خبر ثقافي
العراق-إيطاليا-أمريكا
*
صدر حديثا (كانون الأول 2016) عن مكتبة تنوير في بغداد، كتابٌ نقدي جديد للدكتورة أسماء غريب بعنوان (ميثم السّعدي وثنائية العرض المسرحي). جاء هذا النتاج في 182 صفحة من القياس الوزيري، وقد خصصته صاحبتُه كما يدلّ عنوانه عليه، لتجربةِ المخرج العراقي ميثم السعدي في مجال المسرح العربي من خلال تجديده للمشهد المسرحيّ المعاصر بابتكارٍ يحملُ عنوان ((ديموس وفوبوس))، أو قمرا المرّيخ اللذان لا يبزغ أحدهما إلا بعد أفول الثاني. ومن هذا التصوّر نبعت فكرة عرض مسرحيتين في آن واحد، وعلى خشبة مسرح واحدة. وهي الفكرة التي أطلقَ عليها المخرج ميثم السعدي نفسُه اسمَ ((ثنائية العرض المسرحي)).
يتكونُ الكتابُ من أربعة فصول، ومن جزء ختاميّ خاصّ بالملاحق تمّ فيه جردُ كل الوثائق الخاصة بتطبيق التجربة المسرحية الميثميّة في مهرجان بجاية بالجزائر لسنة 2014، مع شهادة توثيق رسميّ ببراءة الابتكار مسجلة باِسم ميثم السعدي، دون نسيان الإشارة إلى مختلف الدراسات التي تناولت هذه التجربة في جامعة حلوان بمصر، أمّا الفصول أو الأبواب الأربعة فخُصّصَ الأولُ منها إلى كلمة شكر وجّهها ميثم السعدي لكل أصدقائه وأحبّته ممن شجعوا ابتكاره المسرحي الجديد وساندوه فكرا وروحا، وكذا إلى جزء كامل تمَّ الحديثُ فيه عن هذه التجربة بكل دقة وتفصيل مع الوقوف عند أهدافها، وأيضا عند التجارب السابقة التي أفاد منها ميثم من أجل تجسيد ابتكاره فوق المسارح العربية والأجنبية. كما لم يفت الناقدة أسماء غريب أن تتناولَ في كتابها هذا بالبحثِ والدرس العديد من النصوص المسرحية التي كتبها ميثم السعدي في السنوات الماضية، مُسلّطةً الضوء على ما في كتاباته من تناصّ مع المسرح البيرانديلّي الإيطالي، وكذا على ما في الأسلوبِ والطريقة الميثميّة من نَفَسٍ سيميائي فلكيّ، دفع بالناقدة أن تُسمّي المُخْرِجَ بالرّجل المرّيخي، لأنهُ بالنسبة لها وكما ورد في أحد فصول هذا الكتاب: «لا أحد يمكنه أن يتحدّث عن فوبوس أو ديموس إلا إذا كان من المرّيخ»، وهي تقصدُ بوصفها هذا، الجانبَ السيميائيّ والرمزيَّ في القضية، فكونُ ميثم السعدي أديب من المريخ، يعني أنه مفكّر يحكُمه العقلُ أكثر من العاطفة، وليس هذا فحسب، فهو رجلٌ خَبِرَ الحربَ ومآسيها، ولا شكّ أنّ تجربته العسكرية هذه أثرت كثيرا على فكره المسرحي. وهو التأثير الذي لا يمكنُ شرحه إلا من خلال طرح مجموعة من الأسئلة من قبيل؛ ما علاقة اختيار ميثم السعدي لكوكب المرّيخ بالجانب الحربي والعسكري من حياته؟ وما لنصوص ميثم بديموس وفوبوس؟ ثم ما الذي يربط صفة الثنائية وصيغة الازدواجية بمشروعه المسرحي كاملا؟
هذه كلّها إذن أسئلة لا يمكن اكتشاف الجواب عنها إلّا بتصفح الكتاب كاملاً، وقراءته بعين المحبّة والفنّ. فمرحباً بين صفحات هذا العمل الجديد بكلّ حرف خطا خطوة على ركح مسرحيّ، ليساهم في بناء حضارة ومجد الإنسان.