عزيزي الاستاذ الغيطي…الى جانب التناقض، الرجل العربي يحتاج علاجا نفسيا
الاستاذ محمد الغيطي… كاتب عظيم، صياد ماهر في بحر الثقافة، فهو يجيد اصطياد المواضيع والمصطلحات التي تثير الجدل، شهادتي فيه مجروحة لأنني من قرائه و معجبيه قبل ولوجي مجال الكتابة، اشكره جزيل الشكر على المقدمة التي اهداني اياها في رده على مقالي، وأن يعترف باهتمامه و متابعة مقالاتي هو وسام عظيم على صدري.
التناقض صفة الرجل العربي بامتياز…موضوع نشرته مؤخرا و انا مقتنعة تماما بكل ما فيه، أثار استياء معظم الرجال و على رأسهم كاتبنا العظيم محمد الغيطي، لكنني اتقدم له بالسؤال ما إذا كان لفظ “التناقض” هو سبب انزعاجه ام أنه اعتبر هذا المقال فرصة لتبرير هجومه على المرأة و خصوصا أنه لجأ الى مناقشة بعض العبارات اقتطعها من جمل طويلة غيرت المعنى المقصود.
” التناقض” هذه الصفة التي تعني اضطراب في الشخصية قد يكون اضطراب مؤقت او مرض نفسي مزمن، لكنه بالنسبة لي ليس صفة ذميمة تجعل الرجال ينتفضون ويستنكرون هذا النعت الذي لم يكن هدفه النقد من أجل النقد بقدر ما كان دعوة للرجل العربي المتناقض الذي نعاني منه نحن معشر النساء لكي يحول هذه الصفة الموروثة من صفة سلبية تهدم روابط و أسسا مهمة الى صفة بناءة و مفيدة للعلاقات الأسرية التي تعاني من مؤثرات عديدة مدمرة، فالرجل العربي المعروف عبر التاريخ بكبريائه المريض، ليس لديه شجاعة الاعتراف بتناقضاته بل ويرمي صفاته الهدامة على المرأة ويحملها مسؤولية التغيير او الصبر من أجل إنجاح العلاقات الأسرية.
الإعلامي و الكاتب العظيم محمد الغيطي، اتهم المرأة بأنها المسؤولة الأولى عن تحويل الحياة الزوجية الى حياة مملة و روتينية و هذا من وجهة نظري نوع من الاضطرابات النفسية لدى العديد من الرجال العرب- مع احترامي الشديد لك استاذي العزيز- هذه المرأة التي تحولت حياتها من حياة الدلع و الرفاهية قبل الزواج، الى حياة مليئة بالصراعات، هي تلك المرأة أيضا التي حاولت أن تجعل منك ابا ناجحا و قاسمتك المسؤولية الكبيرة بل و تحملت القسط الأكبر، فهي بالإضافة الى تربيتها لأولادها واهتمامها الكبير بتعليمهم الى جانب اهتمامها أيضا ببيتها، و الأصعب من ذلك أن المرأة أصبحت في كثير من البيوت تحمل مسؤولية الإنفاق على اسرتها او على الاقل تساعد هذا الزوج الذي يشتكي من الملل و الروتين الناتج عن المرأة.
استاذي العزيز محمد الغيطي، من هي المرأة التي لا تحلم أن تكون تلك المرأة المدللة الجميلة طوال الوقت، رشيقة القوام و الشيك، مرتاحة البال، ليس لها هدف في الحياة إلا تدليل الزوج، كل النساء تتمنى تحقيق هذا الحلم المتوقف على امكانيات هذا الزوج المسكين الذي يعاني الى جانب “الملل” يعاني أيضا ” الفقر” ، هذه هي صورة المرأة في معظم المجتمعات العربية.
استاذي الفاضل محمد الغيطي، الرجل العربي يترعرع في بيئة تضع المرأة دائما في خانة الاتهامات، يراها من زاوية خاصة به على حسب احتياجاته منها، و ينسى أن المرأة بتكوينها الفيسيولوجي و النفسي، مخلوق ضعيف مهما أظهرت من قوة، تحملها الجسدي و النفسي محدود مهما ادعت المقاومة و الصبر، لا تستطيع استكمال الرحلة الشاقة وهي مطالبة بادارة حياتها و حياة من حولها بل و أن تكون المرأة “الفرفوشة” التي تجيد بامتياز فن الدلال لكي تحافظ على هذا الرجل العربي الأصيل و ” المتناقض”…
اخيرا..، رسالتي لك أيها الرجل العربي الذي يعاني من هذه الصفة، التناقض أمر قد يكون طبيعي بل و مدعوم من الطبيعة البشرية، قد يكون أيضا دليلا على استمرارية الحياة بداخل الإنسان اذا نجح في الإستفادة من هذا الاحساس المتذبذب، فبعض التناقضات تكون بناءة و تمنحك سمة خاصة بك، و لا تحاول ايضا ايقاف ابدا شعورك المتناقض ربما يكون علامة لنضجك فيما بعد.