عهدناها عاقلة ، لأخطاء فادحة غير منزلقة ، ولا بين قوسين في تعبير غير ايجابي عالقة ،هادئة في قراراتها غير مضطربة ولا قلقة ، مقدرة العواقب بما يلزم من تبريرات الشُّكوك لها غير مخترقة ، حاسمة في اختياراتها السياسية كالمجالات المتنوعة الباقية ، لكن ما حدث اتجاه المغرب دولة وشعبا جعل ما اتُّخِذَ على الصعيد الرسمي المغربي مبني على الحقيقة ، لا تنفع الدبلوماسية تجاوزها ولا تغطية الأمر لأبعادٍ لاحقة ، ما دامت تمسّ شرف سيادة وحدة ترابية لا تقبل أي دولة بغير الحق في شأنها فاعلة وناطقة ، وإن كانت “ألمانيا” التي مالت لجانب لمسافة ولو غير سحيقة ، لمن لا هو من مستواها ولا ارتباط يجعل منها مهما كان السبب لثقلها الأوربي / الدولي به لائقة ، لكنه المغرب ملك وشعب ودولة ثلاثة في واحد كما سطَّرتها للتاريخ أمجاد عريقة ، لن يتخلَّى عن حقِّه في السيادة الكاملة على أرضه من أي نقطة قبل “فجيج” إلى “الكويرة” ومن تسعى لغير هذا القرار/ المبدأ/ المصير لا هي بالدولة الشَّقيقة ولا الصَّديقة .
طبعاً ألمانيا أدركت خطأها متخيِّلة أن مجرد لقائها في برلين مع سفيرة المملكة المغربية لتوضيح ما تتعمَّد وضعه في إطار قد يُمَكِّنها من استدراك ما يبطل أو على الأقل يجمِِّّد القرار المغربي بقطع أي اتصال مهما كان نوعه مع السفارة الألمانية في الرباط ، وأيضا مع كل المنظمات المنتسبة لمثل البلد الذي فضَّل التعامل (مهما صَغُرَ حجمه) مع جماعةٍ انفصاليةٍ تطلق على نفسها لقب الجمهورية الصحراوية ، وألمانيا المتوفِّرة على أنجح المؤسسات الاستخبارية على الصعيد العالمي تعلم أن تلك الجمهورية الوهمية مجرد جماعة انفصالية مُموَّلة من طرف الجزائر الرسمية بهدف عرقلة مسيرة المملكة المغربية التنموية ، وغرض ابعد من ذلك بكثير ، يكمن في تحقيق حلم الراحل “الهواري بومدين” في الحصول على ممرّ يحترق الأرض المغربية المسترجعة سِلمياً ، بفضل المسيرة الخضراء المظفرة ، تطل من جرائه الجزائر على المحيط الأطلسي . إذن الأمر واضح والخارجية المغربية تعكس عمق رغبة المغرب في التعامل مع الجميع (لا فرق بين الكبير والصغير فكلها دول أعضاء في هيأة الأمم المتحدة) فوق قاعدة ثابتة يومها كغدها لا تتغيَّر أبداً ، أنَّ الصحراءَ مغربيَّةٌ ، من يريد الالتحاق بها من المعتقلين في مخيمات “تندوف” ،
في إطار حكم ذاتي تحت الراية المغربية الشريفة مرحَّب به سيكون ، ما دام الوطن غفور رحيم ، ومَن اختار العمالة للجزائر فالأيام كفيلة بتهذيب فكره لمعرفة أن الخيانة أسوأ أركان العبودية لمن كان على باطل . الخلفية تسوقنا لتوضيح ما صاحب الرئيس الجزائري المنقول لذات ألمانيا للعلاج من داء كورونا الذي أصابه، وكأن الجزائر خالية من أطباء يقدرون على مراعاته طبياً بما يلزم، لكنها الثقة المفقودة ، ليس في الكفاءة المهنية الجزائرية ذات الصلة بالموضوع فقط ، بل هناك من خطَّط لضرب عصفورين بحجر واحد ، أو هكذا تخيَّل ، لكن الانتباه لمن يهمه مصلحة المغرب في تلك الديار الألمانية رصد تحرك عناصر جعلت من تواجد الرئيس الجزائري هناك مطية ركبوا من خلالها لتنفيذ عدة أنشطة رُكِّب غطاؤها المالي كالمخابراتي في العاصمة الجزائرية ، للرد على قرار الولايات المتحدة الأمريكية المعترف بمغربية الصحراء ، ممَّا شكَّل صفعة قوية للنظام الجزائري لم يكن يتوقعها أبدا ، فأرادت العقلية المتطورة في عدائها للحق المغربي التخطيط لتوريط ألمانيا بالمناسبة في أمر مشابه للفعل الأمريكي ، يعطي لجماعة “البوليساريو”ِّ دفعة تسترد بها دم الوجه ، خاصة ولألمانيا مكانة الزعامة داخل الاتحاد الأوربي قد تمهد لجر المزيد من الأوربيين للغوص في مستنقع لا فائدة في التقرُّب إليه، بالأحرى الغوص في وحل مصطنع تحتضنه الحكومة الجزائرية ، وتصرف عليه من قوت الجزائريين للأسف الشديد .
(للمقال صلة)