حيدر صبي
تتعالى الاصوات بين الفينة والاخرى لتطرح اشكالية العلاقة بين المرجعية والحشد ، والى اين يراد ان تصل مديات تلك العلاقة ، ثم يتسائلون لماذا كل هذا الصمت من قبل مرجعية النجف الاشرف حتى صار استغلال اسمها من قبل قادة الحشد الشعبي قياما وقعودا دونما ان تحرك ساكنا وكانما هناك بات ما يشبه التوجيه من قبلها الى القيادات الحشدية ؟؟؟ .. وحتى نفكك تلك الاشكالية ، ونوضح طبيعة الروابط التي عقدت بازمتها علاقة المرجعية بهيئة الحشد الشعبي والتي بموجبها راح البعض يتهمها بالتخادم مع قيادات الحشد ازاء هذا الصمت من استغلال اسمها . نقول :
الجميع يعلم ان المرجعية اصدرت فتوى الجهاد الكفائي بعدما تجاوز خطر داعش مدنا بعينها حتى اصبح على مرمى من مدن الفرات الاوسط الامر الذي بات يهدد السلم والامن المجتمعي لتلك المدن وحياة المواطنين ، لذا فان فتواها لم يكن يراد منها التأسيس او بلورة فكرة قيام فصائل حشدية او هيكلتها بمسمى هيئة الحشد الشعبي بقدر ما توجب الدفع السريع لمجاميع داعش خارج المواقع الجغرافية التي استمكنت منها وابعادها الى مواقع ابعد بحيث لاتشكل خطرا على مدن الوسط والجنوب . ولم تأتي الفتوى ايضا لتكون ميليشيات خارج سيطرت الدولة فهذا ابعد مايكون عن تفكير المواطن البسيط فكيف بسماحة المرجع الاعلى ؟.
ثم هناك القناعة الاهم التي يجب ان لاتغيب عن افهامنا من كون هناك فصائل عسكرية نظامية تابعة لقيادات داخلة في العملية السياسية قائمة كانت حتى قبل اصدار تلك الفتوى المباركة ، هنا تلك القيادات استثمرت فتوى الجهاد الكفائي لتضم الى صفوفها دماء شابة جديدة هرعت بالالاف ملبية لنداء المرجع ، فيا لها من فرصة عظيمة جاءتهم على طبق من ذهب لتمدهم بالشباب العقائدي دونما عناء .
القيادات تلك هي جوهر تلك الاشكالية ، وهي وحدها من تتحمل مآلات ما وصلت اليه اجهزتنا الامنية من تشظي فهي انزاحت بعد انضوائها لهيئة الحشد الشعبي نحو سياسات دولة جارة كانت تحلم منذ الوهلة الاولى لقيام نظامها ان تستحوذ على العراق من خلال استحواذها على مفاصل الامن والسياسية والاقتصاد مستغلة ما تولد من فراغ داخل الساحة العراقية اثر ابتعاد الدول العربية عنه وكذلك التراخي الامريكي اتجاه السياسية الايرانية الناعمة التي استهدفت بها المجتمع العراقي لاستغلالها للتمذهب الطائفي لذا كانت الفرصة سانحة لها في خضم الحرب على داعش وما وفرته الحكومة العراقية من غطاء قانوني بطلب المساعدة فتوسع نفوذها اكثر لتمتد اذرعها الى جميع المفاصل الامنية في الدولة العراقية لتستحوذ حينذاك على القرار السيادي فبات من السهل بمكان ان تكون مليشيات ولائية مدعومة من قبلها تسليحا وتدريبا وقبل ان يصبح دعمها بعدئذ من اموال ميزانية الدولة العراقية اثر هيكلتها كمؤسسة امنية رسمية لها قانون خاص اقره ممثلوا الشعب وهنا نجحت الجارة نجاحا باهرا ، فهي استحصلت لها الغطاء القانوني وبذات الوقت ظلت قياداتها تتبع توجيهات وأوامر الجنرال سليماني المكلف من قبل المرشد الاعلى بالملف السياسي والامني العراقي وفيما كان هناك من قرار مفصلي وجب على هيئة الحشد اتخاذه وايضا بات الحشد القوة الضاربة لما يعرف بمحور الممانعة ضد السياسات الامريكية بمعنى ان ايران غرست خنجرا بخاصرة التواجد الامريكي في العراق وكما غرسته بعنوان حزب الله بخاصرة اسرائيل ..
تشكلت الكثير من الفصائل المسلحة ومنها ماكان خاضعا لاوامر قيادات تابعة للمكتب المرجعي نفسه شاركت في الحرب على داعش وهي الان موجوده بعنوان حماية العتبات وحماية المراجع فكيف وما يمر به العراق اليوم من حراك شعبي يرقى لمسمى ثورة لنطالب المرجع باصدار فتوى لحل القوة التي تعول عليها لحمايتها وفيما علمنا ان المؤسسة الامنية العراقية اصبحت فاقدة للهوية الوطنية الجامعة ، دون استقلالية ، فهي حشدية ممسوكة من قبل الجارة وقوات جيش تابعة لوزارة الدفاع العراقية وجهاز مستقل لمكافحة الارهاب تشكل بمساعدة وتدريب القوات الامريكية فتشتت الولاءات واصبحت صورة الجيش العراقي مشوهة ومسيطر عليه من قبل الفاعل المليشياوي اكثر منه من سيطرت وزارة الدفاع ؟ .
ووفق صورة هذا الوضع الشائك والمعقد ونفترض جدلا ان المرجعية قامت باصدار فتوى حل الحشد الشعبي او باقلها اصدار فتوى في عدم استغلال اسمها من قبل الحشديين ، برأيكم ستستجيب جميع فصائل الحشد الشعبي لها ؟ ابدا ، ثم كيف لمؤسسة عسكرية رسمية يقوم المرجع حلها بفتوى ؟ .
المسؤولية هي مسؤولية الحكومة العراقية فهي من عليها ان تصدر القرارات وتفك ارتباط قيادات الاحزاب السياسية عن امرة جميع الفصائل الحشدية وقبلها ان تتحلى بالجرأة وتطلب من الجارة رفع اليد عن قيادات تلك الفصائل وتدمجها فعليا لا صوريا وكالذي حدث باصدار الامر الديواني بتوقيع رئيس الوزراء المستقيل فحينها لم تتغير سوى يافطات اسماء تلك الفصائل بينما بقت الولاءات بقت ثابتة وراكزة بعقيدتها الولائية وبوصلتها دوما وابدا متجهة نحو الجارة ، هل هناك من قادة عراقيين نجباء يقدمون على ذلك ؟ لا اظن في الوقت الحالي الا في حال حصول تغيير شامل يطال بنيوية العملية السياسية واحداث تغيرات جوهرية في الطبقة السياسية الحالية ومجيء دماء سياسية جديدة ولاءها يكون للعراق فحسب .