محمد حسن الساعدي
ما إن أعلنت المفوضية العليا للانتخابات الانتهاء من الاستعدادات, لإجراء الانتخابات المبكرة في العاشر من تشرين الأول، حتى تبارت الكتل السياسية, لإبراز عضلاتها أمام الجمهور وإستعراض قوتها على الأرض..
هناك من لمح أو صرح بأنه قادر على الفوز العريض, والحصول على أكثر المقاعد في البرلمان القادم، وما إن صدر قانون الإنتخابات الجديد, حتى أنقشعت الغبرة عن التصريح والتلميح, وبان حجم هذه الكتل في الشارع العراقي..وأتضح ذلك من خلال إستبانات أجرتها هذه الكتل, وعرفت من خلالها حجمها الطبيعي في الانتخابات، ما جعلها تتراجع في اندفاعها نحو المشاركة بالانتخابات..
أنعكس ما سبق من خلال تصريحات وبيانات عدم المشاركة، عبر الإعلام تارة أو عبر تقديم طلب للمفوضية، فيما قوبلت هذه الدعوات بالرفض من قبل المفوضية العليا، حيث عدته إجراء لا قيمة له قانونيا.. خصوصاً بعد إعلان أسماء الكتل السياسية المشاركة بالانتخابات القادمة، وأعتبرت أي خروج لها عن الإنتخابات, هو خروجاً غير قانوني ولا يأخذ به .
حالة الإحباط التي سادت الشارع العراقي هي الأخرى, ألقت بظلالها على المشهد الانتخابي، فقد كانت التجارب الإنتخابية جميعها صعبة وغير مقنعة, وطالتها شبهات وتهم التزوير، إلى درجة أدت لعزوف المواطن عن المشاركة في الانتخابات الأخيرة، حتى قيل أنه لم يشارك أكثر من 20٪ من الذين يحق لهم الانتخاب..
على الرغم من إعلان بعض القوى السياسية مقاطعاتها للانتخابات, فإن الاستعدادات جارية على قدم وساق، وغالبية تلك القوى تعتبرها النافذة الوحيدة والمضمونة للمنافسة, وهذا ما تعوّل عليه.. كما أن الحراك التشريني لم يجد وسيلة أفضل لمشاركته في الانتخابات، لذلك حاولوا لملمة أنفسهم, لخوض الانتخابات ومنافسة القوى السياسية المهيمنة, على المشهد والقرار السياسي، لأن مقاطعتها ستعيد القوى القديمة التي صادرت المشهد السياسي, واستحوذت على الامتيازات في المواقع التي حصلت عليها.
تعقيدات المشهد السياسي الحالي, وطبيعة الصراع المتنامي ربما تغذي فرص الذهاب نحو موعد ثالث للانتخابات، بل هناك مساع بعض التسريبات من هنا وهناك بين الحين والآخر ودعوات غير معلنة كموقف رسمي، خارجيا من جهات إقليمية ودولية, وكأنها تسعى لمنع إقامة الإنتخابات..و داخليا من أطراف سياسية وقوى وكيانات حزبية فاعلة تتمنع، للدفع باتجاه ترحيل الانتخابات إلى العام المقبل..
مثل هذه الدعوات ربما لا ترقى لمستوى الفعل, لكنها في الوقت, ذاته إحدى وسائل الضغط باتجاه التأجيل, لذلك لا يسهل التكهن بالمستقبل وتبقى جميع الاحتمالات مفتوحة لأي خيار.. لكن يبقى شي مهم يجب أن يعيه الجميع, وهو أن الانتخابات القادمة تمثل ركن أساسيا ورئيسيا في رسم خارطة المستقبل القادم..
من يريد أن يكون البلد يخرج من بوتقة الموت السياسي الحالي, فعليه أن يكون عامل محفز للمشاركة في الانتخابات، ومن يسعى لأن يبقى تحت ظل القرار المختطف، فان الأوراق ستحترق جميعها، وسيكون هو أول الخاسرين, وعندها سيكون البلد ومصيره في مهب الريح..