لماذا تكتب…؟ ولمن تكتب…..؟
احمد لفته على
لماذا تكتب؟ ولمن تكتب؟ هذه الصيغة من السؤال توجهت به الى مجموعة من الكتاب والمبدعين.. احدهم غرق في الضحك لم ادر هل لسذاجة السؤال او للمفاجأة من نمط كهذا من الاسئلة.. ربما احرجته؟ ولكنه اجاب بالقول : سأجيبك كيف اكتب؟ ولماذا..؟ قلت كيفما تجيب فانت حر ولكني وجدت الروائي السوري حنا مينا حين فوجئ بسؤال مثل سؤالي من قبل احد المثقفين قال: امرض قبل ذلك واحس بتعاسة، يتضاعف قلقي، واستشعر رغبة في البكاء وفي الرحيل واعيش في كآبة واسترخاء غير صحي، الى ان ابدأ العمل وامضي فيه بضع صفحات، وعندئذ استعيد صحتي النفسية والجسدية بالتدريج وكلما مضيت في الكتابة استعدت حالتي الطبيعية المرحة والمتفائلة، ان عملية الكتابة عملية شاقة بالنسبة لي وعملية حزينة مرهقة للاعصاب، أعدت توجيه السؤال نفسه الى الناقد علي حسن فواز فقال-اعتقد الكتابة متعة ولا يمكن ان اعزل متعتي عن الكتابة.. وحينما تغيب المتعة عن الكتابة اصاب بالتيبس، الكتابة هي ايضا تعبير عن مجموعة طوفانات داخلية.. كمجموعة هيجانات التي تشكل نتيجة هذا التصادم اليومي مع الزمن.. مع الاخرين مع تفاصيل الحياة، مع الشارع ، مع القلق والنساء.. مع كل هذه الحيوانات الصغيرة التي تمشي داخل القاع وتمشي على سطح الاشياء كل هذه العوامل مجتمعة تصنع لي شكلا من الحياة ربما انا معني بالتعبير عن الحياة ولكن ليس التعبير عما هو مكشوف ربما التعبير عما هو سري.. عما هو سحري.. عما هو مدهش.. عما هو غير مرئي هي مهمة الكاتب. يعني الكاتب يتمتع بوظيفة استثنائية.. ربما من الصعب ان يتمتع بها كائن آخر.. ربما الباحث .. المعلم الطبيب.. الموسيقي .. الرسام دائما يتعامل مع الظواهر المجسمة.. انا اتعامل مع ما دون الوضوح عما هو تحت السري.. كل احزاني تحلها الكتابة.. وربما كل تمرداتي وصخبي يتمظهر بالكتابة انا رجل امتلك صراخاً داخلياً… يعني هذا الصراخ يتمظهر احياناً على شكل هذه القوات والتأوهات، هذه الاصوات الخارجة عن المألوف، على الاخرين ان يدركوا ان هذا الصوت هو صوت الحياة السرية الذي نكتبه والذي نحاول ان نرميه على الاخرين.. ثمة مشكلات عميقة للكاتب، ثمة احزان كثيرة يصنعها الاخرون ولكننا لم نملك وسيلة او حيلة الا ان نثرثر مع انفسنا هذه الثرثرة سرعان ما تتحول الى الواح و اوراق ، على الاخرين ان يفكوا طلاسمها…
-وهل هناك فئة محددة توجه اليها خطابك الشعري سألته او انه خطاب عام يشمل كل الشرائح في المجتمع؟
-قال انا لا ارمي بحجري على الاخرين وليس لدي حائط معين اقف عنده وليست لدي جهة واحدة اتوجه اليها فالكاتب هو الذي ينتمي الى كل الجهات والذي يصنع كل الجبهات، الكاتب صانع جماليات، صانع متع صانع لذات. بائع هوى.. اعتقد ان هذه الصفة التي يتمتع بها الكاتب تجعله من حصة الجميع .. انا لست جهة احد.. انا حصة كل الذين يتنفسون الحياة!!!
اما الدكتور خليل محمد ابراهيم/ استاذ الادب الاندلسي.. فقد اطلق ضحكته مجلجلة لدى سؤاله: قلت له: هل سؤالي غريب؟
قال: لا… انما انا سألت نفسي مرة قلت مَن انا؟
-فلم اجد من انا!!!
قلت له هذا انا…
أجاب الدكتور: لست ادري…!!
-اما كيف اكتب؟ فهو احساس بضرورة ان يقول الانسان ماعنده للناس من جهة وللمسؤول من جهة اخرى..
من هذا المسؤول دكتور؟
-ليكن من يكون..فأنا اكتب بطريقة اشعر انها تعبر عني ذاتياً… التي لم تتغير ولكنها تطورت..
كيف تطورت باعتقادك؟
-تطورت من خلال تطور الحياة من جانب وتطور ثقافتي الشخصية من جانب آخر..
