رحاب حسين الصائغ
الشعر انفعال وتجربة وحدث منغص.
عندما تنطلق قصيدة يصبح كل ما فيها خارج حدود كل النظريات والفلسفات، الشعر ملك كل العصور لا يعرف التقوقع داخل عصر معين، لأنه ناتج عن فكر ومعاناة تتخطى التعقيد، فلكل عصر مفهوم ولكل جيل معاناة مختلفة تحمل لغتها خبايا تحصدها من حاصل معرفة ذلك الزمان والتجربة المعاشة، للشعر تعبير منطقي جاد يعتصر الشاعر بغض النظر عن كونه أنثى أو ذكر، كلاهما يتحسس الألم ويملك المشاعر تجاه وجوده ولا يختلفان أينما وجدا في هذا العالم، امتلاك الوعي والموهبة والقدرة على التعبير على بث الداخل من المشاعر ومكنونات النفس والوجدان والواقع والتقاط الصور بمجهر يملكانه لغةً تسمى شعر، لا يمنع الشاعر من فضح القصيدة ووضعها كعنوان واضح في جوهر الحياة كشيء معبر عنه، حتى لو لم يكن متعلماً تعليم أكاديمي، للشعر ملكة يحسها ويتحسسها من خلال المعايشة والتعايش مدركا المعاني من حوله، معبراً بالشعر قادراً على توصيل الفكرة بالمحاكاة شعراً، لأن الشعر ملتصق بالواقع منزلق عبر اللغة خارجاً من الخيال المتكون من النفس والفكر، الشعراء ملة ليس لهم نبي ولكنهم لهم دين واحد، هو التفاعل مع الحياة بكل ذراها وذروتها ودقائقها وخفاياها، واقصد الشعر المنطلق من العمق دون قيد أو شرط بل من اجل يكون صرخة في وجه حق أو معرفة أو ظلم واقع لابد من التنبيه عنه معبراً عن ظرف معين، هو الشعر الحقيقي المحمل بالفكر والمستحق المتابعة والدراسة والتحليل والبحث في بعده ألمضموني مهما كان بسيطاً في الظاهر أو قد نكون نجده بسيطاً وليس الشعر الذي يقال في المناسبات أو التمجيد الذي يقال من الحصول على منصب أو مصلحة معينة الذي يضمر في مفرداته الأنانية أو التعالي، لذا الشاعر الموهوب هو من يكتب بلا خوف ويقصد المعالجة فيما يقول ونجد في شعره لذة وسحر من اندماج التضاد الذي يدمغه الشاعر يقصده غير متأثر بالقوالب المقيدة لفكره لواقعه المغاير لزمن آخر ورؤيته لما معاش في البيئة والمجتمع، الشعر هو فن من فنون الحياة يدركها العقل بالفطرة والغريزة، كما انه جنس أدبي مميز ولابد من تلا قح الأفكار بالإطلاع والحصول على ولو في الصين ومتابعة كل ما هو جيد في الأزمنة والأمكنة، كي يحصل الشاعر على ميزة الإبداع ولا تموت بهجة التفرد وسحر البيان وجمال اللغة بصيد المفردة وصياغتها في المكان المناسب وتعيش كخط واضح في التاريخ، وما يميز الشعوب عن بعضها غير الشعر الذي هو من صميم واقعهم وتجاربهم ومعاناتهم التي تعايشوا معها بما قيل من الشعر حينها، وما تحمله القصيدة هو تاريخ ثابت للحقيقة مما يجعل نزعها شيء من المستحيل عن أي محاولة للتضليل من قبل السلطات أو القادة أو من بيده زمام الأمور لتلك الشعوب وحياتها البعيدة عن فهم النفوذ الدكتاتوري، الشعر يشعل قناديل النور في النفس لكاتبه وقارئه والحياة وهو العَلمْ والهوية والشعار والمعبر عن ألذات والجذر ويمثل صورة ذلك المجتمع من موروث وعادات، غايته البحث عن التجدد والخلاص من العبودية، الشعر ليس صناعة آلية أو تقنية علمية هو الخالق لكل الإبداع في هذا العالم والبذرة الأولى لكل تغير حضاري أو فكري يعمل على نسج الخطوط الأولى للجمال من خلال كسر جمود المفردة بإمكانية يملك زمامها الشاعر والدليل ألام عندما تهدأ طفلها تغني له وأصل الأغنية شعر، في الأعراس في الحرب واصل ألاغاني شعر، في حالة الحب أول ما يختلج وجدان العاشق البحث عن كلمات تسكت مشاعره فينظم الشعر أو يبحث عن قصيدة يحسها، والمرأة أول ما يصيبها شيء من ألم تبحث عن ما يشعرها بالاطمئنان والأمل قول جميل من الشعر، والرجل عندما يقهر يكتب الشعر أو يحب سماعه ليأنس من مصادفات الحياة القاسية، وللشعر قدسية تختلف عن أي أو قول آخر من الكلام، الشعر نظم من الكلمات التي لابد من التوقف عندها والبحث في المسببات التي قادت لكتابتها كهوية وشعار وعلم يحدد جغرافية الشاعر.
كاتبة من العراق
[email protected]