أطلق وزير المالية علي علاوي، تصريحا مفخخا بشأن الموظفين في العراق, وقال علاوي بحسب صحيفة المدى، انه”بعد 10 سنوات سينهار النفط للأبد والعراق قد يسرح موظفيه,
وحذر وزير المالية، من خطر ومستوى تهديد كبير جدًا على المديات المتوسطة وخلال 10 سنوات من الان، بسبب استمرار العراق الاعتماد على النفط الذي يشكل اكثر من 90% من ايرادات الدولة، مشيرًا إلى ضرورة اتخاذ الاصلاحات القاسية منذ الان , ومن المعروف للجميع ان حكومة الكاظمي ورثت سلسلة من الأزمات المالية وسط احتجاجات شعبية وتدهور في الخدمات, ولكن عند تسلُّم هذه الحكومة زمام المسؤولية، لم يكن حجم الأموال المتوفرة لها يتعدّى المليار دولار تقريبا.2 ويعود ذلك جزئياً إلى تدنّي الإيرادات، بسبب انخفاض أسعار النفط والتزام العراق بالحدود التي فرضتها منظمة الدول المصدِّرة للنفط (أوبك) على الصادرات النفطية ووجدت نفسها صعوبة مستمرة في دفع رواتب موظفي القطاع العام، ما اقتضى من الدولة اقتراض الأموال من المصرف المركزي . ومع تدنّي الإيرادات النفطية، باتت المداخيل الشهرية للدولة تغطّي فقط 50 في المئة ونيّف من النفقات الحكومية. وفي المدى الأطول، يواجه العراق انهياراً مالياً كلّياً للدولة, كما وجدت نفسها صعوبة في تغطية نفقاتها الشهرية. يُشار إلى أن حجم القطاع العام توسّع في عهود الحكومات المتعاقبة إلى درجة أن مجموع الإيرادات التي تحققها الدولة العراقية لم يعد كافياً لتسديد النفقات الأساسية، أي رواتب القطاع العام، والمتقاعدين والمعاشات التعاقدية، والمساعدات الغذائية، وكلفة برامج الرعاية الاجتماعية، وباتت الدولة بحاجة إلى إنفاق مبالغ تفوق إيراداتها من أجل تغطية هذه النفقات الأساسية وإبعاد شبح العوز والحرمان عن أكثرية الشعب العراقي, وبوسط ذلك كانت الحكومة تتخبط دون حدوث انهيار اقتصادي شامل،
من الواضح أن الحكومة تحتاج إلى اعتماد سياسة قائمة على خفض نفقات القطاع العام مع زيادة استثماراتها الرأسمالية في الزراعة والصناعة وتخصيص موراد إضافية للتعليم والصحة. فالإجراءات الإصلاحية التي أعلن عنها الكاظمي في حزيران/يونيو الماضي ضئيلة جداً وجاءت متأخّرة جداً. ومع ذلك، لن يكون هناك مفرّ من التقشف الذي قاومه مجلس النواب، ومن الأولويات الأساسية من وجهة نظر دولية أن يشترط صندوق النقد الدولي على العراق إجراء الإصلاحات التي يطالب بها علاوي ويرفضها مجلس النواب، من أجل الموافقة على إقراض الدولة العراقية. وهو يبدو السبيل الوحيد لتحقيق الإصلاحات في العراق.
