حسن حاتم المذكور
حراك الواقع العراقي وضغط الرأي العام والصامت من غضب الناس الى جانب فوضى تعقيدات الحالة العراقية ’ جعلتنا لا نميز الموقع السليم لأقدام مواقفنا ’ كعراقيين قادمون من ذلك الزمن التموزي ’ الحالمون بفجر المشروع العراقي لثورة 14 / تموز / 1958 والنموذج الوطني للزعيم الخالد عبد الكريم قاسم ’ وعلى اكتاف الروح ثقل المعاناة التي تركها الشباطيون الأوائل ’ لا نجد صعوبة في فهم دناءة الغايات والوسائل للمتبقين من سكراب البعث داخل مشاجب ائتلاف العراقية ’ الذي لا نفهمه حقاً ’ عودة البعض للجلوس وللمرة العاشرة حـد الألف على جحر العقارب البعثية الذي لدغت منه المكونات العراقية ’ حيث المعاناة والدماء واجساد الأبرياء موزعة على الاف المقابر الجماعية المكتشفة وغير المكتشفة .
لا نفهم هؤلاء الذين يتعمدون وضع حاضر ومستقبل المكونات العراقية على ذات الجحر الذي انفل واباد وغيب واجتث وهجر الملايين من الأبرياء ’ فقط من اجل الحفاظ على سلطة العائلة والعشيرة والطائفة واحلام القائد الضرورة .
ـــ من يدعي صدقاً تمثيل مكونه ــ عربياً كان ام كوردياً او مكوناً آخر ــ عليه ان يكون اكثر مصداقية وشفافية مع المكونات الآخرى والحفاظ على وحدتها ومعايشتها لبعضها داخل اطار السلم الأجتماعي المشترك ’ وتجنب ردود الأفعال مهما كانت خلفياتها ودوافعها ’ والتي من شأنها ان تكون اسباباً مباشرة لتدمير امن واستقرار وسلامة حاضر ومستقبل الناس ’ فتلك حقيقة يفهما الجميع ’ اما الذي لا نفهمه ’ ان يحاول البعض حرق الآخر عبر تفجير بارود الكراهية والتصعيد بدءً من احضان المكون الذي يدعي تمثيله ـــ علي وعلى اعدائي ـــ . ؟؟ .
ـــ قـد توجد خلافات وتقاطعات وتصفيات حسابات بين اطراف العملية السياسية
فذلك امر لا يشكل فاجعة بذاته ’ اذا ما بقى في حدود الداخل العراقي ’ ما لا نفهمه : محاولة البعض تدويله على حساب السيادة الوطنية واضعاف هيبة الدولة العراقية ’ من دون ان يبحث كل في سريرة الآخر عن حجم الممكن من المشتركات طريقاً ياخذ بيد الجميع بعيداً عن توافه المصالح الشخصية والفئوية والمكاسب الأنتخابية على حساب حق الآخر في هامش الدمقراطية .
ـــ الذي لا نفهمه : عض الأصبع بين حكومتي المركز والأقليم , والذي تصرخ اوجاعه كافة المكونات العراقية , حكومة الأقليم تهدد بالأنفصال ــ القائم فعلاً ــ وفي وضع مثالي تحسده عليه الدولة والمحافظات الأخرى ’ اذن مالذي يمنع اعلان الدولة الكوردية وقد صوت عليها بأكثر من 96 % ’ ( رغم تحفظنا على هكذا استفتاءات ) ويجنب العراقيين تلك المعاناة الأضافية ’ هذا اذا كانت القيادة تستطيع وترغب ذلك ’ والحزبين الرئيسين يملكان فعلاً استراتيجية موحدة حول بعض تفصيلات الدولة القادمة ’ كالرئيس والعاصمة وتوزيع الموارد بعد تحرير الرأسمال الكوردي من قبضة عملاق الأقتصاد العراقي ’ وان تدرك حكومة الأقليم بالذات ’ على ان التأخير في اعلان دولتهم ستكون نتائجه سلبية على حساب المكاسب التي حققها الأنفصال القائم ’ خاصة وان الحكومة العراقية تتعرض الآن لضغط الرأي العام العراقي ’ وسوف لن تصمد اكثر مما حاولت وستجد نفسها مضطرة لحل تلك الأشكالية المكلفة تاريخياً ’ حتى ولو تطلب الأمر اعلان انفصال ( استقلال ) العراق عن دولة الأقليم من طرف واحد , فالوضع النفسي العراقي مهيء لتقبل واحد من خيارين ’ اما العيش معاً وبشروطه الوطنية واما الى جانب البعض مع الأحتفاظ بخيط المودة والأخوة وحسن الجوار , ولا تحتاج القيادة الكوردية طلب اجازة الأستقلال من واشنطن او انقره او عاصمة هنا واخرى هناك .
