سعد صاحب الوائلي
رغم ان الزيارة أستقبلتها بعضُ الكتل السياسية بتظاهراتٍ منددة خرجت في بضعة مدنٍ عراقية، حيث عدّها المتظاهرون تدخلاً في الشؤون الداخلية للبلاد داعين مسؤولي البلاد الى مقاطعتها.. إلا أن الزيارة التي لم يُعلن عنها مسبقاً حملت العديد من المؤشرات ..
هناك مَنْ رأى أن بايدن جاء متأبطاً مشروعاً لإثارة الفـُـرقة بين الساسة العراقيين.. أخرون وصفــّـوا الزيارة بانها مكرسة لمحاولة إقناع العراقيين بضرورة زيادة عديد الأفراد العسكريين الاميركيين الذين تم الإتفاق على إستبقائهم ومنحهم حصانة قانونية، فيما عدّ البعضُ فحوى الزيارة بأنها للتأثير على سير العملية السياسية لمرحلة ما بعد الانسحاب الاميركي من الاراضي العراقية وإضفاء المزيد من القوة والنفوذ للسفارة الاميركية ببغداد.. والتي يتوقع انها ستكون مركزاً لإدارة العمليات الاميركية داخل العراق وفي محيطه الاقليمي أيضاً.
ووفق قراءة محللين فإن نِقلَةَ التحول الكبيرة في التأثير الاميركي للمرحلة القادمة والتخلي عن الجهد العسكري لصالح الجوانب المدنية والإستراتيجية وضعَ صنـّاع القرار الاميركان في حيرة من أمرهم.. لاسيما وانهم على درايةٍ بمديات تأثيرهم الحقيقي في العرصة السياسية العراقية إذا ما قيست بالتأثيرات الكبيرة لبعض بلدان الجوار الاقليمي في الصعيد العراقي.. الامرُ الذي يتطلبُ المزيد من التنسيق والمزيد من الاتفاقات السرية (وعلى عجل) مع مَنْ وُصِفُوا بـ(الحلفاء المزدوجين) بُغية (صبِ المزيد من المياه في الدلاء الاميركية)، وكذا التشاور مع كبار واضعي القرار في الشأن العراقي لتنجيز (سيناريو خروج) لا يُظهر واشنطن كَمَنْ خرجَ بخفي حنين.. او على توصيفِ البعض بـ(وادعٍ بطعمِ الهزيمة) من الاراضي العراقية.
ومهما يكن من أمر، ورغم ان التوصيفَ المعلن لزيارة بايدن بأنها ” لوضع الخطوط النهائية للإتفاقية الإستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة لمرحلة ما بعد الانسحاب”.. إلا أن دلائل كثيرة تؤشر الى أن الزيارة قد تمثل تجسيداً لإخفاق واشنطن في تحقيق جميع مآربها التي كانت تبغيها من بغداد.. لاسيما ما جوبهت به من إصرارٍ عراقي على عدمِ منح حصانةٍ لمدربيها التي تنوي إستبقائهم في البلاد لأغراض التدريب.
ووفق ما يعلو من توصيفاتٍ ظاهرية فإنّ الزيارة (التي تـُعدّ الثامنة لبايدن الى بغداد منذ 2009) بحثت مع ذوي القرار العراقي ترتيباتِ وجزئيات إنسحاب القوات الاميركية، وكذا إستحقاقات مرحلة ما بعد الانسحاب للأعوام القادمة والضمانات المرادة من بغداد في إدامة علاقةٍ إستراتيجيةٍ وتنمويةٍ مع واشنطن، فضلاً عن إقامة شراكةٍ متينةٍ وعلاقاتٍ – يؤكد الطرفان- على أنـّـها “قائمة على أساس المصالح المشتركة لسنوات عدة”.
الزيارة وكالعادة تضمنت حجماً من وعودٍ أميركيةٍ (وردية) لبغداد بأن واشنطن ستسعى وتواصل مساعيها لدعم ” خطط بغداد الرامية للخروج من تبعات (البند السابع)”. كما لم يفت بايدن أن يبثّ رسائل تطمين للمسؤولين العراقيين بأن بلاده ستعمل على إدامة خطط التمويل العسكري اللازم لإستكمال التمويل الذي إلتزمت به واشنطن تجاه الحكومة العراقية، سواء على صعيد المعدات الاضافية او برامج التدريب للقوات المسلحة وغيرها من القطاعات الاخرى.
المتشائمون من جانبهم، رأوا بأنه وإثرَ كلِ زيارةٍ لنائب الرئيس الاميركي للبلاد يعلو الكثير من اللغط داخل الأروقة السياسية العراقية، وتدبُ الكثيرُ من الخلافات بين الفرقاء، وتطفو فوق أسطح المعترك السياسي أزمات مستجدة (مصطنعة).
اما المتفائلون فيأملون أن يدخل البلدان (العراق واميركا) مرحلة حقيقية من احترام السيادة وتعزيز العلاقات المتكافئة في إطار المنافع المتبادلة وتقديم العون في عمليات إعادة الإعمار المتلكئة في البلاد.. لاسيما في المجالات الحيوية اللازمة لحياة العراقيين وتنامي إقتصادهم.