الإنسان الجديد للحكومة العالمية
الدكتور صالح الطائي
أثبتت كل المؤشرات أن هناك سعي جاد لإعادة بناء الكون ضمن مواصفات جديدة، فمن الثابت أن القوى العظمى تعمل اليوم على إعادة تشكيل الإنسان، والعمل على تصنيع نوع جديد من البشر يتم بناؤه ضمن مواصفات خاصة عن طريق ما يعرف بالتثقيب الكهربائي الذي يعيد نمط بناء الخلية البشرية ويحول الإنسان إلى إنسان مُصنَّع مخبريا، رغبة في بناء أفراد مرشحون ليصبحوا نواة الشعب الجديد للحكومة العالمية الواحدة، بعد انقراض الانسان التقليدي الذي ستقتله الفيروسات الجينية والحروب البينية والجوع والعطش وانعدام أو ندرة الموارد الطبيعية وحروب المياه والحروب الأيديولوجية. والسبب أن قادة المشروع العالمي أصبحوا يتهيبون ويشعرون بالخطر من تنامي قدرات الشعوب، وقد وجدتُ في الأرشيف وثيقة قدمها هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق إلى الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون تحت رقم (NSSM200)، تفيد أن الزيادة السكانية لدول العالم الثالث تهدد الأمن القومي الأمريكي، وأن الحروب والأوبئة الطبيعية التقليدية لم تعد الوسيلة الناجحة لوقف الانفجار السكاني أو التحكم به، ولابد من اللجوء إلى وسائل غير تقليدية وأسلحة مستحدثة جديدة من بينها التحكم في إنتاج الغذاء العالمي، والتحكم تكنولوجيا في خصوبة النساء، والتحكم في خرائط الـ (DNA) وإعادة تشكيلها، وإفناء أكبر عدد ممكن من الأفواه الأكولة غير المنتجة.
لم يكن رأي كيسنجر مجرد رأي عابر، فهو خلاصة للمداولات الفكرية المستمرة، وتصريح كيسنجر كان الإعلان الرسمي عنه، إذ سرعان ما تم تطبيقه وتطويره في مراحله الأولى من خلال نجاحهم في التحكم بحركة أنواع خطيرة جدا وسريعة الانتشار من الفيروسات، هذا التحكم الذي كانت مرحلته الأولى قد جربت على مدى واسع جدا وغير مسيطر عليه مع فيروس كورونا المنفلت، حيث شخصوا من خلال هذه التجربة القاسية السلبيات والايجابيات، وحددوا خرائط التحرك والتوجيه ضمانا وحماية للنخبة المختارة. أما المرحلة الثانية فستكون برأيي عبارة عن فيروسات جينية مصنعَّة ومسيطر عليها لتتوافق مع أنواع محددة من الـ( DNA) المستهدف، أي تصنيع فيروسات تتولى مهمة البحث عن جينات محددة وخاصة لتهاجمها، فهي مبرمجة على هذا النوع من الحروب، ولا تهاجم جميع البشر ولا تتفاعل مع جميع خرائط الـ (DNA).
وقد تزامن هذا المشروع مع ولادة مشروع آخر مهدوا له إعلاميا من خلال السجالات الساخنة التي أثيرت حول أزمة الغذاء في العالم، والتخويف المبالغ فيه من خطر مجاعة عالمية تهدد العالم بالموت جوعا بسبب الزيادة المطردة في عدد سكان العالم قبالة انخفاض نسبة الأراضي الصالحة للزراعة وانخفاض الإنتاج العالمي من الحبوب الاستراتيجية، وتفاقم أزمة المياه الصالحة للشرب والزراعة العالمية، وندرة المواد الأولية وكثرة الأوبئة البشرية والزراعية والحيوانية الفتاكة ولاسيما الأمراض المشتركة، وانخفاض نسبة الموارد الطبيعية بشكل عام إلى حدٍ لا يكفى إلا لعدد محدود من البشر، لا يزيد في أفضل الأحوال عن 3,8 مليار نسمة من أصل أكثر من سبعة مليارات، بما يعني أن هناك فائضا بشريا يفوق العدد المختار، وبناء عليه لابد من التخلص من العدد الفائض لتجنيب العالم الخيالي ثورات جياع تحرق الأخضر واليابس، وتطالهم نارها.
