خيري هه زار
كان لجحا صديق , ينتمي لحزب عتيق , من احزاب الخلود , مخشوشن الجلود , في كفاحه مع الزمن , ولا يأبه بأي ثمن , يدفعه حتى يبقى , بين الحمقى , مثل الخيمة , أفقا بلا غيمة , ويمسي رائده , فحله وقائده , سيدا حصورا , وأسدا هصورا , يحفظ آية المواريث , بنسق حديث , وفق نموالأنجال , ولا يكترث بالرجال , من غيرآل البيت , كي لا يشتعل الزيت , في داره , بغيرناره , كأنه من شجرة طور , لا تفنى أوتغور , وكان هذا الصديق , يلجأ اليه حين الضيق , فيعمدان , الى النقاش وينتقدان , الأخضروالميبوس , بزفير محبوس , وبشهقة المكتئب , وحذرالمرتقب , فيتجاذبان , الصديقان المتحابان , أطراف الحديث , عن الوارث والوريث , وعن سياسة الغربان , والمدفوع من القربان , لحد هذا اليوم , من شباب وشيبة القوم , وكيف ان الساسة , مفتقدة للحماسة , في كل ما تخدم , ناسنا التي تعدم , وسائل الكرامة , والتخلص من الصرامة , التي ما لاقت غيرها , وهي تغذ سيرها , منذ ابتداء وجودها , لتعيش الحياة بجودها .
كان لقاؤهما هذه المرة , صدفة على حين غرة , في بعض الاسواق , وبعد ان شبعت فيهما الاشواق , بالرؤيا والمقابلة , وحديث المجاملة , ارتأيا , أن ينأيا , عن الصخب والزحام , وعسس الاقتحام , وأخيرا اتفقا , ان يشفقا , على رجليهما من التعب , وعلى بطنيهما من السغب , فاقتنيا شطيرتين , يستقويا بهما للخوض في مسألتين خطيرتين , وعلبتي عصير , لجعل الزاد الى الجوف يصير , بسهولة , لانهما من الكهولة , يصعب معهما الهضم , لقلة أدوات القضم , في مدخل الزاد , قبل ان يقاد , الى الجوف , دون عسروخوف , ثم انتهيا الى حديقة , للأحجاروالأوساخ صديقة , فجلسا يأكلان زادهما , وبعدها النقاش قادهما , ما ان كرعا العصير , وهما يخوضان في المصير , الى سبيل غامض , للفضول الرابض , خلف التساؤلات , ومغزى التأملات , في ذهني الصديقين , ولحظيهما الدقيقين , حينها قال البهلول , أفرغ ما في خاطرك يجول , ايها الصديق المنتمي , وهل بوسعنا ان نحتمي , بكم حين الملام , كي نشعربالسلام , اذا ما آن الأوان , لرفع الذل والهوان , عن ساحة القوم , واستفاقوا من النوم .