ــــ الذي لا نفهمه : في العراق اكثر من دولة وحكومة وعاصمة ورئيس ومركز قرار ’ تتقاطع فيه الصلاحيات وتتضارب المصالح’ والتعامل مع الشعب العراقي كطيع كل يستطيع تهريبه وترخيصه وبيعه ’ وفي حالة غضب ثأري يستطيع البعض تقتيله في مسلسل مجازر جماعية ’ يكرم عليها الجزار وتعد حمايته وضمان امنه في مقدمة قيم وتقاليد واعراف ( وشرف ) العشيرة والحزب والمزاج المقدس لصاحب الرفعة ’ وهنا على الدستور والقوانين والأعراف والعدل ’ ان تسحب ذيولها الى مؤخراتها كاشياء فقدت ضرورتها ’ وعلى الدولة العراقية ’الأستعانة بالأنتربول الدولي للحصول على مجرم يستجم في احدى مدنها ’ كذلك ’ هناك من يتعامل مع العراق بغلة يستطيع وضع السرج على ظهرها ليقاتل الأخر ويسقطه في طعنة تحالفية ’ ويبقى العراقيون ضائعون يبحثون في بؤس واقعهم عن رائحـة وطن يحترمهم ويحترموه .
ـــ مثلما للفساد مؤسساته السياسية وسياسيه ’ له ايضاً مؤسساته الثقافية ومثقفيه ’ امام تلك الحقيقة يفقد المثقف العراقي وظيفته الأجتماعية والوطنية بأبعادها الأنسانية في عملية استقطابات واصطفافات وتجمعات لنصرة هذ القضية او تلك ظالمة كانت ام مظلومة حتى ولو على حساب القضايا المشتركة بين مكونات المجتمع العراقي ’ اقلامهم واستعراضاتهم تحفر في عيون الوطن وتقاتل وعي الناس ’ وجوهم دبقة تحمل سيماء مكرمات رموز الفساد .
لقد تضخمت ازمة الثقافة الوطنية حالها حال السياسة ’ وهجر اغلب المثقفون صفوف المظلومين ’ ومن على تل التبعية والمساومة ’ يراقبوا مجزرة القيم والمباديء والتقاليد والأعراف والمتبقي من هامش الحريات الديقراطية .
الأخطار التي تهدد العراق دولة ومجتمع جدية للغاية ’ وهناك مخاض عسير سترافقه اوجاع ومعاناة ’ لكن الصراع بين الرأي العام العراقي ـــ مهما تأخر دوره ـــ وبين مكونات الفساد ـــ مهما كانت اوراقها فاعلة ـــ يشكل الآن هوية الأيام القادمة والقاعدة التي منها سينطلق العراق نحو مستقبله ’ الحالة الشاذة الراهنة ستصل خريف نهايتها حتماً ’ لكن الذي لا نفهمه اطلاقاً ’ هذا العدد الهائل من الكتاب والباحثين والمعلقين ’ حيث تجاوزت اعدادهم اضعاف عدد قرائهم ’ كيف استطاعت غيوم الفساد اختراق وافساد اجوائهم التي كانت يوماً محصنة بالأمل الخالد للمشروع الوطني العراقي ’ لتبحث اخيراً عن مستقبل في فضلات المشاريع المشبوهة لقوى الردة الطائفية العرقية عن حبة كفاءة وامانة ونزاهـة .
ــ مخطيء جداً : من يفسر موضوعية الموقف على انه شوفينية ومجافاة لحقوق الآخر ’ فتلك الأسطوانة المملة ذات اللحن المزدوج يشارك في عزفها طائفيين وعنصريين لا يمثلون الحقيقة التاريخية والحضارية والثقافية والجغرافية لمكونات المجتمع العراقي ’ والذي لا نفهمه : الأعتقاد المشوه ’ على ان العبور نحو افاق ومستقبل اي قضية لأي مكون كان يجب تهريبها عبر جسر الأحقاد والكراهية ’ انه حالة غير صحية لآجترار مصائب الناس ومآساتهم دون تأنيب ضمير .