كتبت مقالاً قبل يومين تحت عنوان؛ “أردوغان.. وماذا عن الدولة الكردية؟” وقد جاء المقال كنوع من الاستنكار الذي يحمل تساؤلاً بخصوص إدعاءات الرئيس التركي وهو يطالب بدولة فلسطينية عاصمتها القدس، متناسياً قضية شعب آخر يتعرض للاضطهاد والقمع الممنهج من قبل حكومته وكل الحكومات التركية السابقة وأن المصداقية تتطلب من تركيا وقبل أن تطالب بحقوق الفلسطينيين أن تحل القضية الكردية في (تركيا) وحينها سيكون لمطالبة رئيسها بعض الصدى لدى الآخرين، أما أن تطالب بحل القضية الفلسطينية وأن تقمع الكرد فذاك هو النفاق السياسي بعينه وضحك على العرب والفلسطينيين واستغلال الاسلام لمصالح سياسية من قبل حزب العدالة والتنمية وتركيا عموماً.. طبعاً المقال لاقى تفاعلاً كبيراً من قبل الأخوة والأصدقاء المتابعين وقد شارك الكثير بالتعليق والرد ومن بين تلك الردود جاء الرد التالي:
بعيدا عن أردوغان وموقفه من هؤلاء أو أولئك ..أريد أن أشير إلى ما يفعله، غالبا، السياسي الكردي من إجراء مقارنة بين المسألة الفلسطينية والمسألة الكردية. الحقيقة المسألتان مختلفتان ولا ينبغي إجراء أية مقارنة بينهما. بالنسبة لفلسطين ثمة دولة فلسطينية معروفة جغرافيتها وفق القوانين والمواثيق الدولية الناجمة عن قرار التقسيم في 1948، لكن الفلسطينيين، لأسباب لا حاجة لذكرها هنا، رفضوا إدارة دولتهم، ومع التطورات حصلت حرب حزيران، فاحتلت إسرائيل الدولة الفلسطينية المدارة من مصر (قطاع غزة)، ومن الأردن (الضفة الغربية). وبعد الاحتلال الإسرائيلي رفعت القضية إلى مجلس الأمن، وتم تثبيت الأمر على أنه احتلال إسرائيلي لأراضي دولة أخرى. إذن المسألة مسألة قانونية. أما بالنسبة لكردستان فليس ثمة جغرافية كردستانية داخل الجمهورية التركية معترفة بها، لا من القانون التركي، ولا من القانون الدولي. الأكراد يدعون من خلال أكثريتهم السكانية في المنطقة المعنية أنها جزء من كردستان الكبرى. ولكن هل تعلم أن الأرمن عندهم خارطتهم التي تشير إلى الجغرافية نفسها بأنها جزء من أرمنستان الكبرى. وأن هذه المنطقة هي أرمينيا الغربية، وعاصمتها ديار بكر. أكيد الأرمن، أيضا، لا يستندون في ذلك على أي من القوانين والمواثيق الدولية. إذن مسألة كردستان، ياعزيزي، ليست بالسهولة التي يراها الكردي. اتفاقية سيفر 1920 تحدثت عن كردستان، وحسب سبفر فإن الحديث يجري حول كردستان العراق ليس إلا، ولكن لوزان 1923 ألغت سيفر. لكن مع قيام الدولة العراقية تم تثبيت كردستان العراق في الدستور العراقي .. فالأكراد في العراق هم القسم الوحيد من الأكراد المعترف بهم قانونيا جغرافية وسكانا. في سوريا وتركيا وإيران لا يوجد شيء اسمه كردي من وجهة نظر القانون. بكل الأحوال أقول، مرة أخرى، من الخطأ مقارنة المسألة الكردية مع المسألة الفلسطينية. مع كل الود.
إن رد الأخ المعلق في الفقرة السابقة دفعني إلى كتابة الرد التالي: بدايةً أشكرك على هذا الجهد والقراءة المتأنية ورغم جديتها ولكن أعتقد إنك قد أوقعت نفسك بعدد من المغالطات وسأوجزها بالتالي: أولاً- رغم القرار الدولي بخصوص الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية ولكن لم يشهد التاريخ ولادة تلك الدولة الفلسطينية وبالتالي هي “وجدت” فقط ببعض الخرائط، مثلها مثل الخرائط التي رسمت أو ترسم لحدود كردستان من قبل بعض المراكز الدولية.. النقطة الثانية والأهم والتي هي متعلقة بجغرافية كردستان ومعاهدة سيفر وهل هي تشمل كل الجغرافيا التي نقول بأنها كردستانية أم فقط إقليمي الموصل وإقليم كردستان الحالي وقولك ب”أنها فقط تشمل إقليم كردستان (العراق)”، أعتقد بأن ذاك التأويل ليس دقيقاً وذلك لسبب جد وجيه، ألا وهو؛ أن العراق لم يكن قد ولد بعد أساساً كدولة مستقلة لنحدد الجغرافية الكردية التي ألحقت بها بأنها هي المعنية بسيفر فقط حيث وكما تعلم المعاهدة وقعت في عام 1920، بينما العراق استقلت بعام 1932 وهكذا فما جاء تحت استقلال كردستان عن تركيا في المعاهدة لا تنحصر بإقليم كردستان (العراق) فقط، بل تشمل كل المناطق التي سوف يستفتى فيها السكان ذي الغالبية الكردية بهدف الاستقلال عن تركيا، كما جاءت في بنود الاتفاقية وبالأخص البندين 62 و 63 من معاهدة سيفر وهي تعني بأنها كل المناطق الكردية التي كانت خاضعة للدولة العثمانية والتي تعرف اليوم داخل الدول الثلاث (تركيا، العراق وسوريا) وليس كما تدعي عزيزي، بأنها محصورة فقط بإقليم كردستان (العراق) .. وأخيراً وبخصوص النزاع الكردي الأرمني على امتلاك الجغرافيا ورغم أن الأخوة الأرمن تعرضوا للكثير من المجازر على يد الدولة العثمانية، إلا أن الدعوة فيها الكثير من المبالغة في إدعاء الأرمن لامتلاك أغلبية تلك الجغرافيا وأعتقد الديموغرافيا السكانية اليوم تؤكد بأحقية أي طرف لإعلان ملكيتها رغم أن الحل الأفضل ليس في إعلان دول قومية، بل وطنية ديمقراطية تحقق حقوق كل مكوناتها.. مع الود لك أيضاً
بالأخير لا يسعني إلا أن أقول؛ بأن البعض منا يعمل -بدراية أو دون علم منه- على تثبيت ما يروجه الآخرين عنا وعن قضايا -وبالأخص ما تروجها دوائر القرار السياسي في الدول الغاصبة لكردستان- ولذلك نأمل من بعض الأخوة والأصدقاء التروي في البت بكتاباتهم وتعليقاتهم كي لا نكون شهود زور ويقولوا؛ “ها قد شهد شاهد من أهلكم” مع تقديرنا لكل الآراء والقناعات التي قد تختلف معنا في بعض التفاصيل هنا أو هناك حيث بالأخير نجتهد لنقدم رؤية واقعية عن قضايا شعوبنا!
وإليكم رابط نص معاهدة سيفر نص و بنود معاهدة سيفر | المرسال (almrsal.com)