تجريم التكفير .. تحدي لا بدّ من مواجهته!
يواجه المجتمع البشري على مستوى العالم جملة تحديات خطيرة تترافق مع بدء التحول للدخول في اجواء منجزات الثورة الصناعية الثالثة التي تستند لتحولات تكنولوجية واطر عمل في مجال الاتصالات والنقل والطاقة البديلة.. تسرع من امكانية التحولات العاصفة القادمة التي ستشمل سبل العمل ومواصفات ومتطلبات السكن والنقل وطرق التغذية والعلاج والملبس وكل ما له علاقة بديمومة الحياة وتطورها وفقاً لمستحقات العصر التكنولوجي.. ويكاد التقدم في مجال الطب أن يدخلنا في اجواء التخلص من العديد من الأمراض المستعصية اليوم.. بعد ان اسفرت المنجزات العلمية في المختبرات عن تكوين وخلق العديد من الأجزاء البشرية..
ناهيك عن التطور الهائل في مجال الالكترونيات ومصانع انتاج الريبورتات التي تستبدل الإنسان وتعفيه من اعباء العمل ليتفرغ لبقية مجالات الابداع والثقافة والإستمتاع بمباهج الطبيعة والمنجزات الحضارية الراقية..
وهي مظاهر تترافق مع تراكم الخبرة وزيادة الوعي لدى البشر بغض النظر عن طبيعة الصراعات الاجتماعية بينهم.. تجسد حرصهم على مستقبل البشرية بعد أنْ اصبحت الديمقراطية.. أو إنْ شئت العصر الديمقراطي شأناً عالمياً يطرح المزيد من المفاهيم لتطويرها واغناء محتواها بالقيم الانسانية التي تجسدها جملة تصورات نظرية عن المستقبل تسعى للقضاء على الإستغلال وتفتح الطريق لأمكانية خلق المجتمع الأفضل الذي تسعى اليه المجموعات البشرية والمؤسسات الحكومية التي تضع في صلب اهدافها مهمة الانتقال الى عالم خال من الإستغلال الطبقي قدر الامكان..
واكاد أنْ اجزم اننا نحن الحالمون بالقضاء على الاستغلال .. لا نبتعد كثيراً عن تحقيق هذا الحلم وفقاً لمعطيات الواقع وتحولاته السريعة.. لولا وجود عدة معوقات تعرقل هذا التوجه تبدأ من استمرار وجود الفئات الجشعة التي تسعى للاستحواذ على واردات العالم ممن نقلتهم الشركات والمصانع الحربية الى مصاف المليارديرات ومعهم مجاميع المستثمرين في مجال الخدمات التي تعمل في ميادين غير انتاجية كالنقل والسياحة والاتصالات..
ان كان هذا هو الوجه المشرق للتطور ينبأ بمستقبل افضل نصبو اليه ونتمناهُ..
فإننا نواجه في ذات الوقت.. بجملة تحديات خطيرة لا يمكن اغفالها.. تتمثل في وجود تيارات وتجمعات تقاوم التطور وترفض المستقبل.. تسعى لا لوقف التطور ورفض الانطلاق نحو المستقبل.. بل العودة للماضي.. واحياء ما يمكن اعتباره المعرقلات التاريخية والثقافية للتقدم متجسدة بالدين.. الدين بنزعته المتطرفة الذي يتجاوز حدود الاستغلال الطبقي الى الاستعباد.. ونزعة التوحش التي تبيح القتل.. وتمجد القسوة والعنف .. الذي اصبح فيها الإسلام بميوله العدوانية المكفرة للبشر من بين بقية الأديان.. الشكل الأقبح في هذه الظاهرة التي تتطلب التوقف عندها بامعان وتفحص تجليلاتها المخيفة والمفزعة.. التي بات الدم والقتل هو الوجه المعلن فيها.. في خضم هذه الصراعات الانسانية غالية الثمن.. ليس في بلدان الشرق المتخلفة عن ركب التاريخ فقط. بل في العديد من دول أوربا التي اصبحت هدفاً للمجرمين والقتلة من معتنقي الدين الاسلامي الذي اعلن صيغة دولة الخلافة ـ داعش المتطرفة.. لمواجهة العالم وتحدي شعوبها وحكوماتها ومؤسساتها.. معلنة الحرب السافرة على الجميع.. في صيغة جهاد معاصر.. لنشر الدين ومخلفاته الفكرية القاتلة.. من خلال تبني صيغة دولة خلافة اسلاموية تسعى لاحياء التقاليد البربرية.. كأننا لسنا في عصر التكنولوجيا والعلم.. بل في عصر النبوة والدجل..
