بداية، دعنا نعترف بان الظروف الموضوعية هي التي اثرت على الظروف الذاتية للمثقف و التي انتجت السدود المنيعة امام تحركه بالاتجاه الصحيح, و هي التي اغلقت الطريق امام تحركاته المطلوبة و الضرورية في الوقت المناسب. و المعلوم ان تاثيرات الظروف الموضوعية عندما تنعكس على الظروف الذاتية فيتولد واقعا مختلفا ناتجا عن تداخل الاثتنين لافراز الناتج الجديد المختلف و ان تمكن المثقف المتمكن المرور بين المتعرجات المصطنعة من افرازات الواقع الجديد المتكون من تلك الحالة فممسيرة المثقف الصحيحة الملائمة عند تلك الظروف و الحالة الثقافية الجديدة و ربما تغير معها الوضع السياسي و من ثم الاجتماعي و الثقافي وب التالي فن الحالة الجديدة المتغيرة تماما هي التي تسيطر دائما على الجوانب الاخرى بما يهم المثقف و عمله و حتى عقليته بشكل نسبي دائما. و عليه, فان حالة الركود الموجود احالت دون ان ياخذ المثقف مساره الصحيح في الواجبات الملقاة على عاتقه و التي يجب ادائها سواء بشكل عملي مباشر او تلقائيا بشكل غير مباشر من ثمار بروز تاثيرات نتاجاته الثقافية على مر الزمن .
في الوقت والمكان الذي نعيش، لم نجد سيادة القانون و الدوافع الذاتية و الدرجة المطلوبة من التضحيات و تحاشي دور المثقف لدى المعنيين مع سيطرة الطموحات الشخصية التي تبعد المثقف عن اداء ما عليه و ما يخص الشعب بشكل عام, و كذلك عدم توفر الحرية المطلوبة و سيطرة الخوف من القوى السائبة, تجعل كل تلك الاسباب المثقف ان يعيش قلقا و خائفا بعد وصول الايدي الغدر الى المخلصين من المثقفين و بالاخص النشطاء الذين ادوا دورا متميزا في تحريك الراي العام, كل هذا ما جعل المثقف ان يفكر مليا قبل ان يمد يده الى ما يؤمن به و يعتبره هو الواجب عليه ان يفعله . طالما بقي دور القوة هو الاكثر تاثيرا و لم يفرض المنطق و الحوار و التواصل و التفاهم نفسهم كعامل حاسم لبيان الاصح في اي امر عام، فيبق المثقف معصوبا و مكتوف الايدي و هو تائه في بحر الظلمات و لن يجد مساره الخاص في الواقع الفوضوي الذي يعشه في هذا الشرق الاوسط المتردي قبل المناطق الاخرى.
من جهة اخرى، فان صعوبات الحياة اليومية اجبرت النسبة الكبرى من الشعوب في هذه المنطقة ان تهتم بما يمكن ان تحصله لتسد قوتها اليومي و لم تتفرغ عقليا و عمليا للتفاعل مع ما ينتجه المثقف كي تتاثر به بشكل عام. فان الاحزاب الموجودة و السطاة السياسية المنبثقة عنها تعتمد كليا على العقائد التي لم تُبقي دورا للمثقف في المشاركة في العمل و الفكر لتحديد و تنظيم الطريق المناسب للمسيرة الصحيحة التقدمية التي يجب ان تكون هي الموجه الصحيح نحو التقدم بشكل دائم.
الاهم في هذا الامر هو الاجابة عن هذا السؤال كي نعلم هل يمكن ان نقف عند المثقف و واجباته؛ هل الواقع الثقافي العام يدفع لتشجيع المثقف في اداء واجبه الخاص و لم يبعث على الملل و الياس, هل الظروف السياسية الاجتماعية الثقافية العامة لم تعيق المثقف قبل الجميع في عمله و عقليته, هل القوة السياسية الحاسمة خاضعة للقانون ام تسيطر عليها القوة العسكرية غير الشرعية لدى القوى السياسية بحيت اصفرت بدورها دور المثقف عمليا و منعته اصلا في التفكير عن اداء واجباته الخاصة و دوره الاهم من اي شيء في المجتمع الطبيعي المثقف و السلطة المنبثقة منه.
على الرغم من ان نتاجات المثقف مهما كان نوعها لها التاثير المباشر على عقلية الفرد الا ان العمل و الحركة المباشره له و التحرك الواقعي المختلف الاتجاهات على الارض هو الاكثر تاثيرا و بشكل مباشر على العام, اي التحركات غير الثقافية على الارض عند المثقف عدا نتاجاته الفكرية هي الاكثر اهمية و تاثيرا بشكل مباشر, نتيجة عدم متابعة العامة للمثقف و نتاجاته و دوره النظري و عدم متابعته و اهمله بشكل غير متقصد .
فعليه, يمكن انتوصل الى النتيجة بان المثقف الان و في هذه الطروف الموجودة في حالة جمود و خمود و سبات دائم سواء بامر ذاتي نتيجة التاثيرات المختلفة عليه او نتيجة الواقع الخاص الذي يعيش فيه، و يحتاج التغيير الى قوة ارادة هائلة و البداية هي الاكثر اهمية من ما ياتي بعدها, فهل يتحرك المثقفون ام يحتاجون الى انعطافة كبيرة سياسيا كانت ام اجتماعيا او ثقافيا لتدفعهم الى التحرك من الموقع و النقطة الصحيحة ؟
هل بقي دور المثقف في تقويم السلطة؟
شارك هذه المقالة
اترك تعليقا
اترك تعليقا