د. عماد الدين الجبوري
في خطوة ليست بالمفاجأة، بل مألوفة النهج والسلوكية في سياسة رئيس حكومة الاحتلال الخامسة نوري المالكي، حيث أقدم هذا اليوم الأحد الموافق 28-4-2013 على غلق عشرة محطات فضائية؛ أثنتان عربية والبقية عراقية، منها الشرقية والجزيرة. إذ أعلنت هيئة الإعلام والإتصالات عن تعليق رخص عمل المحطات بدعوى تبنيها خطاباً طائفياً تصعيدياً مرافقاً لأحداث قضاء الحويجة منذ 23-4-2013.
ومما أشار إليه بيان هيئة الإعلام والإتصالات عن تلك القنوات الآنفة الذكر، أنه: “بدا واضحاً أعتمادها نهجاً تصعيداً أقرب إلى التضليل والتهويل والمبالغة منه إلى الموضوعية، يهدد وحدة البلد ويعمل على تمزيق نسيجه الإجتماعي لا سيما أن التغطية الإعلامية للقنوات الفضائية تباينت بين التحريض على العنف والكراهية الدينية والدعوة إلى الإخلال بالنظام المدني من خلال تصعيد الخطاب الطائفي. فضلاً عن الدعوة إلى ممارسة أنشطة إجرامية إنتقامية”.
وهنا لا نود أن ندخل في تفاصيل البيان الذي يغلق عيناً ويفتح أخرى على الحقائق الجارية على أرض الواقع. لكننا نروم إلى تبيان الأسباب الخفية التي دفعت بالمالكي أن يتخذ هكذا قرار، والذي يجعله في مواجهة إعلامية جديدة تزيد من تعريته أمام العالم. ويمكننا أن نوضح الآتي:
أولاً: أن المجزرة البشعة التي أرتكبتها قوات المالكي الميليشاوية في قضاء الحويجة، وتنفيذ فصائل المقاومة الوطنية المسلحة لوعدها بحماية المدنيين المعتصمين. حيث بدأت بضرب تلك القوات المجرمة، والإشتباك الميداني الموسع على إمتداد المحافظات الثائرة. أفزعت المالكي ومن وراءه في إيران.
ثانياً: أن الإسناد الفوري للعشائر العراقية الأصيلة إلى بواسل المقاومة، يعني إنتقال الإنتفاضة من الوضع السلمي إلى الوضع المسلح. وبالتالي إنبثقت إنتفاضة وطنية مسلحة أرعبت المالكي وزمرة الخط الصفوي القابض على مقاليد السلطة في المنطقة الخضراء.
ثالثاً: أن إشتراك العشائر وفصائل المقاومة بالمعارك ضد قوات المالكي الميليشاوية، وتحقيق إنجازات ميدانية فائقة السرعة. حيث أستولت من خلالها على أسلحة وأعتدة وذخائر كثيرة من جهة. ودمرت أعداد كبيرة من الآليات من جهة أخرى. مما أدرك المالكي ودائرته الضيقة عن ثقل القوة المنتفضة.
رابعاً: أن بيانات المقاومة ودعوات رجال الدين ونداءآت شيوخ العشائر إلى منتسبي قوات الجيش والشرطة الإتحادية بعدم قتل أبنائهم المسالمين، وأن يبادروا إلى تسليم أنفسهم وسلاحهم. فقد إستجاب عدد غفير منهم. مما خلق حالة ذعر عند المالكي وبقية صفوفه.
خامساً: أن إنكسار قوات المالكي في المجابهات المباشرة، وفرارها من عدة مواقع ومراكز ونقاط عسكرية، إنما تدل بشكل قاطع على عدم قدارتها القتالية التي تتطلب خبرة وحنكة وممارسة ميدانية. وإرادة وعزيمة نفسية. وإيمان وعقيدة وطنية. وهذه متوفرة عند أبطال المقاومة، لأنهم من منتسبي الجيش الوطني السابق. وإلا ما ألحقوا هزيمة ميدانية بالمحتل الأمريكي. ولِما فزع من صولاتهم المالكي وعصابته الصفوية.
سادساً: أن أستمرار وجود تلك المحطات الفضائية العشرة التي تنتهج في بثها الموضوعية والحيادية في نقل الأخبار والصور عن الأحداث والوقائع الدائرة منذ مجزرة الحويجة، سوف تؤدي وبالضرورة إلى جملة من النتائج ومنها:
أ- أنها تكشف الجرائم الوحشية التي ترتكبها قوات سوات. وكذلك الميليشات الطائفية المدمجة بالجيش. مما يعني كشف المالكي وجلاوزته على حقيقتهم الدموية.
ب- أنها ستقدم للعالم أيضاً حقيقة الإنتفاضة الوطنية المسلحة التي تقودها المقاومة العراقية المسنودة بعشائرها. وأن هذه العشائر لها إمتدادها الطبيعي في الوسط والجنوب المحكومين بقبضة المالكي المستبدة.
وهكذا جراء هذه الأسباب وغيرها أقدم المالكي على خطوته التعسفية بمعركة إعلامية لا يكترث ولا يأبه لخسارته فيها. إذ كل همه إستمرار جلوسه على كرسي السلطة المحمي من طهران وواشنطن. ولسوء قراءته لا ينظر إلى قرب إنهيار المشروع الإيراني في المنطقة العربية. ولقد تغابى عن ماركوس والشاه ونوريكا ومبارك وغيرهم من الذين خدموا أمريكا ثم رمتهم بمزبلة بلدانهم.