د .علي عبد الحمزه
كلنا إستبشر خيراً وفرح فرحاً كبيراً حين قرأ أو سمع خبر تقديم النائبة الطبيبة حنان الفتلاوي لمقترح إلغاء الرواتب التقاعدية لأعضاء مجلس النواب بعد إنتهاء دورتهم الدستورية (أربع سنوات) ، وبالتأكيد كان سبب فرحنا هو إنصاف الجميع والشعور بالمساواة بين أفراد المجتمع الواحد ، وحفاظا ً على ثروات وأموال الشعب العراقي وأجياله القادمة ، إذ إن الأمر وبعملية حسابية بسيطة يستنزف من خزينة الدولة وميزانيتها مبالغ كبيرة تعكس مدى التفريق بين شرائح المجتمع عند التقاعد . والكل تعامل مع الخبر وكالعادة بعاطفية وإندفاع وإعجاب بشخصية الطبيبة النائبة حنان الفتلاوي ، وهي تستحق الأعجاب لقدرتها الكلامية والأقناعية في الحوارات التي شاهدناها بها طيلة فترة إنابتها ، ولأننا وكما هو معروف نُعجب أيما إعجاب بالجمل التعبيريه وبال(سوالف) دون النظر إلى ماوراء الكلام من فعل من شأنه أن يغير الحال إلى حال أفضل . ولأن الشعب بجميع شرائحه يستشعر مدى الغبن الذي أصابه من نوابه الذين تحدى الظروف وذهب لينتخبهم وفي أول جلسة لهم تكامل فيها النصاب القانوني كان أول مشروع يُناقشوه هؤلاء النواب هو مايتعلق برواتبهم وإمتيازاتهم المالية والشخصية بما في ذلك حماياتهم وسياراتهم المصفحة وإيفاداتهم وسفراتهم وحتى علاجاتهم الطبية على حساب خزينة المجلس المنتخب ، مل من وعود الأخوة النواب وماعاد ليصدق بها لأنها وعود تدخل من باب كلام الليل يمحوه النهار. ولايختلف إثنان في ما تصبو له النائبة وماتعمل من أجله ولكن دعونا لنحلل الموضوع التي طالبت به النائبة السيدة الجليلة الفتلاوي … فالموضوع ،موضوع تقاعد أعضاء مجلس النواب والجالس البلدية والمحلية موضوع غير دستوري وغير قانوني بالمرة ذلك إن التقاعد يعني التقاعد من الوظيفة والعمل ، وهنا الأخوة النواب غير موظفين ، إذ إنهم لم يتعينوا بأمر إداري للتعيين وبالتالي فهم غير خاضعين لقانون الخدمة المدنية وقانون إنضباط موظفي الدولة ، هذا من جانب ، من جانب آخر وإن إفترضنا إن النواب تنطبق عليهم صفة التوظيف فأنهم هنا بالتأكيد لايستحقون راتباً تقاعدياً لأن خدمتهم الوظيفية المفترضة غير كافية للأحالة إلى التقاعد إذا ماعلمنا إن المدة المطلوبة الدنيا للتقاعد هي خمسة وعشرون سنة ، إضافة إلى إن أي نائب من النواب لم يمتلك سجل أو دفتر الخدمة الذي هو سجل الموظف وكونيته فيه كل المعلومات الأدارية والوظيفية من أول تعيينه إلى تأريخ إحالته إلى التقاعد ، وهذا الدفتر يحتوي أيضاً على الأستقطاعات المالية التي تُستقطع من راتب أي موظف تحت عنوان توقيفات تقاعدية ترسل شهرياً إلى الهيئة الوطنية للتقاعد ، ورواتب البرلمانيين ليس فيها توقيفات تقاعدية لأنها رواتب خارج نطاق سلم الرواتب الخاص بموظفي الدولة … هذه كلها توضيحات تؤكد عدم أحقية النواب من الناحية الأدارية والمالية بأي إستحقاقات تقاعدية من عملهم النيابي علاوة على إن أغلب النواب هم موظفين سابقين في دوائر الدولة لهم تأريخ وظيفي وسنين عمل وإن ترك تلك السنين دون حل هو الآخر مخالفة قانونية يُحاسب عليها القانون ، لذا فأن الدعوة إلى إلغاء رواتب أعضاء مجالس النواب والمجالس المحلية والبلدية هي دعوة قانونية بحتة تحفظ في جانب كبير منها حق النواب عند إعادتهم إلى وظائفهم السابقة لأنابتهم وإختيارهم نواباً للشعب . ولكي لانبخس جهود النواب على ماقدموه خلال الدورة الأنتخابية (4سنوات) أرى أن يتم منحهم مبلغاً مالياً تحت عنوان مكافأة نهاية عمل مثل مكافأة نهاية خدمة الموظفين وكفى .إن دعوة النائبة حنان الفتلاوي دعوة صادقة ذلك إن أغلب شرائح المجتمع العراقي قد تقبلتها وعملت على ترويجها والعمل على تنفيذها لأن الرواتب هذه فيها من الغبن والظلم وعدم المساواة الشئ الكبير ، الأمر الذي يتطلب من النائبة والجمهور الكريم أن يطالب المرجعيات الدينية بأختلاف مذاهبها أن تدلو بدلوها وتبدي رأيها في شرعية هذا الموضوع من عدمه . وبالرغم من مصداقية هذه الدعوة إلا إن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو لماذا هذا الوقت بالذات يتم فيه طرح الموضوع ولماذا لم يتم طرحه سابقاً ، لأن الموضوع يحتاج إلى وقت كاف من أجل تشريع قانون يبطل فيه تقاعد النواب ، وإن هذا الوقت لم يعد موجودا أو كافياً ذلك لأن الفترة التشريعية المتبقية من عمر مجلس النواب شارفت على إلأنتهاء وحتى لوكانت هناك فترة فأنها بأنتظار قراءة وتشريع قوانين ومشاريع قوانين معطلة كثيره ، وإن الطرح في هذا الوقت بدل الضائع لايُجدي نفعاً أبداً لأنه أشبه بالوقت بدل الضائع في مباريات كرة القدم الذي يُعطى لفريق لم يسجل طيلة الوقت الرسمي ، أو أشبه بالطالب الغبي الذي يؤدي إمتحاناته داخل القاعة لايكتب أبداً وحين إنتهاء الوقت الرسمي للأمتحان يبدأ بالتشبث بالدفتر الأمتحاني وبالتوسل بالأستاذ المراقب لكي يعطيه وقتاً لحل الأسئلة . فيا أيتها النائبة الطبيبة حنان الفتلاوي .. شكراً لطرحك هذا الموضوع ولكن كيف فاتتك تلك الأسئلة ، وهل لديك الثقة بأنكم ستصوتون على مشروع قرار لم يوقع عليه سوى ثمانية أفراد .