إن الهجمات التي تتعرض لها مؤخراً إقليم كردستان انطلاقاً من المناطق المتنازع عليها -والأدق المستقطعة من جغرافية الإقليم- لها أسبابها ودوافعها العدة وبحسب الجهات التي تقف خلفها؛ وهم كثر وللأسف حيث من جهة هناك الصراعات الكردية الداخلية، إن كانت داخل الإقليم نفسه وتشكيل إدارتين فعلياً أو الصراعات داخل القوى الكردستانية وتحديداً بين الآبوجية والبارزانية حيث تسهل على الأعداء اختراق الجبهات سياسياً وعسكرياً نتيجة تلك الخلافات، لكن وإضافة لما سبق هناك العامل الخارجي وهو الآخر يلعب دوره، بل وربما هو الأهم في هذه الاختراقات؛ إن كانت تتعلق بالجانب العراقي حيث الحشد الشعبي ومحاولاته بعدم جعل الكرد شريكاً مع بغداد في إدارة تلك المناطق، أو التركمان الذين هم أيضاً يحاولون التنسيق مع بغداد وأنقرة ضد أربيل بحيث تسيطر تركيا على المنطقة وبالأخص نفط كركوك لتكون لهم الكلمة والسيادة وذلك على غرار الحشد الشعبي في عمالتهم لطهران.
طبعاً كل هذه الاشتباكات والتدخلات يجعل الطرفين الإقليميين الغاصبين لأكبر جزأين من كردستان، أي تركيا وإيران يتدخلان عن طريق العملاء والوكلاء الداخليين؛ “التركمان والحشد الشعبي” لضرب الكرد وهذه تجعل تحركات ما تبقى من مجاميع “داعش” سهلاً ضد إقليم كردستان، وربما تكون هناك عمليات كثر تقوم بها تركيا وإيران من خلال عملائها وباسم الدواعش، كون من مصلحة الجميع القضاء على الحلم الكردي بالحرية والاستقلال بحيث وصل بهذه الحكومات الغاصبة أن تقفز على كل الخلافات التي بينهم في سبيل التنسيق ضد الطموح الكردي ومكاسبهم السياسية، ومؤخراً طلب أردوغان خلال لقائه مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، على هامش قمة قادة دول منظمة التعاون الاقتصادي في تركمانستان، يوم الأحد الماضي، بأن يكون هناك تعاون بين تركيا وإيران وروسيا ل”حماية المنطقة وحفظ السلام والاستقرار فيها”! رغم أن كل مشاكل المنطقة بسبب تدخلات هؤلاء الثلاث واحتلالاتهم لجغرافيات الآخرين.
وهكذا يمكننا القول؛ بأن المخاطر والتهديدات التي تحيط بالكرد عموماً -وليس فقط إقليم كردستان- هو حقيقي وكبير وبالتالي تستوجب من كل القوى الكردستانية تجاوز خلافاتها الداخلية، هي الأخرى، ومحاولة التنسيق فيما بينها ولو كان يتطلب الأمر أحياناً أن لا يكون التنسيق في العلن، لكن يمكن أن تكون هناك نوع من الدعم للطرف الآخر بدل الصراعات البينية ونعتقد بأن الدور والحماية الغربية والأمريكية يمكن أن يلعب دوراً كبيراً في هذا المجال، لكن الدور الأكبر يجب أن يكون للقوى والشخصيات الوطنية الكردية سياسياً وثقافياً ومن خلال العمل بين تلك القوى والجماهير وذلك للضغط على كل الأطراف للعمل على تقارب القوى الكردستانية بهدف العمل الوطني المشترك حيث الأعداء يعملون كفريق واحد للقضاء على الطموح الكردي وليس فقط ضد طرف وحزب سياسي، كما يعتقد البعض وتركيا ومعها إيران أكثر من يريدان القضاء على ذاك الحلم، فلا يغرن أحد بأن الذئب يبتسم له وهو مكشراً عن أسنانه للنهش بجسده بأقرب فرصة.
هل “داعش” وحدها هي من تهاجم إقليم كردستان؟!
شارك هذه المقالة
اترك تعليقا
اترك تعليقا