هادي جلو مرعي
كنا في غالب الأحيان، ورداً على عنجهية الصهاينة, ووحشية أفعالهم ضد أهلنا في فلسطين السليبة نردد العبارة الشهيرة :(إن إسرائيل غدة سرطانية في جسد الأمة، ويجب التخلص منهاعاجلاً أو آجلاً لكي لا تأكل كل الجسد)، ومنا من ردد عبارة (إنها مثل ذبابة مصابة بداء الفيل).
إسرائيل دولة مصطنعة, بلا تاريخ ,ولا جغرافيا ,ولا عقيدة ,وهي بلا حضارة، نشأت في ظروف دولية شاذة ,وسلبت حق لشعب أصيل في أرضه، ونمت مثل نبتة سامة في مزرعة لم تستطع نباتاتها التأقلم معها, وهي تنفرها وتكاد تطردها، حجمها صغير، وهو ليس لها, بل حجم غيرها, لكنها تقمصته بالإكراه، وتسعى لتدمير بلاد العرب ,والسطو على ثرواتهم وتأزيم أوضاعهم، وتدمير إقتصادهم ,وتقسيم بلدانهم لتكون بحجمها أو أصغر قليلاً، وشرط أن لاتكون تلك البلدان بحجم وثروات وسكان يفوقها ويضعف من دورها وقدرتها على المواجهة في المستقبل، ولذلك هي متحمسة لأي صراع بين بلدين عربيين، ولكل صراع داخل الدولة الواحدة، ولطالما تآمرت على دول حضارية لتعطيلها كمصر والعراق وسوريا، وبقيت هذه الدولة اللقيطة خارج دائرة القبول العربي حتى منتصف تسعينيات القرن الماضي حين بدأت عملية تطبيع منظمة عبر وسائل إعلام عربية لإظهار اليهود بثوب المخالفين والمختلفين مع العرب وليس بثوب العدو, كما هو راسخ في ذهنية مواطنينا منذ العام 1948، تاريخ بداية إعلان الدولة اليهودية، وإنطلاق حملة الإبادة بحق الشعب العربي الفلسطيني المظلوم. وكان لبعض فضائياتنا العربية ذلك الدور ، حيث ظهر الصهاينة (سياسيين، وكتاباً، ومحللين، وأساتذة جامعات، وقادة عسكريين، ورجال دين) من على شاشات الفضاء العربي ليتحدثوا عن العدوان الفلسطيني, وإرهاب حركات المقاومة، وكانوا يتحدثون كأشخاص مناوئين للفلسطينيين يقابلونهم الحجة بالحجة ,والدليل بالدليل، وإنتهى ما تعودناه من إعلامنا حين كنا لا نعرف عن إسرائيل والصهاينة إلا القليل ,ونحمل في أذهاننا صوراً قاسية عن وحشيتهم وظلمهم لشعبنا في فلسطين المحتلة ,وإذا بفضائياتنا تنفرد بإسلوب مغاير وخطير, فالفلسطيني لم يعد وحده في الشاشة يحكي للعالم قصة الظلم والطغيان الصهيوني، بل صار من الصهاينة من يشاركه الشاشة ,ويدمغه بكلام لم يكن مألوفاً من قبل.
عودتنا فضائياتناعلى تقبل دولة إسرائيل, وصرنا نعرفهم كأنهم شركاء في المصير ,كما نعرف بقية العالم الطبيعي, ولم تعد تلك الصورة النمطية للمحتل الغاصب مطبوعة في أذهاننا، حتى صرنا نخشى أن يأتي اليوم الذي نسمع فيه من رئيس وزراء عربي العبارة التالية: (لم يعد بالإمكان السكوت على العدوان الفلسطيني الوحشي ضد أبناء الشعب الإسرائيلي، وإن دولة …….. تساند جهود مجلس الأمن لإرسال قوات دولية لمواجهة همجية نظام حماس القمعي ,ووحشية قوات الأمن الفلسطينية في رام الله التي تهاجم قرى ومدن الشعب اليهودي الأعزل).
