عباس داخل حسن
بعد مذكرات بول بريمر {عامي في العراق} وقبلها صدرت الكثير من المذكرات التي تخص العراق من خلال اشخاص كان لهم ادوار مؤثرة واصحاب قرار وقادة جيوش في الحرب والاحتلال على العراق جاءت خصيصا لتدمير شامل للعراق كدولة وتاريخ بحجة دكتاتور كان حليفهم وصنيعتهم وشرطي المنطقة خلفا لشاه ايران المخلوع ، ويمكن التخلص منه باقل خسائر ممكنه واستغلال ماحدث عام 1991 ابان الانتفاضة الشعبية التي عمت العراق ، ومنذ حرب الخليج الثانية وماتلاها من نشر لبذور الخلافات الطائفية والدينية والعرقية ورسم خرائط جديد للمنطقة لم نعرف حدودها لحد الان ومفتوحة على كل الاحتمالات . تدار تلك الحروب والاجندات بقوى متعددة وبمساعدة دول اقليمية ودولية بشكل واضح وجلي ولايحتاج الى الكثير من الفطنة والعبقرية لتفسير ما يحاك للمنطقة فالاجندات باتت واضحة والسيناريوهات المعدة علانية وان اخذت مسميات وعناوين مختلفة عن مقاصدها واهدافها الحقيقية .
وكشفت مذكرات بول بريمر عن تفاصيل مست اغلب المرجعيات الدينية والشخصيات المتصدرة للعملية السياسية في العراق ومستها بالصميم وخدشتها بقوة . كما كشفت عشيقة بول بريمر {وداد فرنسيس} للصحفي {محمد عرب} اسرار خطيرة فجاء كتابه {مالم يذكره بريمر} اكثر فضائحية وعرى سلوكيات الساسة العراقيين والمرجعيات والاحزاب وارتباطاتهم المشبوهة مع دول الجوار والكيان الاسرائيلي على حساب مصالح الشعب العراقي
وكشفت مذكرات اخرى عن اسرار لها اهدافها كجزء من خدمة للاجندات والسيناريوهات المعدة للمنطقة واذكر منها مذكرات كولن باول وديك تشيني ورونالد رامسفيليد ومذكرات جورج بوش الابن …… والسلسلة تتولى .
ومهما شكك البعض بهذه المذكرات ومقاصدها تبقى تحمل جزء كبير من الحقائق والوقائع التي حدثت خلف الكواليس والابواب المغلقة وان التاريخ لايمكن ان يتجاوزها وستصبح بعد حين من الزمان وثائق يبني عليها الباحثون والمؤرخون ويتلقفوها كحقائق وستشغل الكثيرين في الدراسة والتفتيش وستصبح مثار جدل ربما ستدعمها عملية الافراج عن مستندات ووثائق اكثر بشاعة عما ورد بتلك المذكرات من حقائق وعندها ستكتمل الصورة لما جرى ويجري في المنطقة والعراق على وجه الخصوص وهذا يحتاج الى زمن او ضربة حظ بتسريب تلك الوثائق على طريقة وكيليكس الذي سربت من خلاله وثائق مهمة وخطيرة مست كل اصحاب القرار والحكام في المنطقة واماطة اللثام عن حجم الفساد المرعب وعن ضحالة التفكير في الادارة والسياسة والحكم لهؤلاء وحجم التامر على بعضهم البعض وعلى الشعوب .
