علي المطلبي
هنالك مثل إسباني يقول ( إذا أردت أن تعرف جمال بلد ما …أنظر الى مضيفات الطيران )!! ..
جاءتني دعوة من إحدى المنظمات الدولية في بيروت لحضور مؤتمر يتعلق بالأعلام العربي …فرحتُ كثيراً بهذه الدعوة ..وهيأت جميع أموري للسفر …حجزت تذكرة طيران عن طريق الخطوط الجوية العراقية ….وفعلاً ذهبت الى المطار حسب اليوم الموعود …المهم لا أريد أن أطيل عليكم الحديث وما جرى داخل أروقة مطار بغداد من أجراءات غير مسبوقه وروتين قاتل جداً ومواعيد غير دقيقة وتعامل (لا) إنساني…فهذا موضوع آخر يحتاج مني عدة أيام لأكتب عنه …عند وصولنا للطائرة نوع (بوينغ 747) من الطراز القديم , ماشاء الله أعيد ترميمها وطلاء صبغها من جديد لتصبح جاهزة للعمل وعلى الرحلات الخارجية ( فعلاً لم يخطيء من قال أننا شعب لا يعرف المستحيل )!! .. وتم نحر الذبائح لها ووضع كفوف الدم عليها حتى لاتصيبها عيون الحسّاد …المهم توكلنا على الله وبدأنا بالصعود على سلم الطائرة (المحروسة بعين الله) …عادةً عندما يصعد المسافر الى الطائرة في أي دولة من بقاع العالم (حتى في موزمبيق)ِ! تكون هنالك في إستقباله وجوه بشوشة ..أبتسامة لطيفة …لكن أن تكون الوجوه مكفهرة …خالية من أبسط أنواع البشاشه فهذا أمر غريب حقا , وكأننا لم نكن مسافرين على متن طائرة ..إن لم أبالغ أحسست انني قد حضرت مجلس عزاء !! .. المشهد كالتالي (مضيف واحد ينظر بوجوه المسافرين وكأنه يعاتبهم بنظراته الحزينة ..لماذا أخترتم هذه الطائرة ….الله أعلم ماذا كان يدور بخلد ذلك المضيف حينها )….و( مضيفة واحدة من يراها أول مرة ..يندم على اللحظة التي ولد في هذه الدنيا) …تبلغ من العمر مايقارب (50 عاماً ) ملطخة بجميع أنواع الماكياج … شعرها لاتعرف له لون محدد …وفوق كل هذا ..عابسة الوجه ولانعرف لما كل هذه الكآبه ؟..هذا غير المواصفات الشكلية التي من المفروض أن تتصف بها أي مضيفة بالعالم …..قرأت في إحدى المرات في مجلة (زهرة الخليج) الإماراتية موضوع عن كيفية أختيار شركة طيران تركية لمضيفاتها …الطول الوزن القوام العمر الشهادة من هكذا امور وكأن الشركة المذكورة تريد أن تدخل بهن مسابقة جمال العالم ! ..أما مضيفتنا الحمد لله لا تنطبق عليها كل هذه القواعد ! فهي قصيرة بدينة…وأما رجل أمن الطائرة …تبارك الرحمن ..(جيمس بوند)!! ..كل فترة يسير بالممر بين المقاعد مرتديا نظارة سوداء حاملا بيده جهاز لاسلكي ينظر بوجوه المسافرين !! ولا أعرف مالداعي لهذه التصرفات …وكأنه يستعرض نفسه أمام الركاب …والذي جلب انتباهي فعلا داخل الطائرة ..هنالك مجلة موضوعة أمام كل مقعد هذه المجلة صادرة عن وزارة النقل العراقية …قلبت صفحاتها من الغلاف الى الغلاف …لم أجد موضوعا مهما غير (أوعز السيد الوزير …قام السيد الوزير…أفتتح السيد الوزير…أعرب السيد الوزير ..!! ) وهكذا الخ …لم أجد شيئا فيها غير صور السيد الوزير والمقولات العصماء للسيد الوزير وجولاته المكوكية !!!
المهم …في طريق عودتي الى العراق قررت أن احجز على متن الخطوط الجوية اللبنانية لأرى الفرق طبعا …وبالفعل تم لي ذلك ….ماذا أقول لكم …الطائرة ومضيفات الطائرة !! حقيقة وبدون مبالغة لم تفارق شفاههن الابتسامة الجميلة ..كل واحدة فيهن وكأنها ملكة جمال ….الاسلوب الحضاري الراقي …الخدمة السريعة بدقة متناهية …لاتشعر بنفسك مجرد راكب ..بل يجعلوك تشعرمرغما أنك رئيساً للولايات المتحدة الامريكية !! ..لما تلمسه من ترحاب وحفاوة كبيرة ..
نحن لاينقصنا شيء في العراق وبأمكان الخطوط الجوية العراقية ان تضاهي أرقى شركات الطيران …لكن ماينقصنا هو (التخطيط ) وفن (التسويق) فقط …كل مشاريعنا دون تخطيط صحيح ودون تسويق ناجح ….أبسط شيء أن تقوم خطوطنا الموقرة بتوظيف مضيفات شابات ممن يمتلكن شهادات جامعية ومواصفات شكل جميل (وما أكثرهن في عراقنا ..حملة الشهادات عاطلون عن العمل) والمضيفات القديمات أحول عملهن الى العمل الاداري الارضي داخل المطارات ….ليست معضلة ابدا ….لكن هذا لايتحقق بوجود الوسطات والمحسوبيات التي تنخر جسد وزارة النقل وهيئة الطيران المدني ….