عقليا وفكريا وعسكريا لا يمكن للحرب التقليدية أن تقضي على هذا العدد الكبير من البشر، فضلا عن المعارضة الشديدة التي سيلقاها مثل هذا المشروع، والتي قد تتسبب بتجمع الشعوب ضمن تكتل جديد يتصدى لهذا الغزو، مما يدفع القوى العظمي إلى استخدام خزين الأسلحة الفتاكة المبيدة التي ستتسبب بمقل من أعدوهم لخدمة مشروعهم، وهذا يفقدهم دعما هم بحاجة إليه. ولذا بحثوا عن وسائل متطورة لا تلفت الانتباه، فاختاروا الحرب الفيروسية الأشد فتكا والأكثر تأثيرا، وأرسلوها تجريبيا للتحكم بعدد نفوس العالم حسب الطلب. وأنا هنا لا أتكلم من منطلق نظرية المؤامرة عن فيروس كورونا، بل أتحدث عما بعد كورونا، وهو ليس ببعيد، ولذا اعتقد، بل أجزم أن القوة التي تملكها الشركات العملاقة العابرة للقارات بما في ذلك الكادر والشخصيات التي يسخرونها لخدمة مصالحهم في العالم كله، تؤكد بما لا يقبل الشك أن العالم تفاحة نضجت بهدوء، وستقع بيد الصهيونية والماسونية وأسر روكفلر وروتشيلد ومورغان التي تتحكم بمصائر الشعوب عما قريب، وأننا كلنا نحمل لهم طوعا وبإرادتنا الأحجار التي سيبنون بها هيكلهم العظيم، والذي ستكون جماجمنا أرضية أسس بنائه الشاهق.
وفقا لهذا التصور أرى أن العالم بل الكون كله بعد كورونا ليس هو كما كان من قبل، حيث بدا البناء العكسي وزخم الترسيخ المبدئي للمتغيرات الكونية بدأً من حرب الفيروسات، والعمل على تغيير الجينات، ووصولا إلى صنع النخبة، صنع الإنسان المسير مسلوب القوى الفكرية والفاقد لاحترام النفس والمغرق بحب الشهوات، ومن ثم تحشيد هذا المنتج البشري الجديد قطيعيا لينفذ ما يؤمر به دون اعتراض، وسيقتضي هذا الإجراء التخلص من كل الأنواع الأخرى بعدة سبل بعضها لم تخطر حتى على بال الشيطان، ولذا أعتقد أن ما يتعرض له الإنسان العربي اليوم لا يخصه وحده، إذ له شركاء آخرون هنا وهناك في العالم يعيشون المعاناة نفسها ويتوجسون الخطر نفسه، وما يحدث ليس أكثر من محاولات لتفعيل هذا المشروع، الذي هو بالأساس بني لكي يغتال الخزين الفكري والثقافي للأمم والشعوب، سعيا لقتل الابداع وإيقاف عجلة التقدم فيها، تزامنا مع استيعاب العقول المائزة وتحفيزها للهجرة مع كل المساعدات التي يقدمونها لها؛ تلك الهجرة التي نسميها دون أن ننتبه لمقاصدها: “هجرة النوابغ” أو “هجرة الأدمغة”، ويتم تطبيق وتنفيذ هذا المشروع الخبيث وفق ثلاث خطوات، هي:
الأولى: تشجيع ودعم العسف والإهمال والحاجة والضنك المادي والحصار الاقتصادي والفكري، وحتى التنمر؛ الذي يتعرض له المفكرون والأذكياء في بلدانهم، فضلا عن عدم الاهتمام بمنجزهم مهما كان نوعه، مع استمرار تعرضهم للمضايقات والتهديد من قبل قوى ظلامية غير معروفة وميليشيات نخبوية بما يؤثر على مشاريعهم، وفي الجانب الآخر التلويح لهم من بعيد بمغريات لا يحلمون بها.
الثانية: الوضع القلق والخطير في البلدان المستهدفة وحالة الحرب العبثية التي تعيشها أغلب البلدان بما فيها بلدان وطننا العربي بدعم من المشرفين على المشروع وتشجيع منهم، بما يتهدد حياتهم وحياة من يحبون موتا أو خطفا أو تهجيرا، وهذا يدفعهم للبحث باستمرار عن ملاذ آمن.
الثالثة: المغريات الكبيرة التي تضعها سلطة المشروع العالمي الجديد أمام أنظارهم، ودفعهم قسرا للمقارنة بينها وبين ما هم عليه في بلدانهم، ترغيبا لهم في الهجرة.
والذي أراه أن جميع النظم والحكومات في العالم كله وليس في شرقنا فحسب ستقف مكتوفة الأيدي، وعاجزة كليا عن التصدي لهذا المشروع بعد أن نجح القائمون عليه في تفريق كلمة الأمم وزرع العداوة والبغضاء بين الشعوب؛ التي كانت حتى الأمس القريب تتكاتف وتتحد في مواجهة الخطر المحدق بها، بينما تحولت اليوم إلى كيانات لا أبالية متصارعة بلا هدف ولا تعرف حتى علام تتحارب!
وبالتالي أرى أن العجز عن تحقيق وحدة مهما كان نوعها ممكن أن يعوض عن طريق التوحد والتقارب وترطيب الأجواء وغلق كل سبل ومنافذ نشر الكراهية والبغضاء ومحاربة المناهج الطائفية والعمل على تقريب المجاميع من بعضها، وبخلافه ستتساقط هاماتنا في وقت ترانا فيه مشغولين بمقاتلة أهلنا.