فراس الغضبان الحمداني
يفترض بأية خطة في المجالات كافة أن تعتمد على معلومات دقيقة لوضعية المدينة التي ستشهد إجراءات استثنائية لانعقاد مؤتمر أو أية فعالية تراها الحكومة تستحق الاهتمام وعلى اثر ذلك يجب وضع خطة مرادفة تتضمن احترام حقوق الإنسان وخفض مستوى الأنظمة الاستثنائية التي تقود إلى الفوضى خاصة الاختناقات المرورية
لشوارع بغداد ومنافذها من المحافظات التي تمثل اخطر انتهاك لكرامة الإنسان العراقي الذي ظل يعاني كل الانتهاكات برغم التغيير الذي نقله من الحكم الدكتاتوري إلى النظام الديمقراطي.
نقول ذلك ونحن نرى الإجراءات التي يتخذها مدير عمليات بغداد وأركان خطته الأمنية، ولا ندري هل نضحك أم نبكي من شدة المأساة؟ حيث نرى يوميا طوابير السيارات تقف لساعات بانتظار إشارة جهاز كشف المتفجرات المنغولي الذي لم نره يوما يكشف شيئا سوى العطور والبخور ، أو اتباع طريقة التفتيش اليدوي البدائي في صندوق السيارة وكأنما المخططين لتنفيذ الهجمات بالسيارات المفخخة من الغباء بحيث يضعون الألغام والمتفجرات أمام الانظار وهم الذين يشهد لهم الجميع انهم نفذوا جرائم غاية في الدقة حيث مرروا (البعير من خرم إبرة) وفي عقر المنطقة الخضراء المحصنة.
إن الجهات الأمنية المسؤولة عن نقاط السيطرة والتفتيش تطبق خططا تشابه تلك التي نتندر عليها حين نقرأ عن خطة فرض القانون لمدير شرطة الوالي مدحت باشا سنة 1870 أو مدير شرطة الحجاج في الزمن الغابر ولعل أولئك عذرهم المشروع لم تتوفر لهم الأموال أو وسائل اتصال حديثة وأجهزة لاسلكي وأقمار صناعية ولم تكن لديهم سيارات حديثة وكانوا يسيّرون الأمور على ظهور الخيول أو البغال والحمير.
أما نحن اليوم فنقود الأمور بأحدث السيارات وأخطر وسائل التكنولوجيا وإسناد مالي بالمليارات ولكن نقولها وبخجل من القراء، اننا نديرها بعقول القرن الثالث عشر وبنزاهة المسؤولين الحاليين وان ما يحدث اليوم من اختناقات مرورية وتعقيبات أمنية لا تدلل على وجود خطط علمية أو قدرات احترافية أو خبرة في الجهد الأمني والاستخباري أنما العمل ينجز بالمزاج وبدون مراعاة لأبسط قواعد العمل المهني والإداري وهذا ما يكلف البلاد خسائر جسيمة في المجالات كافة وسيكون له التأثير المباشر على المواطن العراقي الذي يدفع الثمن دائما لأسباب لم يقترفها.
برغم أن وسائل الإعلام ومن خلال الناطقين والمستشارين الإعلاميين يروجون لانتصارات وحركة إعمار وتقدم حضاري لا وجود لها على الأرض وهي محض أمنيات ودليلنا آلاف الضحايا الذين سقطوا شهداء وجرحى في بغداد وباقي المحافظات والتخلف الحضاري والاعماري والأخلاقي وما نراه يوميا من شوارع بائسة وبنايات متهالكة وحضارة بائدة وشباب ضائع ومتنفذين فاسدين.
لكن الخسارة الأكبر بعد تبديد الثروات هي انتهاك حقوق الإنسان وتقييد حريته وضياع وقته وإجهاده في أمور تستنفد طاقته في العمل والإبداع ويزيد عليها كثرة العطل الرسمية وغير الرسمية واستمرار انقطاع التيار الكهربائي وأزمة السكن وانعدام الخدمات وزيادة بدلات الايجارات وسرقة الحصة التموينية وتلوث الماء وهجوم الغبار مزيدا من الإحباط والشعور باليأس لضنك الحياة الاقتصادية ولا نبالغ حين نقول إن كل هذه المشاكل تكون تحت السيطرة حين نضع الفاسد المناسب في السجن المناسب ويكون الاسم والوصف يدل على المسمى والموصوف ولكن ليس كل ما يتمنى العراقي يدركه وتجري أمور العراق بما لا يشتهي الشعب المنكوب