيحات تنادي ـ حتى في الدول الأوربية ـ بضرورة البحث الدقيق في أمور التراث والحداثة وما المطلوب من كل منهما؟
ولذا كان التجديد في كثير من حالاته .. خيبة أمل في كثير من جوانب الحس الجمالي البيئي بالأشياء وثبت أن عصرنة التناول في الأدب الشعبي على اتساعه يجب أن يؤخذ بغاية الحذر ..
الأطر الضيقة لزاوية النظر التي تحاول أن تكتفي بدراسة التراث باعتباره جزءاً من الماضي والاكتفاء بالانبهار به ، والدعوة للعودة إلى الحياة داخل هذا التراث فقط على حساب الحاضر ودون إدراك المتغيرات الكثيرة التي حدثت في عصرنا. وهذه النظرة غالباً ما ترتكز على الجوانب غير العلمية في هذا التراث و تهمل تراثنا ووتسقطه بحجة عدم استجابته للمشكلات اليومية التي تطرحها حياتنا المعاصرة وواضح أن مثل هذه النظرة غالباً ما تقود إلى مسخ الهوية الوطنية والقومية.
يمكن اعتبار تراثنا العربي بمثابة تذكير يبرر الصلة بين المراحل الكبرى للتطور ، وعلى أساس هذه النظرة الحية للتراث يصبح (الماضي) منطلقاً وحافزاً وداعماً لكل محاولة لتجديد الحياة في الأمة ، فهل نعاني من غياب أو ضعف التشريعات التي تحمي التراث حتى من جرأة المجتهدين في شروحهم حتى الصوتية والحركية للتراث ، وإن وجدت هذه التشريعات فهل لا تمثل عبئا أو قيدا عائقا لترويج التراث.
نتيجة إلى تسارع اندثار هذه الأنسجة الحضرية ذات المدلول التاريخي الكبير فإن البعض يبتغون استنطاق موضوع ذي صلة بالروح والفكر والفن , عن طرق ثلاثية الكيان الإنساني في تنوعه وثرائه ” فالدين مؤسس الحق والخير, والأدب ديوان الجمال والمثاقفة مظلة الجماعة الإنسانية على اختلاف الملل والآداب”
هل يتأتى للناس على اختلاف مشاربهم الروحية وإبداعاتهم الأدبية أن ينشدوا بأداء واحد وقد اختلفت الألحان ؟ إن الأطر الضيقة لزاوية النظر التي تحاول أن تكتفي بدراسة التراث باعتباره جزءاً من الماضي والاكتفاء بالانبهار به ..
والنتيجة : التراث ليس سلعة ولا ملكية مشاعة لشخص ولا لجهة إدارية ولا لجماعة .. بل هو موروث المكان والإنسان الثقافي له كرامة الأرض وهيبة الإنسان .. فلا إسراف ولا اندفاع لأي فكرة إلا بعقل جمعي يستشرف خطورة الاقتراب منه إلا من قبل متخصصين وشخصيات مهتمة يقبلهم الكل وترشحهم ثقة المجتمع منعاً للعبث بمقدرات ثقافة الوطن وإرثه الحضاري