تحولت سياسات بعض العرب بالفعل الى سرطان في جسد الأمة العربية والإسلامية، وتضخمت بفعل التحالف الشرير مع دولة صهيون والولايات المتحدة وحكامها المتصهينين، مستخدمة وسائل إعلام تحرض على العنف والتمرد والفوضى.
يريد الإسرائيليون أن يقسموا البلاد العربية لكي لا تكون من دولة أكبر بكثير من دولتهم كما هو حال مصر والعراق واليمن والجزائر والسودان وسوريا والسعودية, لذلك تحاول (اللقيطة) تغذية نزعات التقسيم والإنفصال وحتى الفدرالية كما في ليبيا والعراق وكما سعت ونجحت في السودان، وكما تعمل في مصر واليمن، وكما تحرض على سوريا بطريقة قذرة ,وحتى تسليح جماعات منظمة لإشعال حرب أهلية تؤدي الى تقسيم سوريا, ثم إنها عملت بشكل مباشر على تسليح الجماعات القتالية في ليبيا أواخر حكم القذافي وما بعده للدفع بإتجاه الصدام بين الميليشيات المقاتلة والقبائل، ثم لفصل شرق البلاد عن غربها، وهي تعمل الآن على تقسيم سوريا بالحرب الداخلية، وكذلك دعم بعض الأوساط في مصر واليمن لإحداث الصدام ,ثم لنر أن اليمن تحول الى مجموعة دول (حوثية، وشمالية وجنوبية) ,ومناطق تحت سلطة القاعدة.
في حين يراد لمصر أن تنزع ثوبها القديم, وتتحول الى عدد من الدويلات الضعيفة ,قبطية في الجنوب,وإسلامية وفي الشمال، ونوبية في مكان ما). وبعد كل ذلك تتفرغ لأمرين مهمين، الأول التحريض على الحرب الطائفية في السعودية ,وإحداث الصدام في المنطقة الشرقية ,والبحث عن طريقة ما لتأجيج صراع أسري داخل العائلة الحاكمة.
هذه المحاولات تسهم -كما يطمحون- بإعادة تشكيل السعودية أو تقسيمها ليزول خطرها القديم ..بعد ذلك ستشرع في تنفيذ خطة شريرة بالتعاون مع واشنطن وحلفاء عرب عبر المشاركة السياسية الإعلامية تتضمن القيام بتهجير ما بقي من فلسطينيين الى المملكة الأردنية الهاشمية التي يراد لها أن تكون الوطن البديل ,وهو ما تحسبت له عمان، مع إنها تدرك طبيعة الهجمة الصهيونية لتحرض بعض الأوساط الأردنية لإثارة المشاكل والقيام بإحتجاجات هنا أو هناك.
لا يمكن التخلص من إسرائيل بالوسائل التقليدية، ولا بإسقاط النظام, وهي ليست دولة لتشهد تغييرات كالتي تشهدها العواصم العربية، وإذن ما الحل.
الحل الوحيد المنتظر برأيي هو تدميرها، بقصف صاروخي مكثف يستهدف قواعدها ,والمنشآت الإمريكية, ومخازن الأسلحة والطائرات التي تحيلهاالى حطام.
الوحيد القادر على فعل ذلك، والمؤهل للقيام به هي إيران، وليس لرغبة منها في تدمير الكيان الصهيوني وحسب ولكن لضرورات المواجهة معها وحليفتها أمريكا، ففي حال قيام الكيان الصهيوني بشن هجوم عنيف على إيران لتعطيل برنامجها النووي, وبمساندة أمريكية كما هو المعتاد لا يكون أمام طهران سوى الرد بعنف ,وقوة على أهداف في العمق الإسرائيلي، ويكون لسقوط صواريخ إيران المدمرة عليها فعل الصاعقة .
سيكون هذا الدمار محاولة ثانية بعد محاولة العراق الأولى في العام ,1991 وبداية طيبة لمشروع إزالة اسرائيل من الوجود وعودة الأمة العربية الى وضعها الطبيعي ,وحضارتها المجيدة، وعبر نشاطها الإنساني الفاعل ببلدانها المعروفة, وليست بتلك الأورام الخبيثة كإسرائيل , وحين نتخلص من شرورها سنكون في مأمن من هذا الشكل المريع والبشع من المؤامرات.