في سطور…
المصالح الأمريكية اولاَ
بقلم: أحمد الحربي جواد
تفاجئ العالم بانسحاب القوات الأمريكية من افغانستان مخلفه ورائها، المئات من القطع من الأسلحة الثقيلة والخفيفة والمعدات الأمريكية الصالحة للاستخدام بيد الحركة المتطرفة طالبان العدو الأول للحكومة الأفغانية الحليف المفضل لديها.
بدء هذا الانسحاب ليلا من القاعدة الأفغانية الاستراتيجية (باغرام)، دون إبلاغ (كابل) عن أسباب هذا الانسحاب تاركة حليفها السابق لقمة سائغة لحركة طالبان المتطرفة.
تلا هذا الانسحاب هروب عدد كبير من القيادات السياسية والعسكرية تاركين أفغانستان لمصيرها المحتوم، قابله تقدم سريع لحركة طالبان واستيلائها على المدن الأفغانية واحدة تلوا الأخرى، وصولا لحدود العاصمة كابل، لم تلاقي طالبان أثناء هذا التقدم أي مقاومة تذكر من القوات العسكرية والأمنية الأفغانية، التي فضلت الهروب على المواجهة بعد اختفاء معظم قادتها.
كذلك تحركت عدد من الوحدات العسكرية بتجهيزاتها وأسلحتها صوب الحدود الإيرانية حيث سلمت نفسها للقوات الإيرانية هناك، رافقه لجوء أكثر من ألف جندي الى طاجكستان، واستسلام قوات نظامية آخرى لحركة طالبان وهروب الباقي من تلك القوات، هذا هو المشهد العسكري الأفغاني.
الحدث ألقى بظلاله الثقيلة على الأفغان أنفسهم، فأتجه الكثير منهم نحو العاصمة كابول، خوفاَ من ردود أفعالٍ حركة طالبان، بينما أتجه القسم الأخر للحدود المتاخمة لأفغانستان، من جانبها قامت طالبان ولأول مرة بخطوة غير مسبوقة، التعهد بعدم مهاجمة أي سفارة أو قنصلية أجنبية على الأراضي الأفغانية بل وتوفير الحماية لكافة البعثات الدبلوماسية، ودعت الى تشكيل حكومة مؤقتة تجمع كافة الأطراف! وكأنها بذلك تود تغيير النظرة الاستباقية لها كحركة متطرفة معزولة عن العالم هذه الدعوة رافقتها دعوة أمريكية وقطرية مماثلة.
هنا يكمن السؤال: ماهي سلسلة ردود الأفعال من ذلك الانسحاب الأمريكي المفاجئ، وهل ستكون تبعاته وخيمة على المنطقة؟
من الجانب العسكري السياسي فقد أوجدت الولايات المتحدة عدوا على الحدود الإيرانية والصينية يوقف المشروع الاقتصادي الصيني الضخم المعروف ب (طريق الحرير) بسبب العداء المستحكم بين حركة طالبان وتصرفات الحكومة الصينية مع مسلمي الأيغور، كذلك سيحتم على أيران وقد فعلت مسبقا هذا، تحريك الكثير من قطعاتها العسكرية على الحدود المشتركة، لمنع تحول حدودها الى ساحة للإتجار بالمخدرات أو البشر وصد أي حركات عسكرية محتملة من حركة طالبان.
وفي انتظار القادم المجهول من هذا التغير الدراماتيكي، نجد إن كل ما سبق يصب في مصلحة اللاعب الأمريكي، حتى وأن ضحى بأقرب حليف لديه، وهذا ما يلخص السياسة الأمريكية بشكل واضح وبسيط ((المصالح الأمريكية أولا)).