صائب خليل
بضعة حسابات بسيطة للأرقام التي قدمتها حكومة الإقليم تمكننا أن نستنتج بأن “كردستان تقر بأن كل كردي يحصل على حصة ما يقارب عربي ونصف من الميزانية العراقية”. نحتاج فقط أن نجري حساباتنا بأنفسنا ولا نعتمد على العنوان التضليلي الذي نشر تحته الخبر والذي يقول: “برلمان كردستان: ميزانية الاقليم ازدادت بنسبة 9% وتشكل 10.7% من موازنة العراق”.
جاء في الخبر الذي نشر في 12حزيران 2012 عن (آكانيوز): “ذكر رئيس اللجنة المالية والشؤون الاقتصادية ببرلمان كردستان، اليوم الثلاثاء، ان ميزانية الاقليم للعام 2012 الحالي تبلغ 10.7% من الموازنة العامة للعراق، أي بزيادة 9% من العام الماضي، إلا أن حاجة مؤسسات الاقليم للعام الحالي تفوق 20 ترليون دينار عراقي.”
وقال آراس حسين في تقرير للجنة المالية النيابية، ان “الموازنة العراق لعام 2012 الحالي تبلغ 117 ترليون و123 مليار دينار عراقي، حصة اقليم كردستان من هذا المبلغ للعام ذاته تبلغ 12 ترليونا و604 مليارات، أي بنسبة 10.7% من موازنة العراق”….
ولفت الى ان “عدد سكان اقليم كردستان يبلغ 4 ملايين و189 الف شخص، ويشكلون 12.6% من مجموع سكان العراق”.(1)
أول ملاحظة وجدتها هي الإشارة إلى ان نسبة سكان الإقليم إلى العراق هي 12.6% !! ويفترض أن تثير هذه النسبة فوراً التساؤل عن حصة الـ 17% المتفق عليها للإقليم والتي يفترض أنها نسبة السكان التقديرية. لكن بعد قراءة الخبر، لا تجد لهذه النسبة أثراً، بل الحديث عن 10.7% . ما الأمر؟ هل تم تخفيض ميزانية كردستان المتفق عليها من 17% إلى 10.7% كما يقول الخبر؟ متى حدث ذلك، ولماذا لم نسمع أي ضجيج حوله؟ ولماذا إذن لا يحمل هذا الخبر أي نوع من الإحتجاج على ذلك، أو حتى الإشارة إليه؟ … القضية واضحة كالشمس… لكن دعونا نتأكد…
نذهب إلى مصدر الأرقام عن الميزانية العراقية، نجده منشوراً هنا مثلاً بعنوان “تفاصيل أضخم ميزانية للعراق منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921″، والذي نقل عن الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ إن الموازنة العامة الاتحادية لعام 2012 كانت (117) ترليون دينار بزيادة 22% عن العام الماضي. …. وقال الدباغ إن حصة إقليم كردستان قد بلغت 12.6 ترليون دينار أي بنسبة 17% من مجموع النفقات التشغيلية ونفقات المشاريع الإستثمارية للموازنة العامة… بعد إستبعاد النفقات السيادية. (2)
تقرير الحكومة المركزية يشير إلى 17% وتقرير كردستان يشير إلى 10.7% فأي منهما نصدق؟ أي منهما يمثل حصة كردستان؟ ولماذا تقف نسبة سكان كردستان بينهما: فلا هي 17% ولا هي 10.7% وإنما 12.6% ، علماً أن تلك الحصة يفترض أنها تمثل نسبة السكان؟
السر أيها الأصدقاء في الكلمات واللعب عليها. فالإتفاق هو أن توزع الميزانية “بعد حسم النفقات السيادية” على المحافظات حسب نسبة نفوسها. والسبب هو أن النفقات السيادية يفترض أنها تفيد الجميع وبشكل أو بآخر، حسب نسبة نفوسهم، مثلما يصرف على الحكومة والبرلمان والجيش الإتحادي(!)، وبقية مؤسسات الدولة العامة التي يستفيد منها الإقليم والمحافظات جميعاً فالنفقات السيادية التي تصرف على هذه المؤسسات هي أيضاً موزعة على الجميع.
