قام أحد الأخوة المتابعين بالتواصل معي على الخاص، بخصوص قضية الاعتداء على المحكمة القضائية في شيخ مقصود بحلب، وضرب عدد من موظفيها ضرباً مبرحاً من قبل عدد من الأفراد قدّرهم بخمسين شخصاً؛ رجال ونساء وبينهم عدد من موظفي الإدارة وقوات الحماية، وذلك رفضاً لقرار المحكمة بخصوص أحد أبنائهم والذي أدين بجريمة “قتل شرف” لأخته وأدين فيها (15) خمسة عشر عاماً، مما جعلت العائلة تعتبر قرار المحكمة “ظلماً” بحق أبنهم وأرادت أخذ “حقهم” من القضاة وموظفيها بطريقة عصابات المافيا -بحسب الرواية- والهجوم بالعصي والسكاكين وذلك دون أي اعتبار للإدارة والمحكمة.
طبعاً لم نذكر الأسماء لاعتبارات أخلاقية وقانونية، وكذلك فإننا نعتمد في سرد الحكاية على ما وردنا من معلومات، دون القدرة على التبني تماماً، وإنما فقط نطرحها للرأي العام وبالأخص للجهات المسؤولة، لنقول للجميع؛ بأن قرار المحكمة -إن صدقت الرواية- هو قرار صحيح حيث “جرائم الشرف” تعتبر جريمة جنائية مثلها مثل أي جريمة أخرى، بالرغم من أن العرف الاجتماعي وكذلك القانون الجنائي السوري -وللأسف- تعتبرها جريمة تتعلق بالقيم الأخلاقية و”شرف العائلة” ولذلك تقاضي عليها بأحكام مخففة لا ترتقي للفعل الجنائي الجرمي، مما يجعل الكثيرين يرتكبون جرائمهم تحت ذاك البند لعلهم يفلتون من العدالة. وبالتالي يجب وضع حد قانوني بإلغاء تلك المادة كي لا يلجأ لها أي مجرم للإفلات من العقوبة المستحقة لارتكابه فعل جرمي جنائي.
وهكذا فإن قرار الإدارة الذاتية بهذا الخصوص جيد بإلغاء تلك المادة ولكن ما يؤخذ عليها وعلى بيئتنا الاجتماعية؛ بأنها ما زالت تتعاطى مع القضية من منطلق “غسل العار” و”جريمة شرف”، رغم أن الجرم هو جرم بأي قصد وغاية كان، والمستغرب أكثر هو مساهمة بعض الجهات المنوطة بها الدفاع عن المرأة عن هؤلاء الأشخاص الذين يرتكبون مثل هكذا جرم بحق المرأة مثل “بيت المرأة”، كما ورد في ثنايا الرواية التي وصلتني من ذاك المصدر والتي تؤكد على أن تلك المؤسسة وقفت مع أولئك المعتدين على المحكمة وموظفيها!
بالأخير نأمل من الجهات الأمنية رد الاعتبار للمحكمة وموظفيها وذلك بملاحقة أولئك المعتدين ومحاسبتهم، كما نأمل أن ترتقي مجتمعاتنا في قيمها الأخلاقية والشرفية من اعتبار شرف الانسان في جسد المرأة إلى أن الشرف الحقيقي هو في الدفاع عن الوطن والقضية، فلا نعلم أي شرف وأي أخلاق وقيم تنتهك في علاقة شاب مع فتاة، بينما مناطقنا تنتهك من قبل الغزاة والغاصبين.. حقاً غريب أن يجد المرء في علاقة أنثى برجل انتهاك لشرفه وعرضه وقيمه الاجتماعية والأخلاقية، بينما لا يراها في انتهاك وطنه وبيته ومناطقه وقضيته من قبل جحافل الغزاة الغاصبين، للعلم فقط نقول: بأن أغلب شعوب العالم استخدمت حتى “شرفها المزعوم في جسد المرأة” لتحرير بلدانها، بينما الكثير من أبناء شعبنا مستعد أن يقضي كل عمره خلف القضبان -أو حتى الموت- في سبيل قتل أخت وأم أو ابنة، لكونها على علاقة مع شاب، بينما لا تحركه تلك النخوة للدفاع عن شرفه الحقيقي أمام مغتصب محتل.