الحرية للأسير الشهيد.. القائد ناصر أبو حميد
شقيق لأربعة أسرى محكمون جميعهم بالسجن مدى الحياة، وشقيقهم السادس استشهد على أيدي الاحتلال. تعرض منزلهم للهدم الكلي خمس مرات. وضعه الصحي بالغ نتيجة إصابته بمرض السرطان. والدته أعلنت أنها لن تتوسل السلطات الإسرائيلية للإفراج عن ابنها، لأنه أقوى منهم ولن يُكسر، ثم تضيف: لكني أُمّ تريد رؤية نجلها، أريد أن أطمئن عليه.
مرة أخرى تتكرر جرائم القتل المنهجي التي ترتكبها إدارة السجون الصهيونية بحق الأسرى الفلسطينيين الابطال.
هذه المرة يسقط جسد الأسير الشهيد القائد الصابر “ناصر أبو حميد” بعد أن نال منه مرض السرطان، لكن روحه الأبية الشامخة لا زالت تقاوم غطرسة السجان وبطشه.
أسير فلسطيني جديد يذوي بفعل الإهمال الطبي المتعمد في سجون الاحتلال الصهيونازي، في ظل ضعف أداء السلطة فيما يتعلق بملف الأسرى الفلسطينيين، خاصة الأسرى المرضى، والمعتقلين الإداريين.
الأسير الشهيد
الأسير “ناصر أبو حميد” من مواليد مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة في 5 أكتوبر 1972 – ومن سكان مخيم الأمعري بالقرب من مدينة رام الله بالضفة الغربية – معتقل منذ تاريخ 12 نيسان 2002، وهو أحد خمسة أشقاء حكم عليهم الاحتلال بالسجن مدى الحياة، وهم: نصر، وناصر، وشريف، ومحمد، فيما اعتقل شقيقهم إسلام عام 2018، ولهم شقيق سادس شهيد، هو عبد المنعم أبو حميد، وحرمت والدتهم زيارتهم لسنوات، وفقدوا والدهم خلال سنوات اعتقالهم، كما تعرّض منزل العائلة للهدم خمس مرات، كان آخرها في عام 2019.
تعرّض ناصر للاعتقال الأول قبل انتفاضة عام 1987، لمدة أربعة شهور، وأُعيد اعتقاله مجدداً، ثم حكم عليه بالسّجن عامين ونصف عام، وأفرج عنه ليُعاد اعتقاله للمرة الثالثة عام 1990، وحكم عليه الاحتلال بالسّجن المؤبد، وبعدما أمضى من حكمه أربع سنوات، تم الإفراج عنه في إطار المفاوضات، وأُعيد اعتقاله عام 1996.
وإبان “انتفاضة الأقصى”، انخرط أبو حميد في مقاومة الاحتلال، واعتُقل في عام 2002، وحكم عليه الاحتلال بالسّجن المؤبد سبع مرات و50 عاماً، وما زال في الأسر حتّى اليوم.
إصابته بسرطان الرئة
يرقد الأسير ناصر ـ الذي يبلغ من العمر 49 عاماً ـ على سرير المرض في مستشفى برزلاي منتظرا العلاج على أيدي أطباء مختصين للورم المنتشر على رئتيه والذي يسبب آلاما شديدة ويؤدي للتقيؤ والنقصان الحاد في الوزن وأوجاع حادة في الصدر، ويعاني من تدهور مستمر في حالته الصحية في ظل الإهمال الطبي المتعمد وما نتج عن استخدام إدارة السجون الإسرائيلية لسيارة البوسطة الحديدية في نقل الأسير والتي ضاعفت من معاناته.
اليوم ناصر غائب عن الوعي منذ بضعة أيام، وموضوع تحت أجهزة التنفس الصناعيّ بسبب معاناته من التهاب في الرئتين، ووضعه الصحي الخطر يتصاعد بشكلٍ متسارع. مع العلم أن الوضع الصحي للأسير أبو حميد بدأ بالتدهور منذ شهر آب/أغسطس الماضي، حين بدأ يعاني من آلام في صدره، قبل أن يتبين أنه مصاب بورم في الرئة، وتمت إزالة الورم مع قرابة 10 سنتم من محيطه، قبل أن يعاد نقله إلى سجن “عسقلان”، الأمر الذي أوصله إلى وضع صحي خطر، وبعد إقرار الأطباء بضرورة العلاج الكيميائي تعرّض مجدداً لمماطلة متعمدة.
إن سياسة القتل البطيء عبر الإهمال الطبيّ التي تنتهجها إدارة سجون الاحتلال بحقّ الأسرى المرضى، هي التي أوصلت الأسير أبو حميد إلى هذه المرحلة الخطرة، بهدف الانتقام منه ومن عائلته المناضلة.
وتسود حالة من التوتر الشديد تسود “سجن عسقلان”، بعدما أبلغت إدارة السجن الأسرى بالوضع الصحي خطر الموت الذي يواجهه ناصر أبو حميد.
خنساء فلسطين
والدة الأسير “ناصر أبو حميد” والذي دخل في غيبوبة جراء تدهور وضعه الصحي بشكل خطير، الملقبة “خنساء فلسطين” تخشى على حياة ابنها، وتتهم السلطات الصهيونية بتعمد تصفيته.
لكنها رغم ذلك قالت “لن أتوسل السلطات الإسرائيلية، لكني أُمّ تريد رؤية نجلها، وتقر عيني برؤيته، وتمنت على المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية الوقوف عند مسؤولياتهم لإنقاذ حياة أسير مريض بالسرطان.
كما تجهل الأم الفلسطينية “لطيفة أبو حميد” مصير نجلها الأسير “ناصر”، الذي دخل في غيبوبة بعد تلقيه جرعة من العلاج الكيماوي.