لو راجعنا تقرير كردستان فهو لا يذكر أي شيء عن تلك النفقات السيادية، وإنما يطرح الأمر فقط أن نسبة حصة كردستان. إنه يقول: “ان ميزانية الاقليم للعام 2012 الحالي تبلغ 10.7% من الموازنة العامة للعراق”. وهو لا يكذب في ذلك بشكل رسمي، إنما هذه النسبة التي يوحي التقرير بأنها حصة كردستان من ميزانية العراق، بينما هي فقط الحصة التي تسلم إليه نقداً، أما الحصة الكلية فهي تشمل إستفادته من “النفقات السيادية”، والتي يفترض أنه يستفيد منها بمثل نسبته السكانية المحسوبة.
صحيح أن ما يستلمه من مبلغ يساوي 10.7% من الموازنة الكلية، لكنه يساوي 17% من الموازنة التي يتم توزيعها، وهو يحصل على 17% أخرى من نسبة النفقات السيادية، بشكل ما. وبالتالي فما ينفق على كردستان هو في الحقيقة 17% من الميزانية الكلية، وليس 10.7% منها!
لهذا السبب، يتجنب آراس حسين، رئيس اللجنة المالية والشؤون الاقتصادية ببرلمان كردستان، اية إشارة إلى كل من الـ 17% في اي مكان، وكذلك عبارة “النفقات السيادية” فذكر أي منهما ستفضح المراوغة التي في التقرير. بالمقابل فأن نسبة الـ 10.7% التي لا تعني شيئاً ولا تمثل نسبة حصة الإقليم إلى حصة مناطق العراق الكلية، يأتي ذكرها مرتين في التقرير، إضافة إلى ذكرها في عنوان الخبر نفسه! وهذا برأيي يدل على وعي تام بالمراوغة ومحاولة إخفاءها من خلال ذكر نسبة لا معنى لها، وتكرار تلك النسبة عدة مرات! وكذلك تذكر “حاجة الإقليم” إلى مبالغ أعلى مرتين في التقرير، مع الإشارة إلى أن الحكومة لا تستطيع أن توفر سوى نصفها!
إذن، وبعيداً عن التلاعب بالأرقام ومراوغات السيد آراس حسين، فكردستان تعترف بما كنا نعرفه منذ زمن طويل، بابتزاز العراق، والحصول على نسبة 17% من ثرواته لنسبة 12.6% من سكانه. أي أن كل كردي يحصل على ما يعادل ما يحصل عليه 1.35 من العرب، أو أن كل ثلاثة أكراد يحصلون على ما يحصل عليه أربعة عرب.
هذا بالإعتماد على أرقام كردستان فقط، وباعتبار أن إحصاءهم السكاني سليم، (علماً أن لهم كل المصلحة في تزويره نحو الأعلى) وايضاً أن ننسى المبالغ الأخرى المسروقة أيضاً من حصة الميزانية الإتحادية مثل مردودات الكمارك والنفط المهرب، والتي إن حسبناها بأدنى الارقام فأن قولنا بأن “حظ الكردي مثل حظ العربي ونصف” لن يكون به أية مبالغة، بل تساهل! وربما إن حسبنا كل شيء واحتمال تزوير إحصاء السكان، فقد يكون “حظ الكردي كمثل حظ العربيين”!
لكن دعونا نكتفي لسهولة الحساب والمحاسبة بما تعترف به كردستان فقط. أمامنا حالة إبتزاز واضحة: من كل أربعة عرب، تسلب حصة عربي ويجبرون على تقاسم حصص الثلاثة على أربعة أشخاص، وتوزع هذه الحصة على الكرد. بأي حق وكيف يبرر ذلك؟
لنعد بضعة سنوات إلى الخلف. كتبت في مقالة لي بعنوان “لا تدعوا جريمة البرلمان العراقي العنصرية تغور في ذاكرة العرب عن الكرد” بينت فيها احتجاجي على الإبتزاز الكردي وقلقي مما سينتج عنه مستقلاً، وأنقل لكم منها معلومات من أجزاء مختارة مطولة:
احتج البرلمانيون العراقيون العرب، فحسب اسامة النجيفي نسبة الكرد 12.8في المئة (وكان في ذلك الحين يريد أن يصعد بادعاء المطالبة بحقوق العرب)، وطالب الصدريون بتقليل نسبة الـ 17% الى 13%، وهو الرقم الذي اقترحته الدائرة الإقتصادية في وزارة المالية اكثر من مرة، وهو أيضاً الرقم المعتمد في تطبيق مشروع النفط مقابل الغذاء، اما البطاقة التموينية فاعتمدت على نسبة 13.5%.
