للمرة المائة يمارس السلطان التركي الخائب رجب طيب أردوغان عدوانه العسكري الجديد على الأراضي العراقية في إقليم كردستان العراق. فالشخصية النرجسية والمصابة بتضخم ألـ “أنا”، وداء العظمة، يرسل 18 طائرة حربية لتقصف الأراضي العراقية في جبل قنديل وخواكورك وسنجار، وهي مناطق ليست كلها بعيدة عن القرى الفلاحية والزراعة ورعي الماشية في هذا الفصل من السنة. إنها جريمة مضاعفة، فطائراته الحربية توغلت في الأراضي العراقية قرابة 193 كم، وهو خرق فظ للعلاقات الدولية بين البلدين المستقلين القائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وعلى القانون الدولي الذي يحرم مثل هذا التجاوز الفظ، وهي جريمة لأنها استهدفت فعلياً السكان الكرد القاطنين في تلك المناطق وقراهم ومزروعاتهم ومواشيهم، وهي التي أدت إلى هروب الفلاحين وسكان القرى خشية تعرضهم للصواريخ الكثيفة التي أطلقتها تلك الطائرات المعادية.
لقد بدأ العدوان التركي على الأراضي العراقية منذ أوائل الثمانينيات من القرن العشرين في مواجهة الحركة الكردية العراقية المسلحة وقوات البيشمركة العراقية والأنصار الشيوعيين التي كانت تناضل ضد النظام الدكتاتوري البعثي في محاولة لدعم ذلك النظام وبالاتفاق معه. ثم تكرر هذا العدوان عشرات المرات وتسبب في موت كثير من المواطنات والمواطنين الكرد، ومعهم ضحايا أطفال وشيوخ عجزة، إضافة إلى حرق قراهم ومحاصيلهم وغاباتهم، وبالتالي شارك النظام التركي مع النظام العراقي في عمليات عسكرية جنوبية ضد السكان الكرد في العراق. ومنذ ذلك الحين حتى يومنا هذا يقوم هذا النظام بعمليات عسكرية داخل الأراضي العراقية ويمتلك 23 قاعدة عسكرية منتشرة في الأراضي العراقية، لاسيما في محافظة نينوى وفي إقليم كردستان العراق. ويبدو أن النظام التركي لن يتورع عن ممارسة هذه العمليات العسكرية مرات أخرى ما لم يمارس العراق دوره المطلوب لا في اعتبار ما حصل مجرد استفزاز للعراق، بل اعتباره اعتداءً عسكرياً سافراً وعدوانيا ومطالبة المجتمع الدولي، لاسيما مجلس الأمن الدولي باتخاذ القرار المناسب لردع هذا السلطان القراقوشي من التجاوز على أرض وشعب العراق. وهكذا يفترض أن يكون موقف حكومة الإقليم إزاء مثل هذا الاعتداء التركي الجائر. لقد أدانت الجامعة العربية باستمرار هذه الاعتداءات ولكنها عاجزة عن اتخاذ أي قرار قادر على ردع هذا الدكتاتور عن ممارسة عدوانه العسكري لا على العراق فحسب، بل وعلى سوريا وليبيا أيضاً. كما لا بد من إيجاد لغة مشتركة وتفاهم فعلي ووحدة في الموقف من الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم في الموقف من هذه الاعتداءات التي تحصل بذريعة وجود قوات لحزب العمال الكردستاني (PKK) في الأراضي العراقية ويريد تصفيتها.
إن الدكتاتور التركي ونظامه السياسي لا يريد أن يدرك بأن المشكلة ليست مع حزب العمال الكردستاني ومسلحيه، بل مع الشعب الكردي في كردستان تركيا وحقوقه القومية والإنسانية المشروعة، إنها القضية الكردية التي تستوجب الحل الديمقراطي السلمي، وليس عبر السلاح والقتل، وليس عبر مهاجمة الكرد في أراضي الدولة العراقية والدولة السورية بذريعة التخلص من الحركات الكردية المسلحة من كردستان تركيا أو المؤيدين لهم في البلدين، وليس عبر الاتفاق مع النظام الإيراني في محاربة الحركات الوطنية الكردية في المنطقة كلها. إن تركيا الغارقة في الديون الدولية والداخلية والتي تعاني من أزمة اقتصادية ومالية مستفحلة وبطالة متسعة وفقر واسع النطاق وتراجع في الموارد المالية للسياحة بسبب وباء كورونا، كلها تزيد من عجز الدكتاتور وقادة النظام التركي عن التفكير الواقعي والعقلاني السليم لواقع تركي متأزم ومتفاقم، وتدفع به إلى التهور والمغامرة وقتل الناس في الدول الأخرى. كما تزيد من غلوائه في الادعاء باستعادة أمجاد السلطنة العثمانية واستعادة الأراضي التي كانت تستعمرها سابقاً والادعاء الأجوف والخطير بأن “تركيا هي أكبر من تركيا الحالية”، والتي تجسد الأطماع التوسعية لهذا الدكتاتور ونظامه، والتي تلتقي مع أطباع الدولة الفارسية في العراق واعتبار بغداد وطاق كسرى عاصمة الإمبراطورية الفارسية الجديدة. وعلى قوى الشعب الكردي العقلانية أن تدرك، بما لا يقبل الشك، بأن نظامي إيران وتركيا وكذلك النظام السوري، والقوى المتحالفة معها في العراق، كلها مناوئة جدياً لوجود إقليم كردستان وتتمنى الخلاص منه اليوم قبل غد، وهو شوكة في عيون كل القوى القومية اليمينية والإسلامية السياسية المتطرفة والعنصرية في هذه الدول.
ستبقى مهمة الشعب العراقي بكل قومياته وأتباع دياناته ومذاهبه، بكل قواه الوطنية والديمقراطية، بقوى انتفاضته الباسلة، تغيير الوضع القائم والخلاص من الطائفية وقواها الفاسدة والفساد وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية الحدثة والعلمانية القادرة على مواجهة مؤامرات الدول الطامعة بالعراق وثرواته واستغلال واستعباد شعبه، سواء أكانت دولاً إقليمية أم دولية!
قوات السلطان التركي تواصل عدوانها على العراق
شارك هذه المقالة
اترك تعليقا
اترك تعليقا