فراس الغضبان الحمداني
تتلاحق الأحداث في عراق اليوم بصورة متسارعة وتختلط فيها الأوراق بين دقيقة وأخرى فمن كان حليفا يصبح بلمحة بصر عدوّا والعكس ربما صحيح وهذا أمر ينطبق على رموز الداخل ومحاور الخارج .
ولعل أخطر ما كان ينتظر العراق من صفحات وصفقات مريبة هي الخطة الجهنمية لمسعود برزاني والذي أخذ الضوء الأخضر من جهات خارجية وتمثلت هذه الخطة المدعومة تركيّاً وقطريّاً بالعمل لزعزعة الأمن في مدن العراق وإضعاف الحكومة وشلّ حركتها داخليا وخارجيا والتشويش عليها ومحاولة خلق صورة وهمية تثير مخاوف الآخرين من دكتاتورية يسعى إليها المالكي كما يزعمون وبهذا أراد البرزاني إن يمهد الأجواء المحلية والدولية والأوساط الشعبية وحث الجميع على سحب الثقة من المالكي وحكومته والدعوة إلى انتخابات مبكرة هي البديل عن الانقلاب الذي كان يخطط له البعض لإسقاط المنطقة الخضراء والاستيلاء عليها وتشكيل حكومة إنقاذ وطني ولكن الذي أحبط هذه المؤامرة الإجراءات الاحترازية والأمنية للمالكي .
وكان يعتقد بأن خطة برزاني أكثر خبثا لأنه ذهب إلى أمريكا وحاول إقناع اوباما بخطته وعندما فشل حاول إن يدبر الأمر مع محور بايدن والمخابرات الأمريكية وأدخل في هذه اللعبة أطراف إقليمية في مقدمتها تركيا وقطر والسعودية وحاول برزاني إن يلعب خطة ذكية من خلال عقد المؤتمر الوطني في اربيل وإقناع السيد مقتدى الصدر بضرورة سحب الثقة من المالكي مقابل دعم الأكراد لحصول التيار الصدري على رئاسة الوزراء وترشيح قصي السهيل لهذا المنصب مع دعم كردي مادي ومعنوي ومباركة تركية خليجية ولكن الخطة الاستباقية التي قام بها المالكي إلى إيران قلبت الموازين فقد كان مسعود ينتظر على أحرّ من الجمر وصول سماحة السيد مقتدى الصدر إلى كردستان واللقاء مع علاوي وأسامة النجيفي للإعلان عن مشروع سحب الثقة وتشكيل حكومة أغلبية جديدة تمهيدا للإعلان عن الانفصال الكردي وتأسيس الإمبراطورية البرزانية .
وعندما وصل سماحة الصدر إلى كردستان واستقبله برزاني كان السيد مقتدى الصدر قد عرف أسرار هذه اللعبة حيث عقد تفاهمات قبل هذه الزيارة أسهمت في إحباط خطة مسعود الذي صعق بالنقاط الـ (18) التي عرضها السيد مقتدى وتصرفه بطريقة لم يجد من خلالها مسعود فرصة لتنفيذ مخططاته وفشلت جهوده لأن توقعاته بإمكانية خداع السيد مقتدى تلاشت كون الرجل تصرف بحكمة ووطنية فشعر برزاني باستحالة إن يجد استجابة من ضيفه لمحاولات تقسيم العراق وتنفيذ المخطط الأمريكي الصهيوني فأصيب بالذعر .
و لهذا وليس من باب المبالغة الإشارة الى ان موقف زعيم التيار الصدري قد أسهم بالحفاظ على وحدة العراق وإنقاذ البلاد من مؤامرة خطيرة لتمزيقه بإنعاش فكرة الانفصال الكردي وبهذا فإن الاجتماع الذي كان يعول عليه برزاني بأن يهز المنطقة بسحب الثقة من المالكي وتشكيل حكومة جديدة يرسم مشهدها ويحرك خيوطها اللوبي الكردي- التركي- القطري قد خرجت ببيان هزيل يدعو إلى الإسراع بتقديم الخدمات إلى المواطنين وكأن هذا الاجتماع ليس لقادة كبار وإنما لمدراء دوائر بلدية وهنا حق على مسعود برزاني القول ( تمخض مسعود فولد فارا ) .