رأى حيدر العبادي رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب أن تخصيص نسبة 17% من ميزانية البلاد للإقليم غير دستوري وبعيد من عملية تقسيم الميزانية على أساس نسبة السكان وهو أخذٌ لحقوق الناس الآخرين في العراق ومنحها للأكراد . وأضاف “لقد كانت عملية تقسيم الميزانية في الأعوام السابقة تجرى على أساس الاتفاقات السياسية وليس القانونية” مشيرا إلى أنه من الجائز بل من الضروري أن يتم حل تلك المشاكل وذلك بقيام كل طرف بتقديم بعض التنازلات للطرف الآخر .
لاحظوا ان الطبيعي ليس فقط وقف هذا الـ “اخذ لحقوق الآخرين” غير الدستوري فوراً, بل وأيضاً اعادة ما اخذ منهم في السنوات السابقة، وربما اعتباره قرضاً وحساب ارباح عليه. لكن العبادي يقترح حلها من خلال التنازلات، والتي لا تعني سواء ازالة بعض الظلم وابقاء الباقي مستمراً
عادل عبد المهدي قال ان الأكراد يجب ان يحتفظوا بالنسبة لأنها ” مقررة قانونًا” متجاهلاً الدستور الذي يؤكد على حصة متساوية. واما موقف الحزب الشيوعي فكان على لسان حميد مجيد موسى كالعادة اشبه بتقرير صحفي محايد يخبرنا عما يجري في حالة عدم الأتفاق من اجراءات…الخ دون المخاطرة باتخاذ موقف محدد. وجاء على لسان مفيد الجزائري على شكل حديث عن “تنفس الصعداء” بعد القرار وعن ” مصالح ذاتية وحزبية وفئوية ضيقة” والتجربة المؤسفة التي عاشها المجلس دون تحديد القصد ومن يلوم في ذلك ولماذا. وهو حين يقول ان التوصل الى القرار جاء عن طريق التنازلات “المتقابلة” فهو لا يخبرنا عن التنازل الذي قدمه الكرد ويفشل في ان يقول لنا ان الكتل الباقية تنازلت عن ما هو ليس حقها في سبيل مصلحتها المباشرة.
كان رد فعل القادة الأكراد بلا استثناء احتجاجياً، على “الحملة الشوفينية العربية” التي تريد سلب الشعب الكردي “حقه”. مسعود البارزاني قال عن الـ 17% انها جاءت ” بموجب اتفاق سياسي تم الاتفاق على هذه النسبة لاقليم كردستان ونحن نرى ان هذه النسبة هي اقل من النسبة الحقيقة ولكن قبلنا بهذا حسب اتفاق سياسي الى ان يجري احصاء في العراق.”
وقال دارا يارة ممثل رئيس إقليم كردستان لشؤون الأعمار إن “الحكومة المركزية تحاول تقليص حصة إقليم كردستان من الميزانية العامة للعراق إلى 13%، وتقوم بخلق الأعذار والحجج لتحقيق ذلك”. وأكد يارة ان “القيادة الكردية متفقة فيما بينها من اجل الحفاظ على المكتسبات التي حققتها”.
وخلال اجتماع مع وفد السفارة الأميركية شدد رئيس برلمان الإقليم عدنان المفتي على انه “لا يمكن تخفيض نسبة الإقليم … إلى اقل من نسبة 17% لان هذه النسبة مقرة منذ عهد مجلس الحكم الذي تشكل اثر سقوط النظام السابق عام 2003”.
وقال عضو البرلمان عن كتلة (التحالف الكردستاني) سامي عبدالله الاتروشي: ” المشكله الرئيسية تتمحور حول عدم وجود أرقام وإحصائيات دقيقة للنسب السكانية، فالعراق لم يشهد إجراء أي إحصاء سكاني منذ العام (1987).. وبالتالي فنحن نعتقد بأن هناك زيادات طرأت على سكان إقليم كردستان.”
والإحتيال في هذا القول أن القضية لا تتعلق بعدد سكان الإقليم بل بنسبتهم، ولا يوجد مبرر للإعتقاد بأن زيادتهم كانت أكبر من نسبة الزيادة في بقية العراق.