وتقول والدة أُمّ الشهيد وخمسة أسرى، والتي قضت معظم حياتها في التنقل لزيارتهم بين السجون الإسرائيلية، أن أقصى أمانيها أن تزور نجلها وتقر عينها برؤيته، وهي ممنوعة من ذلك. وتضيف أن “ناصر أصبح يتقيأ دماً، ويعاني من ضعف كبير، لا يستطيع أن يستخدم يديه في تناول الطعام أو قضاء حاجته ذاتياً، مع ورم خطير في الرئتين، وأجريت له عملية دون علمنا، ولم يسمح لنا بزيارته حتى الآن”
تتحمل سلطات الاحتلال الصهيوني المسؤولية الكاملة عن حياة الأسير ناصر أبو حميد، كما يتحمل المجتمع الدولي والإنساني المسؤولية إزاء الوضع الصحي الخطير للأسير ناصر أبو حميد، لأن الصمت الدولي ساهم في تغوّل الاحتلال الإسرائيلي على الأسرى الفلسطينيين وقتلهم.
ندعو كافة المنظمات الدولية والإنسانية التي تؤمن بالدفاع عن الانسان وحماية حقوقه من أجل توفير العلاج اللازم للأسير ناصر محمد يوسف أبو حميد الذي يقضي حكما بالسجن 7 مؤبدات إضافة إلى خمسون عاماً، والشروع فورا بتقصي الحقائق عن حالة الأسير ووضعه الصحي، والضغط على سلطات الكيان الصهيوني من أجل السماح بزيارته، وتقديم العلاج له.
الأشقاء الأسرى
أشقاء الأسير ناصر الأربعة معتقلين أيضاً في سجون الاحتلال الإسرائيلي محكومين بالمؤبد ومدى الحياة وهم:
– الأسير شريف محمد أبو حميد ويقضي حكما بالسجن 4 مؤبدات.
– الأسير محمد أبو حميد ويقضي حكما بالسجن مؤبدين بالإضافة إلى ثلاثون عاماً.
– الأسير إسلام أبو حميد ويقضي حكما بالسجن مؤبد إضافة إلى ثماني سنوات وغرامة 14 مليون شيكل – معتقل في سجن هداريم.
– الأسير نصر أبو حميد يقضي حكما بالسجن 5 مؤبدات.
كما قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بنسف منزل العائلة عدة مرات كان آخرها في 24 / 10 / 2019 وله شقيق شهيد اسمه عبد المنعم كان قد قضى نحبه على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي في 31 / 5 / 1994 قرب بلدة الرام في شمال مدينة القدس بعد ملاحقته من قوات الاحتلال الإسرائيلي.
إسرائيل المارقة
بحسب المؤسسات الفلسطينية فأن عدد الفلسطينيين الموجودين حاليا في السجون الإسرائيلية يقدر بحوالي 6000 أسير فلسطيني. وأن من بين الأسرى 57 امرأة و300 طفل.
ويذكر في تقارير تلك المؤسسات الرسمية والحقوقية، أنه منذ 28 سبتمبر 2000 سجلت نحو (100) ألف حالة اعتقال، بينها نحو (15) ألف طفل تقل أعمارهم عن 18 عاما، و(1.500) امرأة، ونحو (70) نائباً ووزيراً سابقاً، بينما أصدرت السلطات الإسرائيلية نحو (27) ألف قرار اعتقال إداري.
وتم تسجيل نحو مليون حالة اعتقال على مدار سنين الاحتلال منذ بدايته في 1948 وتضيف المؤسسات أن السلطات الصهيونية صعدت من حملات الاعتقال منذ أكتوبر 2015، وطالت أكثر من عشرة آلاف حالة اعتقال من الضفة، كانت معظمها من القدس.
وذكر التقرير أن عدد الأسيرات الفلسطينيات وصل إلى (57) أسيرة في السجون الإسرائيلية، من بينهن (13) فتاة قاصرا.
لا زال الأسرى الفلسطينيين يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب والتنكيل على يد المغتصب الصهيوني. ومن الغريب إن القضاء الإسرائيلي قد شرّع تعذيب المعتقلين الفلسطينيين. حيث يتعرض الأسرى والمعتقلين للتعذيب، والضغط النفسي، والمعاملة القاسية، خلال مرحلة اعتقالهم واستجوابهم، حيث تتصرف إسرائيل كدولة إرهاب مارقة فوق القانون الدولي، من خلال تشريعها قوانين لممارسة التعذيب بحق الأسرى وبأساليب محرمة دوليا وتتنافى مع اتفاقية مناهضة التعذيب والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
في مقام الاسرى الأبطال، جنرالات الصمود والإباء، النسور الشامخة، الصابرين المرابطين القابضين على القهر والألم، المتمسكين بالحياة دون احتلال. في وجود الآلاف من الأسرى الفلسطينيين البواسل، والأسيرات الماجدات، في زنازين ومعتقلات العدو الصهيوني، ننحني لهم إجلالاً، أمام رفعة صمودهم، وجليل تضحياتهم، وعظيم صبرهم وثباتهم، وجسيم معاناتهم.
تطالب “أم ناصر” والدة الأسير ناصر بحقها في معرفة المزيد عن وضع ابنها الصحي، وتقول إنها استودعت ناصر ربّ العالمين، هو أرحم به، وهو القادر على إنقاذ حياته
وبرغم ألمها وحسرتها، إلا أن أم ناصر تعبّر عن فخرها بأبنائها، لاسيما ناصر فهو عندها الرقم الصعب، كما تقول سنديانة فلسطين.