العرب وخطيئة التحالفات الدولية
بقلم: الدكتور زاحم محمد الشمري
بدأت الولايات المتحدة الامريكية قبل وقت ليس بالقليل بسحب المنطقة العربية الى منزلق خطير لا تحمد عقباه ابتداءً من مشروع الشرق الاوسط الكبير مروراً بما يسمى الربيع العربي لتفعيل دور القاعدة في المنطقة العربية وانتهاءً بتدعيش المنطقة بمتطرفين إسلاميين تم اعداهم سلفاً لهذه المهمة لاستكمال متطلبات التخريب والتدمير لكل ما هو إيجابي في التنمية الاقتصادية والبشرية في البلدان العربية.
المؤلم في هذا الصراع ان الدول العربية ساعدت وبشكل مباشر في خلق هذا الواقع المرير الذي تعيشه الآن بعد انخراطها بطريقة او باخرى في تحالفات تكون فيها الخاسر الأكبر دائماً بسبب التبعية ومصادرة قرارها السياسي الأمر الذي جعلها ساحة للصراع العالمي من خلال ادخالها في تحالفات وهمية تعمل على عكس إرادة الشعوب العربية ومصالحها القومية والإقليمية.
ومن هذا المنطلق اصبحت البلدان العربية ضحية تلك التحالفات بعد ان تحولت أراضيها الى ساحة للصراع الاقليمي والدولي بين القوى العظمى حين سمحت بذلك بمحض إرادتها او رغم عنها. فبدل ان تحاول ابعاد الخطر عن حدودها الإقليمية وبكافة الطرق والوسائل مثل ايران أمست البلدان العربية منطقة استقطاب عالمي للتطرف وانتهاك السيادة والإبادة الجماعية لمجتمعاتها دون رحمة او إعطاء فرصة لإعادة التفكير في صياغة المواقف.
والسبب فيما تقدم بين للعيان حيث يعزى الى عدم وجود رؤية ومنطلقات ذات ستراتيجيات مشتركة ضمن الإجماع العربي تحدد السياسة الخارجية للبلدان العربية، خاصة فيما يتعلق بالتحديات الدولية والإقليمية التي تهدد مستقبل الكيانات العربية سياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعياً.
ان عدم التخطيط والتفكير ملياً في المستقبل القريب والمتوسط والبعيد للشعوب العربية من قبل القائمين عليها وتغليب “الذات” و”الأنا” على المصلحة العامة جعل الأزمات تتوالى والتراجع سريع في جميع المجالات من ضمنها التخلف المجتمعي الذي أدى بالنتيجة الى العسرة في ولادة طبقة مثقفة سياسيا واقتصاديا قادرة على اخراج المجتمعات العربية من الوضع المؤلم الذي تعيشه. فحين نوجه النقد بهذا الاتجاه لابد لنا ان نقدم رؤية تتضمن بعض الحلول التي ربما نستطيع من خلالها تحقيق طموح يراود النفس لكل مواطن عربي يسعى الى مستقبل مشرق يتسم بالتوازن النسبي بين الشرق والغرب … هذا في حال سمع الآخرون وفكروا فيما نقول ونتمنى حتى لا يكون انضمامهم الى التحالفات الدولية خطيئة يدفع ثمنها الأجيال.
اذاً، حين تريد الدول العربية، حسب رأينا المتواضع، أن تكون جزءاً من التحالفات الدولية في صراع غامض تعددت اطرافه، فما عليها إلا أن تشرع بتشكيل خلية ازمة من ذوي الاختصاص لبلورة موقف مشترك بالمشاركة من عدمها بعد بيان الايجابيات والسلبيات لهذا التحالف او ذاك وتشخيص المصلحة العامة للبلدان العربية مع تحديد القوى المؤثرة والفاعلة في حسم الصراع لصالحها مصحوبة بدراسة تأريخية لدورها في المنطقة شريطة ان يتوفر الجهد الاستخباري للحصول على المعلومة الصحيحة لما يدور خلف الابواب المؤصدة للقوى الفاعلة والتنبأ بالنتائج وتحديد نسب النجاح والفشل ووضع خطة بديلة جاهزة للتنفيذ في حالة الاخفاق او الفشل لتلافي الموقف والخروج باقل الخسائر… وهذا كله مرتبط ببناء جسور الثقة بين جميع الأطراف العربية.