{مع ان الحقيقة التاريخية المطلقة غير موجودة على الاطلاق ، فالحقيقة نسبية . لان الذي يكتب التاريخ اولا واخيرا هو انسان يخضع في كتابته لمؤثرات ومكتسبات شخصية تؤثر على مايكتبه} ولكن الامر يحتمل الكثير من المصداقية حينما يصبح كاتب التاريخ كوثيقة او جزء من هذه الوثيقة فالامر هنا يصبح اشبه بالاعتراف والشهادة على مرحلة مازال جميع لاعبيها احياء فتكتسي مصداقية عالية اذا ما ردت او جرى نفيها ممن تعنيهم هذه الوثيقة او الحادثة . وخلاصة مما قرانا ضمن هذه المذكرات لم يتم نفيها او انكارها ممن هم اطراف فيها او رفع دعاوى ولو شكلية لتبرئة الذمم التي مسها بريمر وضد من كتبها طالما بعضها يحمل القدح والذم حد الخيانة للوطن والدين وقبول الرشى والهبات من المحتل اوالعكس الى اخر الرذائل والاتهامات التي تلقفتها الصحافة والنخب كمسلمات وقناعات ترددها في مناسبات عديدة واثرت في الراي العام العربي بشكل حاد وعميق وباتت حجج يستخدمها البعض ضد الخصوم ومن يخالفهم الراي
وغرقت برامج {التوك شو} على الشاشات بعرض العضلات بالاستشهاد بما ورد بتلك المذكرات وكانها مسلمات اواقرار الزامي لتصنيف شعوب المنطقة وللاسف كانت هذه الحملات بتمويل دول اقطاعية وانظمة تعيش بالقرون الوسطى وزمن السلاطين خلفاء الله وظله على الارض ولم اجد من يناقش او يتعرض الى تلك المذكرات من المعنيين بها او المتتبعين لتاريخ المنطقة من العرب وغضت الجامعات ومراكز البحوث الطرف عنها .
وهذا سر تخلفنا هو اننا لانقرا او نصدق كل مانقرا دون تامل اوبحث وتفكير وكتبنا تاريخ القرن العشرين من خلال الوثائق البريطانية والفرنسية ومراكز اوربية غيرها سنكتب مستقبلا بذات الطريقة تاريخنا من خلال الاخر المحتل او المتآمر علينا كعرب لاسباب كثيرة ومتعددة واولها الطاقة واخرها الاسلام كعدو افتراضي يحوك الغرب حوله التهم لشن حروب قادمة اما الديمقراطية والعدالة الاجتماعية فهذا امتياز يخص شعوبهم حصرا وحكرا دون الاخرين . واخيرا احليكم لمتابعة مايكتبه الدكتور محمد البرادعي {مدير الوكالة الذرية السابق} في جريدة التحرير من مذكراته الموسومة {سنوات الخداع} التي تكشف الكثير من مغالطات الغرب حول العراق على وجه الخصوص والمنطقة ولازالت السلسلة مستمرة لدحض الكثير من الافتراءات والذرائع والاوهام التي يتخذها المعسكر الصهيو- امريكي كذرائع لاقناع العالم بشن حروب استباقية للسيطرة والهيمنة وبمساعدة عملاء في المنطقة جاءوا بنفس المركب الذي ازيح عنه اوأبعد عنه اخرين لانتهاء صلاحياتهم وادوارهم القذرة في انتكاسة الشعوب العربية ونهبها وضياع قرن من عمرها ونشر الطائفية والقبلية ونحن نعيش القرن الحادي والعشرين ولاننا شعوب نعاني من انحطاط الذاكرة نعيد نفس الخطأ ونحصد ذات النتائج المؤلمة والمميتة بسبب قلة البحث والتفكير فلا نشخص الاسباب التي ادت الى انحطاطنا او لانجرا على ذكرها بسبب الاستبداد السياسي والديني التكفيري الطاغي على الحياة في الشرق الاوسط عموما وانعدام مراكز البحوث المستقلة كما هو موجود بدول اوربا وامريكا نفسها وانعدام حرية التفكير بسبب تابوات عديدة فرضتها جماعات ومكونات للارتزاق من خلالها وغيبت الشعوب وفتتها تحت مسميات تتنافى مع كل الشرائع والقوانيين والاديان وحقوق الانسان .
جريدة الدستور العراقية