النقد والخيانة الثقافية
علي حسن الفواز
لاتوجد قصيدة نضرة وأخرى بشعة، كل ما في القصيدة هو لعبة كتابتها، تلك المسكونة بالنقائض، فهي تارة لعبة في التعري، وكلما أمعن الشاعر في(ستربتيزه) أثار الفضول والشغف والتواصل من حوله، وتارة أخرى هي تشبه تظاهرة عمومية تستغرقها اليافطات الثورية والرافضة أو المساندة، والتي تعتمد أيضا لعبة التهييج والتلذذ الإشباعي الذي تستحضره التظاهرات عادة..
كلا الصوتين تضعان القصيدة في الأفق، أقصد أفق قرائتها، والتمعن فيها بحثا عن الغائب والممحو، أو تلذذا بما تصنعه اللغة بوصفها بيت الكائن أو زاويته أو طاولته..
القصيدة النضِرة هي التي تخصّ تخيّلنا، والتي تدفعنا لإدراك ما لايُدرك فيها، أو ماهو مُضمر في نسقها، وهذا ما يحعلها خاضعة لسياق فاعلية الحكم النقدي، بوصفه العتبة الاولى لفعل القراءة العميقة..
النضارة والتوحش ثنائيتان افتراضيتان، وخاضعتان لنوع من التلفيق الذي يمارسه البعض من(محرري الصفحات الثقافية) إذ يتواطؤن مع أسماء(مُكرّسة) ولها ثقلها التسويقي بوصفهم منتجين افتراضيين للنص النضِر، وهذا جزء من الخيانة الثقافية، وما أكثرها في ثقافتنا العربية..
نشر القصيدة، بقطع النظر عن توصيفها- تخضع لمزاج المحرر، وأنّ وهم نضارتها يُفرَض على القارىء بوصفه حكما متعاليا، وطبعا سيكون النشر كإشهار دافعٍ للكتابة عنه، أو التبشير به، فلا توصيف نقدي او مقاربة نقدية خارج لعبة النشر، ولعبة الاشهار والتبشير في ثقافتنا العربية لعبة خطرة ومريبة وخاضعة للمزاج العصابي القرابي، والذي كثيرا مايستعيره المثقفون/ النقاد من المرجعيات القرابية في البنى الاجتماعية المضطربة والمهيمنة…