كان المعذّب عاملا وديا هادئا موضع الثقة لا يمكن استفزازه بسهولة – محبوبا و شغولا في آن واحد و لكن المشكلة كالعادة لم تكن رئيس المصنع بل المشرف العدائي على العمال الذي كان من الصعب العمل معه – كان ينتقد دائما باسلوب شرس و سخرية و يطلب من العمال العمل بسرعة اكثر و ينعتهم بزمرة كسلة غبية – كان صارما يضغط عليهم و يحدد مواعيد قصيرة لانهاء الواجبات و كان العمل تحت اشرافه ببساطة كالجهنم و كان المعذب يستيقظ كل يوم و هو يخاف من الذهاب الى العمل و يشكو من احلام كابوسية الى ان بدأت صحته تتدهور.
سمع رئيس المصنع عن مشاكل العمال مع المشرف لذا دعاه الى مكتبه و طلب منه ان يغير اسلوبه العدائي تجاه العمال و قال له بانه يريده ان يحترمهم و يقدر ولائهم للمصنع – انكر المشرف بداية بانه قاس على العمال و وعد رئيس المصنع ان يحسن اسلوبه و لكنه و سرعان ما غادر مكتب الرئيس عاد الى اسلوبه العدائي الشرس لذا قرر رئيس المصنع ان ينقله الى شعبة اخرى.
لم يسمع المعذب عن نية رئيس المصنع بابعاد المشرف و عندما وجده يستمر بنفس الاسلوب العدائي السابق قرر الثأ ر منه و التخلص منه الى الابد – لم يذهب الى العمل في الوقت المحدد في اليوم التالي ليأسه و همس في نفسه: اذا لا يقوم رئيس المصنع بابعاده فانه يقوم بنفسه بازالته – وضع الفأس في شنطته و ذهب الى المصنع مصمما – حالما راه المشرف شتمه و قال له: ها يا غبي لماذا تأخرت هل تعلم كم الساعة الان – فتح الشنطة دون ان يرد عليه و ضربه بالفأس على رأسه.
اعتقد المعذب عندما رأى المشرف يقع على الارض بانه فقد حياته – ذهب الى البيت و اقفل الباب و اشعل سيجارة المنتصر – حس بان حملا ثقيلا ازيل من اكتافه و هو يتمتع بسحب الدخان الى داخله ليقذف به الى الخارج مع كل همومه – ماذا يعوضه عن سنوات عذابه مع المشرف حتى اذا ابعده الرئيس – نعم هذا هو السؤال: ماذا يعوض عن عذاب المعذبين في كل مكان حتى اذا تم ابعاد الظالم.
جلس على درج البيت بانتظار دق الجرس و وصول الشرطة للقبض عليه – لم يكن خائفا بل كان هادئا – حس بنسمة القناعة و السرور تصل اليه من فتحة الشباك.