أخطاء الأطار والمستقبل المجهول
جواد ملكشاهي
ثورة تشرين الشعبية في 2019 والتي كانت ستسقط النظام السياسي الحالي واحزابها معا،لولا عمليات القمع الدموية التي مورست بحق الجمهور المتظاهر الغاضب والذي ادى الى استشهاد واصابة المئات من الشباب الذين نزلوا للشارع من اجل تصحيح مسار العملية السياسية و وضع حد لعمليات الفساد الكبرى التي مارستها قوى السلطة بنهب مئات المليارات من الدولارات من المال العام وتحقيق مطالب الشعب التي تتلخص بتحقيق العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة وتكافؤ الفرص للمواطنين كل حسب اختصاصه و قدراته المهنية .
ثورة تشرين التي ارغمت حكومة عادل عبدالمهدي على الاستقالة، اجبرت القوى السياسية على أختيار حكومة جديدة برئاسة السيد الكاظمي ومنحه فرصة عامين لأجراء انتخابات مبكرة لأمتصاص الغضب الجماهيري وعودة الامور الى نصابها، لكن نتائج الأنتخابات التي جرت في تشرين الاول الماضي لم تفرز وضعاً سياسيا مختلفاً عن قبل تشرين،ورغم النسبة المتدنية للمشاركين في الانتخابات، الا ان البعض من القوى السياسية تمكنت من تحقيق نتائج جيدة كالتيار الصدري والحزب الديمقراطي الكوردستاني والحصول على مقاعد تؤهلها لقيادة المرحلة المقبلة، وبالمقابل القوى الاسلامية الشيعية الاخرى التي تم معاقبتها من قبل الشارع العراقي فشلت فشلاً ذريعاً ومخيباً للآمال في تلك الانتخابات بسبب تجاربها الفاشلة في ادارة دفة الحكم.
نظراً لما افرزته نتائج انتخابات تشرين الاول 2021 وخيبة امل القوى السياسية المجتمعة تحت مظلة الاطار التنسيقي، ارتكب الأطار أخطاء فادحة قادت البلد للانسداد السياسي،وما تزال المبادرات المحلية والدعوات الاقليمية والدولية لأيجاد مخرج للأزمة تراوح مكانها،بل زادت الأمور تعقيداً بسبب التصعيد بين الجانبين الشيعيين،وارتكب الأطار اخطاء كبيرة خلال التسعة الاشهر الماضية على الانتخابات نجملها بمايلي:
1-رفض قوى الاطار التنسيقي نتائج الانتخابات بذريعة التزوير بعد خسارتها المعركة الانتخابية،كان من الاجدر بالأطارقبول النتيجة وان كانت ليست لصالحها،على الاقل اعترافا منها بالعملية الديمقراطية والتي تشكل الانتخابات احد ركائزها الهامة باعتبار في كل منافسة هناك فائز و خاسر.
2-قيام الأطار بأستخدام الشارع للأعتراض على نتيجة الانتخابات وذلك بتنظيم تظاهرات واعتصامات لأعضائها والموالين لها في بوابات المنطقة الخضراء كورقة ضغط للتعبير عن رفضها لنتيجة الأنتخابات، والذي اوحى للجميع ان القوى المنضوية في الاطار التنسيقي تحاول وبشتى الوسائل التغطية على فشلها في العملية الانتخابية، وأن كان ذلك على حساب مصالح الشعب والوطن.
3-استخدام الثلث المعطل او ما سمي ب(الثلث الضامن) وان كانت استخدام هذه الورقة جزء من العملية الديمقراطية ،الا ان كان من الأفضل منح فرصة لتحالف انقاذ وطن لتشكيل الحكومة ومراقبة أدائها بدقة ،للأيحاء للشارع العراقي ان الاطار لايهمه السلطة بقدر مايهمه مصلحة الشعب والوطن ، من خلال منح التحالف الثلاثي فرصة قيادة الحكومة كتجربة جديدة بعد مرور 18 عاما على نظام المحاصصة والتوافق الفاشلين ومن ثم توجه الاطار نحو المعارضة البرلمانية ومراقبة الحكومة، والأستعداد الجيد للأنتخابات المقبلة عبرتشخيص مواطن الخلل السابقة.
4- بات واضحا وبشكل جلي ان الأطار التنسيقي استخدم القضاء والمحكمة الاتحادية على وجه التحديد كورقة لضرب خصومه السياسيين وبالأخص التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكوردستاني،بأصدار قرارات وصفها الكثير من خبراء القانون بالغيردستورية وفاقدة لروح الحياد القضائي،استخدام هذه الورقة الخطيرة أفقد القضاء العراقي هيبته و وضع علامات استفهام على حياديته.
5-قصف مناطق محددة من أقليم كوردستان من قبل بعض الفصائل المسلحة التي على الاقل لها علاقات طيبة مع قوى الأطار التنسيقي ان لم تكن خاضعة لأوامرها بشكل غير مباشر، هذا الخطأ الفادح تسبب في ضعف جسور الثقة بين الاحزاب الكوردية والاطار من جهة والشعب الكوردي وتلك القوى من جهة أخرى.
تلك الأخطاء الرئيسية ومارافقها من مواقف متضادة بين الأطار والتيار الصدري وضع العراق على كف عفريت وامام مستقبل مجهول،في ظل عدم وجود بصيص من الأمل لفك الانسداد والخروج من النفق المظلم الذي يهدد مستقبل البلاد برمته.