مكارم ابراهيم
لايمكن أن تكون الصدفة أوإرادة الجماهيرهي من كانت وراء فوز الأحزاب الإسلامية في كل المنطقة التي اندلعت فيها الاحتجاجات الشعبية على خلفية القمع والفقر والبطالة والاستبداد السياسي الذي يعاني منه المواطن. هذه الاحتجاجات تحولت بقدرة عجيبة من ثورات الربيع العربي الى ثورات الربيع الاسلامي .
فحسب مايراه المختصون في التحليل السياسي هو أن المخطط الامريكي والغربي قد نجح بامتياز في فوز الاسلاميين(المعتدلين) وذلك حسب برنامج اعادة بناء العالم العربي على اساس مذهبي وديني وطائفي بهدف تفتيت البنية التحتية الديموغرافية للعالم العربي.
وذلك من خلال اشعال الحروب الطائفية لتسهيل بيع الاسلحة المكدسة في معامل تصنيع الاسلحة الامريكية وحلفائها.
فكما هو معلوم للجميع فان أمريكا والدول الاوروبية تعاني اليوم من أزمة اقتصادية ومالية حادة جدا بحيث افرزت هذه الازمة الملايين من العاطلين عن العمل والمستائين من حكوماتهم .
وبالتالي لابد على هذه الحكومات من ايجاد مخرج لهذه الازمة الاقتصادية والمالية وتهدئة غضب شعوبها.
وحقيقة فإن الحل بسيط للغاية وهي إشعال حروب في منطقة الشرق الأوسط وذلك من خلال استخدام عنصر الدين لانه المادة المتوافرة بكثرة وسهلة الاستعمال.
ويمكن ان نأخذ العراق على سبيل المثال فهو مشهد سياسي حي وواضح حتى للاعمى يبين لنا بدقة تفاصيل هذا البرنامج الامريكي والذي حقق نتائج باهرة في تفتيت البنية التحتية للعراق ونشر الارهاب فيها وزعزعة مفهوم المواطنة وتنشيط العمليات الارهابية بين الطوائف المختلفة بحيث تكون هناك حاجة مستمرة لشراء السلاح الامريكي المكدس وكذلك تشغيل الايدي الامريكية العاطلة عن العمل في سوق تصنيع السلاح.
فعندما غزت أمريكا وحلفائها العراق عام 2003 من خلال مسرحية الحرب على الارهاب التي بداتها في غزو افغانستان ثم العراق وضعت الحكومة الامريكية نماذج لاحزاب دينية ومرجعيات ايرانية في السلطة الحاكمة في العراق ساهموا جميعا بنجاح في تثبيت هذا المشروع الامريكي من خلال تقسيم العراق الى مناطق دينية طائفية متعددة متحاربة فيما بينها.
أما على الصعيد العربي فقد تم توصيل الاحزاب الاسلامية الى سدة الحكم وبدون ان تبذل هذه الاحزاب اي مجهود وربما أنها اي الاحزاب الاسلامية صدقت بانها فازت بسبب الديمقراطية او تصورت بان الانظمة الديكتاتورية التي سقطت تمنحها هذه الجائزة تعويضا عن الاضطهاد الذي مورس ضدها في العقود الماضية. وربما انها صدقت مجاملات الغرب لها بانها حقا معتدلة لانها ستتبع مثلها الاعلى رئيس وزراء تركيا اردوغان المعتدل اسلاميا والعلماني . رغم ان اردوغان رغم كل جهوده العلمانية والاسلامية المعتدلة مع هذا لم يوافق الاتحاد الاوروبي على دخوله للاتحاد لانه يمثل دولة اسلامية!
او ربما تتجاهل هذه الاحزاب الاسلامية الفائزة بان وصولها للحكم وبموافقة تامة من حكومة البيت الابيض واسرائيل هي من اجل اشعال الحروب الدينية في المنطقة ونشرالارهاب الذي تدعي الولايات المتحدة وبكل سخرية محاربته نعم ستشعل حروب وسوف تمتد لتاكل الاخضر واليابس وتستمرهي في نهب نفط العراق وليبيا والثروات المعدينة من شمال افريقيا.
لقد تحقق وصول الاسلاميون (المعتدلون) للسلطة في كل من تونس ومصر وليبيا والمغرب على التوالي وبنجاح تام .
حتى الافلام الهندية لم تقوم بإخراج هكذا فيلم دراما تيكي مآساوي او ربما كوميدي ان صح التعبير في تاريخها السينمائي!
ففي تونس نجح حزب النهضة الاسلامي بزعامة الغنوشي في الوصول الى السلطة .
وفي مصر فان الاخوان المسلمين لهم الفرصة الاكبر للوصول الى الحكم في الانتخابات . وفي المغرب فاز الحزب الاسلامي العدالة والتنمية . وفي ليبيا هنأ الامريكان والغرب الزعيم الاسلامي عبدالحكيم بالحاج على جهده في القضاء على القذافي رغم ان عبد الحكيم بالحاج كان هو اكثر رجل ترتعب منه الحكومة الامريكية والغرب باعتبار ان له صلات مع تنظيم القاعدة.
فكيف يمكن لحكومة البيت الابيض التي اعلنت الحرب على الارهاب والقاعدة والجماعات الاسلامية وفي نفس الوقت تقوم بوضعهم في السلطة في منطقة الشرق الاوسط ؟ اليس هذا شئ يجعلنا نتوقف للتامل ؟ بالتاكيد هي تريد اشعال الحروب الدينية بين فئات الشعب وفي الواقع اول الثمار المسمومة قد ظهرت على المواقع الاجتماعية في الفيس بو ك حيث يمكننا مشاهدة صفحات اسلامية ومسيحية تتقاذف وتعلن حربها على بعضها وهذه هي البداية اما النهاية ربما لن نراها لاننا سنكون ربما جثة مرمية على قارعة الطريق اكلتها الكلاب.