ومحمود عثمان رفض الفكرة وذكّر بأن الحصة الكردية في ميزانية الدولة قد تم إقرارها في عهد رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي بموجب اتفاق سياسي وبعلم من الولايات المتحدة وبريطانيا.
لحل الخلاف لجأ مجلس النواب الى وزارة التخطيط وقال الكرد انهم سيقبلون رأيها ان كانت “قريبة من الواقع” (!)- حسب كلمات آزاد بامرني. وقال سامي الأتروشي:”لو كانت الأرقام التي ستقدها وزارة التخطيط متطابقة مع الأرقام التي بحوزتنا فلسيت هناك خلافات بشأن ذلك (!!)، أما إذا كانت الأرقام غير متقاربة فسنعمل على نقض مشروع الموازنة، حتى لو وصل إلى هيئة الرئاسة.”
وجاءت تقديرات الوزارة اقرب الى تقديرات المعترضين فتمسك الكرد بالـ 17% وشكك فؤاد معصوم بتلاعب الموظفين بالأرقام.
وقال الكرد أن الإحصاءات صارت قديمة، رغم أنهم لم يكونوا يمتلكون أية إحصاءات أحدث!
ويذكر ان الأكراد حاولوا في بداية الأمر بإصرار الحصول على نسبة 25% من الموازنة وهو ما يقارب ضعف تقديرهم السكاني وفق الإحصاءات المتوفرة!
مثيرة للإهتمام اكثر عبارة سامي الاتروشي: “حسب أرقام وزارة التجارة في حكومة كردستان، فإن نفوس سكان الإقليم تبلغ أربعة ملايين وسبعمائة ألف نسمة، ما يعني أن نسبة الإقليم تكون (16%) من واردات النفط”. وهذا الإستعداد للتراجع اعتراف بان النسبة مزيفة. كذلك نلاحظ هنا أن عدد سكان الإقليم المقدم في عام 2008 هو أقل من الرقم الحالي (عام 2012 أي بعد أربعة سنوات) بنصف مليون نسمة، والرقمين من كردستان!
الأتروشي كان منزعجاً من البرلمانيين الكرد، ليس لموقفهم اللامبدئي, وانما لعجزهم عن التصدي لـ “المد الشوفيني الذي يسود بغداد ومدننا عراقية اخرى” حسب تعبيره، متجاهلاً ان اكبر محرض على هذا “المد الشوفيني العربي” هو مثل هذه “المكاسب التأريخية” الظالمة في سرقة النفط ونسبة الموازنة التي يحققها السياسيين الكرد انفسهم, وان قدرة هذه المواقف على اقناع الشارع العربي بالشوفينية اقوى بما لايقارن من قدرة مهووس عربي يصرخ بدعوات شوفينية مضحكة.
عدا هذا الصوت اللصوصي الموحد لبرلمانيي الكرد، كان هناك صوت النائب اليزيدي (الوحيد) أمين فرحان، الذي رفض هذه السرقة العلنية قائلاً” إلى جانب اعتراضنا على آلية توزيع حصص الواردات النفطية على المحافظات والأقاليم، فهي ليست متكافئة مع النسب السكانية لكل منطقة.. فنحن نعتقد بأن إقليم كردستان أخذ أكثر مما يستحق في الواقع السكاني، وهذا بحد ذاته إشكالا يجعلنا أمام مسؤولية عدم التصويت لصالح الموازنة المالية”.
وكتب صديقي شيروان محمود اقتراحاً في مقالته الرائعة “نفط العرب للعرب.. نفط العرب للاكراد” (4) يشرح فيها تاريخ ظلم الحاكم العربي للكرد ونفطهم المشترك في كركوك، (والذي يجب أن نفهمه جيداً) لكنه لا يبرر إعادة الكرد للظلم معكوساً فيقول: “علينا بالتالي الدعوة الى آلية تعيد للطرف المغبون ما حرم منه اذا اثبتت احصائية قادمة صحة ادعاءاته, او تجبره على اعادة ما اخذه دون استحقاق اذا ما ثبت العكس.”
إنتهت إقتباساتي من مقالتي القديمة، والآن نعود الى الواقع لنقيمه على ضوء هذا التاريخ وعلى ما كشف الآن من حقائق.
