” .. عندما تزداد وتيرة ” وكاحة ” حفيدي الذي يبلغ الخامسة من عمره ، أدعوهُ أحياناً لنلعب أنا وهو . فأطلبُ منهُ أن يغمض عينيه ، فيفعَل ، ثُم أصفعهُ على خّده ، فيفتح عينيه وأنا أفرد أصابعي وأسألهُ مُبتَسِماً : هل تعرف بأي أصابع ضربتُك .. فيفكر ثم يختار أصبعين أو ثلاثة . وأنا أتظاهرُ بالإندهاش وأقول لهُ : عفارم عليك .. لقد حزَرت .. كَم أنتَ شاطِر . فيبتسم راضِياً . فأطلبُ منهُ أن يغمض عينيهِ مرةً أخرى ، فأصفعهُ .. وهكذا . إلى أن أشعرُ أنهُ نالَ كفايته من الصفعات ، عقاباً على وكاحته ! .
حفيدي المسكين ، يعيش داخل المنزل ونادراً مايخرج ، فكيف يصرف طاقته ؟ طبعاً بالقفز والركض في داخل الغرف والمطبخ والصراخ ورَمي الأشياء هنا وهناك ، شأنهُ شأن الأطفال في عمره وظروفه . وأنا بعصبيتي المتوارثة وقلة صبري نتيجة تقدُم العُمر والأمراض ، أمارِسِ عليهِ ساديتي ، من خلال لعبة الصفع على خديهِ ، وإيهامهِ بأنهُ شاطِر وأنهُ هو الفائِز ! . تصّرُفات حفيدي طبيعية تماماً وليسَ عليها غبار ، لكنني بِعُقَدي أسّميها [ وكاحة ] وأعاقبهُ على ذلك ! ” .
…………
حكومتنا الرشيدة تقوم بشئٍ مُماثِل تقريباً ، تجاه الشعب : فالأحزاب الحاكمة تُعاملنا وكأننا أطفالٌ صِغار ، وتحت شعارات مفبركة ، يقولون لنا : إغمضوا عيونكم … إغلقوا أفواهكم … سدوا آذانكم … ثُم يفرضون علينا عشرات الضرائب تحت مُسميات عجيبة غريبة ، في قطاع التربية والتعليم والصحة والكهرباء والماء والمرور وكل ما يخطر على البال . يديرون فوضى السوق ويرعون شركاتهم الإحتكارية ويتلاعبون بالأسعار ويرفعونها … يستقطعون الرواتب . يملئون جيوبهم وخزائن شركاتهم بالأموال .
ثم يسألوننا مُبتسمين : هل تعرفون بأي أصابع أخذنا الأموال والثروات ؟ وهل تعلمون في أي جيوبٍ وخزائن وضعناها ؟ فَنُشير الى بعض أصابعهم والى جيوبهم وشركاتهم . فيتصنعون الدهشةَ ويقولون لنا : عفارم عليكم .. يالكم من أذكياء وشُطّار .. حسناً أنتم فائزون . ثم يعيدون الكّرة وهكذا دواليك ! .
…………
الأحزاب الحاكمة لا تدرك .. أننا على وشك تجاوز مرحلة الطفولة .. وأن هذهِ الوسائل لم تعُدْ تنفع معنا ؟
عَفارِم عليكُم .. أنتُم شُطّار وفائزون
شارك هذه المقالة
اترك تعليقا
اترك تعليقا