ويخطأ من يعتقد.. أن ثمة فرق كبير بين داعش وبقية الاتجاهات الاسلاموية التي توصف بالاعتدال .. وسيخطأ من يعتقد ان الدين الاسلامي برئ من الهمجية.. وسنخطأ إنْ بقينا لا ندرك ان المواجهة مع المتطرفين الاسلامويين باتت امراً لا مفر منه شئنا أم ابينا ويستثنى من هذا التحليل شركات بيع السلاح ودوائر رأس المال في العالم.. التي تستفيد من الأجواء التي يشيعها المتطرفون وتتقبل “خدماتهم” برضا لتسويق بضاعتها عبر صفقات لا انسانية تعتمدُ غض النظر عن شبكات توريدهم للسلاح والمال والخدمات اللوجستية العابرة للقارات..
ان كان لهؤلاء مصالحهم الخاصة.. وباتوا يلعبون على المكشوف مع الدواعش في الليل والنهار.. فان ثمة هناك من بين السياسين في العالم من لا يجرأ على دخول المواجهة ويتنصل من قول الحقيقة ..ويتجنب الحديث عن التطرف الاسلامي بمعسول الكلام.. ضاناً منه وهو في دست السلطة والحكم.. انه سيجنب شعبه من تبعات اجرامهم ويبعدهم من ساحات الدمار..التي بدأت تتسع وتكبر.. لا استثني من بين هؤلاء قادة اوربا.. الذين ارتضوا ان يختاروا حلولاً لا تخرج من اطار المواقف الجبانة عند التعاطي مع هذه الظاهرة.. للاسف فاننا ما زلنا اسيري هذه النظرة وهذا التحليل الخاطئ ازاء الموقف من التطرف الاسلامي وذلك لأن :
اولا: نتعامل مع الاسلام كدين مثل سائر الأديان .. في حين ان الاسلام يشذ عن القاعدة بالنسبة لجميع الأديان ويتجاوز حدوده في التعامل مع غير المسلمين ويستهدفهم.. وكل من هو خارج اطار دائرة الأسلام يعتبر كافراً.. يحق للمسلم قتله والفتك به وفقاً معتقداتهم وتصوراتهم باسم الرب وتعاليم “الدين”.. التي تبيح التخلص من غير المسلمين على الأرض .
ثانياً : تعاملنا مع التاريخ الاسلامي المزيف .. ونفاق رجال الدين عن التسامح والرحمة وما نسب الى الاسلام من قيم كحقائق تاريخية.. في حين ان التاريخ الاسلامي يؤكد منذ اليوم الاول لنشوءه واعلانه انه تاريخ للإجرام والفتك بالآخرين ..ابتداء من رقعة منشأه حيث تم القضاء على العرب الذين لم يدخلوا في اطار الاسلام بحجة الوثنية وانتهاء باليهود والمسيحيين والزرادشتيين وغيرهم من اتباع الديانات التي كانت متواجدة في منطقة الجزيرة العربية وما حولها في بدايات نشوء الاسلام ..
لا بل ان محمداً بنفسه قد مارس القتل واغتصاب وسياسة اذلال الآخرين ووجه بذاته اتباعه لممارسة القتل الجماعي.. ناهيك عن السماح بالنهب والسلب وسرق ممتلكات الآخرين وسبي نسائهم واستعباد اطفالهم.
