امين يونس
ما حدث في زاخو بعد صلاة الجمعة 2/12 ، وأمتدَ عصراً الى مدينة سُميل ، ثم قُرب منتصف الليل ، الى مركز مدينة دهوك والى قسروك وغيرها… ظاهرةُ مُخزِية بِكُل المقاييس ، وإنتكاسة للجهود التي كانتْ ترمي الى الإصلاح الحقيقي على الساحة السياسية الكردستانية مؤخراً . وعودة الى حيثيات المشكلة ، يمكن الإيجاز في ما يلي
:
– في جُمعَتين مُتتاليتَين قبل 2/12 ، قام بعض خطباء الجمعة في زاخو ودهوك ، بالتركيز على مخاطر ومساوئ [[ محلات المساج ]] التي إنتشرتْ مؤخراً ، والتلميح الى الفساد الاخلاقي الذي ينتج عنه ، من خلال الفتيات اللاتي يعملن في هذه المحلات ، من جنسيات جنوب شرق آسيا . والدعوة المتشنجة الى غلق هذه الاماكن ، إضافة الى غلق محلات بيع المشروبات الروحية ! .
– من الطبيعي ، ان كافة هذه المحلات ، سواء المساج او النوادي او دكاكين بيع الخمور .. كُلها [ مُجازة ] مِنْ قِبَل جهات رسمية ، وحاصلة على موافقات اصولية ، من الأمن والصحة والسياحة والنقابات ذات العلاقة … وذلك يعني ببساطة ، ان لاأحد يستطيع ان يفتح منشأة كهذه ، دون المرور بسلسلة من الإجراءات والموافقات ، التي من المُفتَرَض ان تأخذ بنظر الإعتبار ، المحاذير الإجتماعية والصحية والأمنية والنفسية ، وسُبل إدارتها بصورةٍ صحيحة ، وفرض رقابة عليها .. بحيث يكون مردودها العام ، إيجابياً على المحيط الاجتماعي .
– قال أحد قادة الاتحاد الاسلامي الكردستاني قبل ساعات من على محطة ناليا التلفزيونية ، ان الاتحاد ليسَ له علاقة على الإطلاق ، بخطباء الجمعة الذين دعوا الى غلق محلات المساج وبيع الخمور .. وقال ان ” اليكرتو ” اي الاتحاد الاسلامي الكردستاني ، ليس من أخلاقياته اللجوء الى هذه الاساليب العنيفة وتكسير المحلات وحرقها .. بل ينحو نحو التفاهم والمناقشة والحلول السلمية … وأردف قائلاً : ان سلطة الاقليم لاتسمح لنا أصلاً ، ان نخطب خطبة الجمعة . ولّمحَ الى ان الخطباء الذين حّرضوا على هذه الأعمال ، مدفوعون مِنْ قِبَل السلطة !.
– أعمال الشغب التي إندلعتْ في زاخو بعد الظهر ، وأدتْ الى تدمير وحرق محلات بيع المشروبات الروحية ومحلات المساج ، وبعض الفنادق السياحية .. خّلفتْ العديد من الجرحى ، من المتظاهرين وعناصر الشرطة . ولم يتم السيطرة عليها من قبل الجهات الامنية بصورة محكمة .. وأدى التهاون في ذلك ، الى ان تقوم مجاميع من الغاضبين ” ولم يُعرَف هل هم نفسهم الذين أحرقوا المحلات أو غيرهم ؟! ” ، بالتوجه الى مقر الاتحاد الاسلامي الكردستاني في المدينة .. ولم تنفع كل الإستغاثات المُسبَقة التي ( كما صرحَ مسؤول الاتحاد في زاخو الى تلفزيون ناليا ) أطلقها مسؤولوا الإتحاد ، الى الجهات الامنية لحماية المقر … فأضطروا الى تركه بعد إقتراب المجموعات الغوغائية .. الذين أحرقوا المقر ودمروا محتوياته !.
– بعد الغروب ، كانتْ مدينة سميل ، مسرحاً لنفس السيناريو المُخجِل .. مئات الشباب الذين لايتجاوزون العشرين من العمر .. وسط تهاون وتهادن ، الجهات الامنية ، يقومون بتكسير وتدمير وحرق محلات الخمور والفنادق السياحية ، وبعدها مقر الاتحاد الاسلامي الكردستاني ! .
– قبل منتصف الليل بقليل .. كان المقر الرئيسي للإتحاد الاسلامي الكردستاني في مركز دهوك ، هدفاً لعصابات الغوغاء ” علماً ان بعض سيارات الشرطة كانتْ واقفة مُسبقاً أمام المقر ” لِغرض حمايته !! . وكالعادة ، تمَ تدمير وحرق المقر ، في حين وقف العديد من الناس [ للتفرج ] على هذه المنظر الهمجي ، على بُعد أمتار [[ وكنتُ واحداً منهم ]] وليسَ لنا حول ولا قوة ، أمام هذا الطوفان المُخزي .
– في ساعات الصباح الاولى من 3/12 ، حاولَ مئات من هؤلاء الشباب الخارجين على القانون ، إكتساح شارع نوهدرا الذي تنتشر فيه محلات بيع المشروبات الروحية ، والذي كانتْ قوات الامن منتشرة فيه بكثافة كبيرة .. وتم إلقاء القبض على الكثير منهم .
– لو توفرتْ إرادة صادقة ، للسلطات في زاخو وسميل ودهوك وغيرها .. لِما تطورتْ الامور ، بهذه الشكل المُفجع والمأساوي . ولِما حصل هذا [ الخلط ] بين ظاهرتَين : حرق محلات المساج وبيع الخمور .. التي لها أسبابها وخلفياتها .. وبين إقتحام مقرات الاتحاد الاسلامي وحرقها .
– أعتقد ان ما حصل خلال الساعات الماضية .. هو إنتكاسة حقيقية للأمن الاجتماعي والاستقرار في الأقليم ، من ناحية .. وتراجعٌ مُؤسف للتعايش السلمي بين المكونات المختلفة سياسياً .. وقبل ذلك مؤشر على سوء الإدارة وفشلها ، من ناحية اُخرى .