ماذا لو أجلنا المنتخب من أجل المدرسة؟
سراب:
بعد كل خيبة قارية وعالمية، يجتمع المحللون على شاشة التلفاز ويرددون أننا ربحنا منتخبا شابا، لكن لو كان شابا بالفعل لنال الألقاب، أم أنه يجب الانتظار حتى يشيخ معظم لاعبيه لنبرر الإخفاق بعامل تقدم اللاعبين في السن. وهكذا دواليك. ضعف الشباب والشيوخ ولم يحصدوا الألقاب…
لو اللاشيء/اللامعنى:
لو فاز المنتخب مثلا بكأس إفريقيا للمرة الثانية أو تأهل للدور الثاني في كأس العالم للمرة الثانية أيضا، فماذا سيستفيد أطفال الجبال والقرى النائية الذين يصارعون وعورة المسالك وخطورة الدروب للوصول إلى المدرسة من الفوز أو التأهل…
لو فاز أو تأهل المنتخب، فماذا سيربح ذلك العامل البسيط في الجنوب الشرقي المنسي الذي ينتظر انتعاش أوراش بناء منازل المقيمين بالخارج وبعض الموظفين المحليين، لجني دريهمات يقاوم بها كثرة مصاريف القوت اليومي التي وصلت مستوياتها القياسية في الغلاء…منتخب ضعيف تسلط عليه أضواء كثيرة؛ منتخب ضعيف بخرجات استعراضية كبيرة وميزانيات هائلة، مقابل جنوب شرقي بدون معامل ومصانع وكليات ومستشفيات وطرق…
لماذا كلما تعلق الأمر بالمدرسة والتربية وبناء الإنسان وتصنيعه تساقطت خطابات الأزمة والتقشف وترشيد النفقات والمسؤولية والمحاسبة والضمير زخات زخات. وكلما تعلق الأمر بكرة القدم والمنتخب، هان كل شيء زخات زخات: ميزانيات ضخمة، طائرات خاصة، مكافئات مالية، سخاء وعطاء وفنادق وغفران عند كل خيبة، وكأن شيئا لم يضع…
أحلام:
وأخيرا فاز المنتخب اللقب الإفريقي بعد عقود من إحراز لقب يتيم، كما تأهل المنتخب إلى الدور الثاني ليلاقي منتخب ألمانيا الموحدة، وكل شروط افتراس الأول من طرف الثاني لا غبار عليها… المهم، فاز المنتخب وتأهل، لكن ما حال المدرسة وما أخبار القيم وهل سدد الأستاذ المسكين ديونه المتراكمة لسنوات، وهل نال سكنا محترما وسيارة تقله إلى مقر عمله واستكمل دراسته التي ستنعكس تلقائيا على تكوينه وأدائه ومستوى تلاميذه…
أمل بصيغة المدرسة:
سيكون المنتخب قويا عندما نفكر أولا وأخيرا في المدرسة. عندما نرصد أكبر جزء من ميزانية الدولة في تجهيز الحجرات وتجديد الخزانات وتحديث المختبرات وبناء الأفراد فكريا ومعرفيا وقيميا وأخلاقيا… سيكون المنتخب قويا عندما نحفز المعلم والمدير والحارس والمستشار في التوجيه والتخطيط والمكلف بخدمة الإطعام…
منتخبنا سيرعب البرازيل وألمانيا إذا اقتنعنا أن الاهتمام الأكبر يجب أن يناله المتعلم(ة) الصغير داخل وخارج أسوار المدرسة. لماذا؟ لأن ذلك المتعلم الصغير هو لاعب الغد ورياضي المستقبل والمدرب الأجدر بالتدريب وطبيب المنتخب المنتظر، وهو المواطن الفعلي والمشجع، الحامل لقيم التسامح والانفتاح والمؤمن بنبذ العنف والشغب…
رهان: ماذا لو أجلنا المنتخب من أجل المدرسة؟
حمزة الشافعي (تنغير/المغرب)