إننا ببساطة تامة أمام عملية إبتزاز تاريخية استغلت لحظة ضعف للحكومة المركزية، ويكاد لا يمر العراق بلحظة ضعف، إلا وكان هناك إبتزاز كردي لتحقيق مكسب سياسي أو لصوصي. العرب العراقيين الآن أمام وضع تمييز عنصري صريح ومثير للغضب. فليس فقط أن اموالهم توزع بشكل تمييزي ضدهم وإنما يشمل ذلك حصتهم في البرلمان وغيرها من المؤسسات، فالـ 17% ، رقم ابتزاز تم وضعه بالتآمر مع الأمريكان أيام سلطتهم المطلقة في فترة مجلس الحكم، وتم تثبيته في وقت أياد علاوي الذي يبيع كل شيء من اجل مصالحه، وكان فريق لصوص يحكم كردستان، تربى على النظرة الإسرائيلية للعرب، ومازال هذا الحال لم يتغير كثيراً.
لقد كانت كردستان دائماً مركز حماية الفاسدين الهاربين من القانون، وكانت دائماً مؤيدة لمشاريع التقسيم الأمريكية الإسرائيلية للعراق ، حتى حين لا يكون لهم علاقة بها، مثل مشاريع بايدن. ولم يكتفوا بعقود نفط مشبوهة، وإنما راحوا يبحثون عن ضعاف النفوس من السياسيين العراقيين مثل أثيل النجيفي، لحثهم على بيع وطنهم وخيانة ناخبيهم ومشاركة كردستان في سرقة نفط محافظاتهم التي انتخبتهم لحمايتها من التوسع الكردستاني أصلاً، وبغض النظر عما يمكن أن يعنيه ذلك بالنسبة لمستقبل العراق.
لقد كان هذا معروفاً، لكن الجديد في الأمر هو أن أرقام حكومة كردستان نفسها عن الميزانية والنفوس تقول للعرب الآن بكل وضوح “إننا نبتزكم وأننا نجعلكم تقبلون بموقع أدنى منا كمواطنين في العراق، وهذه حكومتكم لا تفعل شيئاً أو لا تستطيع أن تفعل شيئاً”.
لقد كتبت مقالتي السابقة الذكر قبل أعوام محذراً من تثبيت هذه العلاقة الخطرة بين العرب والكرد، وأسهم صديقي شيروان في ذلك التحذير بتقديم اقتراح في الأمر. وإذا كان الإبتزاز يخص الشعب العربي في العراق، فإنه لا يهدف إلى رفاه الشعب الكردي بالضرورة، فحين بدأ هذا الإبتزاز كانت حكومة كردستان تضع الأموال كلها في جيوبها وتوزعها كما تشاء بلا ميزانية.
ولو لاحظنا صيغة الخبر الكردي، فسنرى أنه كتب لكي يخدع القارئ الكردي ويحرضه ضد العرب، فهو يجعله يتصور أنه مظلوم وأنه يأخذ أقل من حقه، باعتبار أن الشعب الكردي يبلغ 12.6% من النفوس ويحصل على 10.7% فقط من الميزانية!، وبالتالي فأن العرب يسرقونه، ويمنعون عن كردستان ما تحتاجه لتطوير نفسها، ولذا فلا بأس من استمرار سرقتهم بالنفط المهرب ومبالغ الكمارك وغيرها. هذا في الوقت الذي تسطو حكومة كردستان على بضعة مليارات دولار من حصة العرب من الميزانية كل عام (بحدود 3 مليار دولار هذا العام، بحسابات أرقام كردستان نفسها) إضافة إلى ما تسطو عليه من حقوق الكرد أنفسهم.
إلى أين سيصل الأمر في هذه العلاقة الغريبة مع حكومة كردستان؟ هل يجب على العربي من أجل إدامتها أن يحاول أن ينسى الحقائق المؤلمة مثلما يفعل سياسييه، ام أن يقر بالواقع ويقبل أنه مواطن من درجة أدنى في بلده؟ طالما هوجم الإسلام باعتباره يميز الذكر فيعطيه مثل حظ الأنثيين من الميراث. ويبرر الإسلام ذلك باعتبارات إجتماعية وأن الذكر هو الذي يصرف على الأنثى، فكيف يبرر سياسيونا أن يكون للكردي مثل حظ عربي ونصف في العراق؟ وما خاتمة هذا المسار المخجل؟
(1) http://www.aknews.com/ar/aknews/2/311910/
(2) http://alhurrya.com/?p=3653
(3) http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/18prl.htm
(4) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=125208