حوار مع الكاتب والباحث السياسي العراقي كفاح محمود حول خلفيات وأهداف التصريحات والدعوات الكردية إلى إستقلال إقليم كردستان عن العراق وإنشاء دولة كردية.
حاوره: عماد الطفيلي
نص الحوار:
سؤال: ما هي خلفيات وأهداف التصريحات والدعوالت الكردية إلأى استقلال كردستان عن العراق وإنشاء دولة كردية؟
جواب: بداية سأعطيك نبذة تاريخية عن هذا الموضوع، فهو ليس وليد اليوم أو البارحة أو قبل سنة، بل هذا الموضوع يدغدغ مشاعر وعواطف ما يقرب من 40 مليون كردي حرموا حتى الآن من أن يحققوا كيانهم حالهم حال بقية أي قومية في العالم، ويعرف الجميع تاريخيا أنه قد غدرتهم اتفاقية سايكس بيكو وجزأت وطنهم بين أربع دول هي العراق وسوريا وتركيا وإيران.
سندع التاريخ وتفاصيله ونعود إلى التاريخ المعاصر منذ ثلاثينيات القرن الماضي وهناك ثورات وانتفاضات عارمة اجتاحت الجزء الجنوبي من كردستان وهي اليوم تسمى كردستان العراق وكلها كانت تنادي بتحقيق مطالب الكرد في هذا الجزء من كردستان، إلى حين ما أزعنت الحكومة العراقية في وقتها وكان رئيسها أحمد حسن البكر الذي كان يقود حزب البعث هنا في البلاد ووقعت مع الجنرال مصطفى الذي عاد من الاتحاد السوفييتي إثر ثورة عام 1958 أيام حكم الزعيم عبد الكريم قاسم، وفي عام 1970 وقعت اتفاقية لأول مرة حيث اعترفت الحكومة العراقية بوجود منطقة اسمها كردستان وبحقوق الشعب الكردي بالحكم الذاتين وكان ذلك أو اعتراف تاريخي لهم.
شعر الكرد أنهم حققوا أو جزء من شعارهم الرئيسي وهو الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان. لغاية عام 1991 اجتاحت انتفاضة عارمة منطقة كردستان واستقلت استقلالا ذاتيا وتم حمياتها من قبل مجلس الأمن الدولي ومن الولايات المتحدة الأمريكية وأطلق عليها اسم الملاذ الآمن، وبعد ذلك اجرى الأكراد انتخابات عامة انبثق من خلالها أول برلمان كردي ومن ثم حكومة كردستانية مستقلة عن الإدارة الاتحادية أو الإدارة المركزية في بغداد، وبعد سقوط النظام في بغداد عام 2003 ذهب الكردستانيون إلى بغداد ليأسسوا نظاما اتحاديا ديمقراطيا مع الحكومة في بغداد ولكي يعملوا مع شركائهم الآخرين في الوطن العراقي سنة وشيعة بهذا الدستور الدائم للبلاد يضمن حقوقهم ويضمن وجودهم ضمن الاتحاد العراقي، لكن شعر الأكراد منذ عام 2005 وحتى 2014 أن هناك خروقات كبيرة في الدستور ونبهت إدارة كردستان الحاكمين في بغداد وفي مقدمتهم السيد المالكي أن هذه الخروقات ستجعل الكرد في حل من أمرهم بالانفصال عن الدولة العراقية، لأنه في الدستور هناك نصا يؤكد هذا الشيء إذا ما حول حكام يغداد الخروج عن نصوص الدستور وروحيته فإن إقليم كردستان لن يكون جزءا من هذه الدولة، لذلك أنا أعتقد أن حق تقرير المصير هو واحد من أهم المبادئ الإنسانية التي يتمتع بها البشر منها كل العهود والمواثيق.
حينما ذهب الرئيس بارزاني إلى البرلمان دعاهم إلى تشكيل هيئة مستقلة عامة للإعداد للانتخابات، تستعد لإجراء استفتاء، هناك نوعين من الاستفتاء: الاستفتاء الأول في المناطق المستقطعة ومن ضمنها كركوك، وهذا الاستفتاء مدني ومتحضر لأن البارزاني بصفته رئيسا لإقليم كردستان، قال: إننا لا نريد أن نفرض أنفسنا على أهالي هذه المناطق ولذلك سنذهب إلى الاستفتاء، وإذا ما رغب السكان أن يكونوا جزءا من الإقليم كان بها، وإن لديهم رأي آخر فسنزعن لهذا الرأي ونتركهم يختارون إلى إلى أي جزء يريدون أن ينتموا. ومن ثم الاستفتاء الثاني سيكون بعد شهرين أو عدة أشهر من أجل حق تقرير المصير.
سؤال: أستاذ كفاح هل يمكن عمليا قيام دولة كردية مستقلة تتمتع بكل مقومات الدولة المستقلة؟
جواب: بالتأكيد هناك صعوبات ستواجهها، والأمور ليست سهلة بهذا الشكل، ولسوء حظ الكرد أنهم في منطقة ساخنة من العالم وهي منطقة الشرق الأوسط، ولكن المسؤولين السياسيين الكرد والمفكرين السياسيين تحديدا قد أخذوا بعين الاعتبار كافة هذه الأمور، أنشأوا شبكة من العلاقات المهمة جدا خلال السنوات الماضية مع قوى متنفذة في الاتحاد الأوروبي وفي روسيا وفي الولايات المتحدة وفي كندا وحتى مع الدول العربية فهم يتمتعون بعلاقات مثالية ونموذجية، ربما لا يتمتع بها الجزء الآخر من البلاد وهو العراق. ولو وضع بالمقارنة نموذج كردستان ونموذج السيد المالكي في العراق لحصل إقليم كردستان على نقاط أكثر بعدة أضعاف ما يحصله السيد المالكي ومنظومته خلال الثماني سنوات لإدارته للعراق.
أنا أعتقد هذه المقبولية التي حققها الكرد خلال هذه الفترة ربما قال الرئيس بارزاني، أن المعارضين لن يكونوا أعداءا.
الرئيس بارزاني يؤكد دائما بأننا نحن جزء من هذه البلاد التي تحترم الدستور، فهو يضع شرطا، وهو يحترم الدستور الذي كان شريكا في وضعه، لذلك نادى وقال لوزارة خارجية أمريكا: نعمل من أجل إجراء تغيير مهم في العملية السياسية، ونبعد المالكي عن إدراة هذه الدولة ونبحث عن إنشاء حكومة حقيقية تشترك فيها المكونات التي تشعر بالتهميش وخصوصا المكون السني والمكون الكردستاني، وبالتالي يكونون شركاءا حقيقيين في القرار الاقتصادي والسياسي والعسكري والأمني.
أنا أعتقد إذا ما تحقق هذا الشيء وذهب العقلاء في بغداد إلى إنشاء مثل هذا النموذج، فالكرد لن يذهبوا إلى الاستقلال على الأقل خلال هذه المرحلة.