فطفق عندها الصديق , مستجمعا ما في ذهنه من رحيق , لخبرة السنين , وبقايا الحنين , لكشف المستور , بين ثنايا الدستور , من مواد غيرقابلة , للهضم الا من السابلة , وفيما عداهم يعتدون , على الحقوق ويقتدون , بالأكابر , الذين يحتكرون المنابر , ويستحوذون على المعابر , والشعب مرهق وصابر , ومكتوي بالنسيان , الأخطرمن داء العميان , فكيف بمن لا يرى , الحياة الا القوت والكرى , وسلطان الهمس , لحد الطمس , يتحكم فيه , وموصدا فيه , ولا يشتهي , لذة الكلام البهي , في الامتناع , وحلاوة الاقتناع , بما هو صائب , من مبدأ غائب , وفكرفي بقية الامم يسود , اختفى عندنا ولن يعود , من مضامين الحضارة , يأنف الرضوخ للقذارة , وسياسة التوحد , بالفتك والتوعد , لمن حاد عن الدرب , وغرد خارج السرب , وأحدث الضجيج , ملتحقا بالحجيج , الذين شدوا الرحال , الى رفاهية الحال , بتغييرالمنوال , وكثرة التجوال , بين أروقة الحضارة , دائمة الغضارة , التي لا تشيخ , وليس فيها عنف وتوبيخ , لحرية الانسان , ولا تبتر اللسان , لا خيرفي من أمسى , ذليلا وينسى , ما أصابه من شدة , ولا يؤمن بالردة , لقلب الأمور , ولو بشقات التمور , أو بأضعف الايمان , وخلخلة الأمان , على المفسدين , المغنين والمنشدين , لواقع الحال , وجعله من المحال , تبديله , أو تعديله , بقوة المال , المسروق من بيت المال , أو بالسطوة , واقتفاء الخطوة , في الرافضين , والواعظين , لأجل كبحها , أو ذبحها , وهي بعد في المهد , ولم ترضع من نهد , ناهيك عن وأد اليراعة , وهي تكتب ببراعة , وتهشيم القلم , الذي يدون الألم , وكبح الجماح , في الأسنة والرماح ,وبقرالعنفوان , اذا ما حارب عنوان , من عناوين الفساد , وطالب بقسمة الحصاد , دون زيغ وزور , بصاع غيرمقتور , والحكم على الكفاءة , في غير محاكم البداءة , بالكف والتبطيل , والاعاقة والتعطيل , فهل بقيت فينا , آمال لتحيينا , غيرهذا السكوت , والوجع المكبوت , نبرع في الوصف , لا نجيد القصف , وهكذا بقينا , بالخنوع شقينا , فماذا يا بهلول , سيهزالمجبول , على عمى الطاعة , برتابة الساعة , ولا يدري ما الغضب , لقد جف أونضب , في أعماق ذاته , لطول أناته , على كل من يأتي , ليحكم ويفتي , في كبريات الأمور , حسب المزاج المخمور , للأمعات الثيران , تنفث فينا النيران , بقرونها تنطح , ولغيرها تبطح , ونحن المشاهدون , لعرضهم ماهدون , وكوننا لا نسهم , لا نعي ولا نفهم , بأن المناطحة , لكسب المساطحة , للأرض وما تحتها , والناس تلعن بختها , وهل هناك سبيل , لايقاف الأرخبيل , من الفساد الجاري , المفضوح والعاري , في أعلى المستويات , لكل المحتويات , من أموال وخامات , دون أن تعلوالهامات , بيننا وتشرأب , وما ألفت الغب , ولا تفقه العصيان , تبرزه في العيان , من أفاضل السبل , اخترعها النبل , في أمم لا تكسي , حين تصبح وتمسي , قادتها في الحلال , ثوب العزوالجلال , كيف اذن في الحرام , وساء فيها المرام , فالهم فينا واصل , حد نخرالمفاصل , وما هي الحياة , الى حين المماة , الا تحصيل حاصل , وبينهما فاصل , اما عزة ونقاء , واما خوروشقاء .
فقال جحا ضاحكا , لا تكن مماحكا , أوتراني أغفل , حينما رأيتني أجفل , بأنك في العموم , لما وصفت الهموم , بشيء من الدقة , ونزرمن الرقة , من أؤلئك الرجال , الذين يستأسدون في الحجال , وفي وسط القوم , تمانعون اللوم , وتفادون الحركة , بالرضا والبركة , لقادتكم , وليس من عادتكم , ايقاظ النيام , وهم في صيام , من الكلام , عن واقع الظلام , السائد والمقيت , دون توقيت , وبدأ كي لا ينتهي , فمن فينا لا يشتهي , أن يرى الانحسار , للتفرد والانكسار , ومن بيننا لا يبغي , محو ثيمة تلغي , كل الثيمات , وتطوح الشيمات , الحسنة اللائقة , الشاهدة السائقة , الى ضفة الخير , كما يعيش الغير , من الأقوام , منذ مئات الأعوام .
وفي الختام , اتفقا بان الصورة في قتام , وتعاهدا على المسايرة , حيث لا تنفع المغايرة , والناس نيام , وتأبى القيام .
والسلام ختام