ثالثاً : مارس الإسلام حملات ابادة واسعة ضد بقية الشعوب.. وقد جرت ابادة الأرمن في الأناضول في حملات عرفت للمؤرخين والسياسين بحملات ابادة الأرمن.. سبقها في عدة بلدان من الشرق الأوسط حملات ابادة شملت..الآشوريين ..السريان..الكلدان .. الإيزيديين وغيرهم ..غضّ المجتمع البشري النظر عنها .. وتجاوز الحديث عن تفاصيلها.. وهذا ما سهل للمسلمين تكرارها واستمرارها بين الحين والآخر .. وكان افدحها واشنعها ما نحن فيه اليوم من جرائم تركتب تحت راية ..الله اكبر.. لا اله الا الله ..محمد رسول الله .. من قبل دولة الخلافة ” داعش” اليوم في سنجار وسهل نينوى وبقية المدن المستباحة..
رابعا: شكل التاريخ الاسلامي بحد ذاته تواصلا للجريمة شملت كافة قادة المسلمين بمن فيهم محمد الذي يعتقد انه مات مسموماً ومن بعده قتل واغتيل بشتى الطرق الخلفاء المسلمون ومن ثم بقية الخلفاء في العهد الأموي والعباسي والعثماني الذي تشهد سجلاته في كافة هذه العصور على المئات.. لا بل الآلاف.. من جرائم الاغتيال ..الحرق .. الصلخ.. النفخ ..الذبح .. سمل العيون.. الشوي على النار.. تقطيع الأوصال.. الموت على الخازوق .. بالجوع والعطش .. بين الفئات الحاكمة التي تسلسلت تحت راية الإسلام من جهة.. وطالت العلماء والمفكرين والمثفين والنساء وغيرهم ممن ابتلوا أو اجبروا على العيش بينهم .. غدر بهم لشتى الأسباب والدوافع بذرائع واهية وتافهة.
خامساً : كان التعاطي مع الإسلام كدين خطأ تاريخياً لم تتوقف عنده البشرية لأكثر من 1400 سنة مرت على نشوئه.. ونشأت معه منظومة جرمية متكاملة كبرت وتوسعت لتفتك بالمزيد من الأبرياء وباتت تهدد الناس والحضارة تشكل خطراً على السلم والاستقرار في العالم .. وسواء كان هذا التعاطي نتيجة جهل او عدم معرفة او لسوء ضن تجنباً لمواجهة من يحملون سيف الإسلام واسفر عن هذه الخسائر الفادحة و ضياع كل هذا الزمن منا.. فاننا مطالبون اليوم بوقفة جدية امام هذا الهول الكارثي ..وإن كان الموقف يتطلب المزيد من الجرأة والشجاعة من قبل الجميع.. فاني ادرك بيقين راسخ اننا انْ لمْ نقلها اليوم.. سنقولها غداً مجبرين..
ان هذا ليس بدين..
ليس تاريخ الإسلام تاريخ دين..
ليس في الإسلام ماهو بدين ..
وتبعا لهذا ليس هناك ما يمكن ان نعتمده لتصليح هذا ” الدين”
وليس هناك متسع من الوقت للتساهل مع اتباع هذا “الدين”
ومن الواجب أنْ نتخلص من هذا الإرث الإجرامي.. والأولى بنا أن ندعو لتهديم صرح الإرهاب..
ليس هناك حل آخر غير مواجهة الإرهاب مواجهة شاملة .. وعندها .. عندها فقط .. سيسقط المنافقون الانتهازيون الذين يتعاطفون مع الدواعش من المسلمين.. وغيرهم من تجار الحروب وصناع الأزمات في العالم.. وحينها.. حينها فقط ستسقط داعش.. ونكون جزء من التوطين الانساني الحقيقي للعصر الديمقراطي المقبل شئنا أم ابينا ..
ان تكفير المسلمين لغيرهم .. في هذا العصر.. يعتبر عاراً بحق الإنسانية.. وجريمة فادحة ينبغي التصدي لها من قبل المجتمع الدولي والحكومات الحرة ومنظمات حقوق الانسان .. ومن الأولى بنا مطالبتهم بسن تشريعات وقوانين تجرم التكفير فوراً..
ـــــــــــــــــــــــ
صباح كنجي
منتصف تموز/2016