أن مشكلة الاقتصاد العراقي -إضافة إلى أنها سياسية- فهي مجتمعية؛ كون الفرد العراقي تحول إلى مستهلك وليس منتجا، مؤكدا الحاجة إلى برنامج اقتصادي لتغيير تفكير الإنسان في نمط حياته وسلوكه الاجتماعي، والابتعاد عن جميع المفاهيم الاتكالية والعشائرية المؤثرة على الاقتصاد العام،وبدأت حكومة الكاظمي السعي لتأسيس صندوق الأجيال لمواجهة نضوب النفط, التوجه الحكومي لقي ترحيبا من الأوساط الاقتصادية والبرلمانية لما قد يحققه من فوائد للاقتصاد العراقي وللأجيال المقبلة, وأعلن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي نهاية الشهر الماضي بدء العمل على إنشاء صندوق الأجيال، إذ أكد في تصريح خلال جلسة لمجلس الوزراء أن “العمل جار على تفعيل صندوق الأجيال المقبلة انطلاقا من الشعور بالمسؤولية تجاه أبنائنا وأحفادنا, وأضاف “نريد أن نؤمّن مستقبل العراق بعيدا عن الاعتماد على اقتصاد غير مستدام، فالثروة النفطية لن تكون مسيطرة طوال العمر، وبدأت دول عديدة بالبحث عن طاقات بديلة ونظيفة,
رجحت مجلة إيكونوميست إنتلغنس البريطانية المتخصصة عدم تعافي 5 اقتصادات -من بينها العراق- خلال العام المقبل، إلا أنها ستبقى مكانا مغريا للمصالح الاستثمارية الأجنبية لتنشط من جديد؛ شريطة المضي في خطط وإصلاحات مالية واقتصادية, وتعتمد ميزانية العراق العامة بأكثر من 95% على الإيرادات المالية المتحققة من بيع الذهب الأسود، حيث حجم الإنتاج النفطي أكثر من 4 ملايين برميل في اليوم، في حين يبلغ حجم التصدير أكثر من 3 ملايين برميل يوميا، وذلك وفقا لوزارة النفط العراقية , بسبب تعرض الاقتصاد العراقي إلى أزمة تمويل مالية خانقة العامين الماضيين بسبب جائحة كورونا وتدهور أسواق النفط، مما أدى بالحكومة وقتها إلى خفض سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأميركي؛ في خطوة لتمويل النفقات المالية والالتزامات الاجتماعية ورواتب القطاع العام,وقال مستشار الحكومة العراقية للشؤون الاقتصادية الدكتور مظهر محمد صالح إن التراجع الحاد في معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي من 9 إلى 10% كان مؤثرا كبيرا بتراجع الاقتصاد الوطني، وجاء تحت تأثير نمطين ريعيين منخفضين أسهما في ذلك التراجع,ويحدد صالح النمطين ؛ فالأول نتيجة ضعف النمو الزراعي بسبب شح المياه وقلة الأمطار والجفاف مما أدى إلى انخفاض مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي حتى تحول العراق لمستورد صاف للمواد الغذائية من دول الجوار الإقليمي,, مضيفا النمط الثاني هو تدهور إسهام القطاع النفطي في الناتج المحلي الإجمالي وانخفاضه نحو النصف؛ وهو ما أسماها “الضربة الريعية المزدوجة” للناتج المحلي، أي ضربة انخفاض مساهمة “الزراعة والنفط” متمثلة في انخفاض وتدهور النمو الاقتصادي إلى جانب انغلاق الاقتصاد العالمي والمحلي بسبب كورونا، مما تسبب في تفاقم الحياة المعيشية التي وضعت نحو 2.7 مليون عائلة عراقية جديدة دون خط الفقر,, ورأى صالح أن العمل على نهضة اقتصاد البلاد لعام 2023 تقتضي تحريك الاستثمار الحكومي لاستغلال الموارد الطبيعية، وتوجيه حصيلة عوائدها لصناديق تمويل أكثر من 50 ألف شركة متوقفة عن العمل في القطاع الأهلي، وتعزيزها بخطوط التكنولوجيا العصرية والرقمية لتحقيق طفرة في النمو الاقتصادي لا تقل عن 5%، حيث تمثل ضعف معدلات نمو السكان على وجه التقريب، ومن ثم الزحف لمعدل الهدف المنشود للنمو بمعدل 7%ورغم الإصلاحات الاقتصادية المختلفة التي أقدمت الحكومة الحالية على تنفيذها، فإن توجهات ورغبات إصلاحية أخرى ما زال أمامها طريق طويل وغير معبد من أجل تنفيذها بسبب ارتفاع معدلات التضخم والفقر،
واخيرا يرى خبراء أن “الورقة البيضاء” الإصلاحية التي أقرتها الحكومة تمثل انعطافة مهمة للاقتصاد العراقي بشكل خاص لجوانبها المتعددة الاستثمارية والصناعية والتنموية، فضلا عن كونها خارطة طريق شاملة تهدف إلى إصلاح الاقتصاد العراقي ومعالجة التحديات الخطيرة التي تواجه البلاد والمتراكمة على مدى السنوات الماضية، بسب الفساد وغياب التخطيط إضافة إلى الريعية النفطية لتمويل إيرادات الدولة وضرورة استمرار الحكومة في تحقيق المزيد من الإصلاحات الضريبية والجمركية لزيادة إيرادات البلد المالية، إضافة إلى تنويع موارد الدولة وتمكين القطاع الخاص ودعمه