اما لمن اكتب؟ فانني اكتب لمن يقرأ..!! بل اكتب لمن يفهم ممن يقرأ..
ومن قراؤك دكتور؟
-لست ادري.. ولكنني اشعر ان هناك شخصين ينبغي ان يقرآ لي الاول هو المسؤول..والثاني هو الانسان العادي.. اما المسؤول فلأنني اضع امامه نبض الشارع الذي هو مبتعد عنه.. واما الانسان العادي فلأنني هو..!!
واما لماذا اكتب؟ فكلي اطور امتي ومجتمعي ونفسي.. الكتابة ليست عطاء فقط انها عطاء واخذ..انها اشعار بالنقص .. فهذا الناقص الذي يكتشف انه ناقص يجد ان من واجبه ان يكمل نفسه .. فكيف يكمل نفسه بدون ان يتطور.. من هنا فالكتابة ليست عطاء ولا تفضلا انما هي عطاء واخذ وتطور وتطوير هذا هو السبب الذي يجعلني اكتب..
وهل تعتبر الكتابة قضية دكتور..
طبعا الكتابة قضية.. من ليست له قضية لا ضرورة له ان يكتب وماذا يكتب؟ الكتابة قضية حينما اكتب عن البيئة فأنما اكتب عن قضية وعندما اكتب عن الثقافة فأنما اكتب عن قضية..وحينما اكتب شعرا فأنما اقدم للناس فلذات من وعيي وافكاري..
وماذا تقول فيمن ينتقدك اذا كان موضوعياً
-ان النقد نقد.. هل هو اصلاح او هدم
-لايوجد اصلاح ولا يوجد هدم بل نقول انه نقد موضوعي او غير موضوعي…
فاذا كان موضوعياً فقد استفدت منه.. واذا كان العكس اي غير موضوعي ماذا افعل.. لكنني استفيد فقط من الجانب الموضوعي من النقد.. ولقمان الحكيم يقول انه تعلم الحكمة من الجهلاء. كان يرى ماذا يفعلون فلا يفعل.. وهكذا افعل مع غير الموضوعيين اتعلم منهم ان لا اقع في جهلي.. الكلام كثير ولكن خير الكلام ما قل ودل..
اما القاص والناقد والشاعر علوان السلمان فقد طرح رأيه في موضوع لماذا تكتب؟ ولمن تكتب بالصيغة الاتية:
-الكتابة تعبير عن الذات .. لماذا اكتب؟ اكتب كي اشعر بانني موجود كي اشغل حيزا بهذا الوجود الهائل.. خدمة لبني الانسان واني جزء من هذا الانسان .. او جزء من الانسانية لذا اكتب لاقدم شيئا يخدم الذات اولا وهي جزء من المجموع.. لذا فالكتابة انطلاق من الذات الى المجموع الانساني…
ولمن تكتب؟ ولمن توجه خطابك في الكتابة؟
-الكتابة ليس لها تحديد.. انا اكتب لكل الشرائح الاجتماعية.. فهنالك من يكتب للخاصة وهناك من يكتب للخاصة الخاصة.. انا اكتب للمجموع لذا في كتاباتي النقدية.. استطعت ان اعطي العراق كله وكل المؤلفات القصصية تقريبا والشعرية انا معها باستمرار اكتب عن كل هذه الكتب كل اعرف بالاديب الذي يعيش في اربيل والأديب الذي يعيش في البصرة..والناصرية وميسان.. والاديب الذي يكتب من بغداد… لكل القراء وليس لقارئ محدد، اذن انا اكتب للمجموع ولم اتخصص لفئة معينة كي اكتب لها واسخر لها طاقاتي لان الطاقة الموجودة هي طاقة في خدمة الاخرين.. لاخدمة شخص.. او فئة عامة واؤكد ما قاله ماركس عندما قال مقولته الهائلة (الواقع الاجتماعي يولد الوعي الاجتماعي فأنا ابن مدينة الثورة انطلقت من واقعي وكان احتكاكي بكل الشرائح لم اختص حتى بالطبقات الفقيرة.. بل كنت لكل الطبقات.
هكذا اذن انا .. او من هذا المنطلق انا اكتب..
وقد ادلى الكاتب والاديب حسين الجاف بدلوه في موضوع لماذا تكتب؟ ولمن تكتب حيث التقيناه في اروقة الاتحاد العام للادباء والكتاب قائلا:
-انا اعتقد ان الكتابة مرادف لحياتي.. يعني ان اكتب فاذن انا حي.. وهناك دوافع عدة ان يكتب الانسان لكن الحب هو اسمى واقوى واجمل الدوافع للكتابة.. لان الاساس في الكتابة هو الشعور والشعور وليس له دافع قسري او اجباري…
نحن نكتب لكي ندفع بالموت عن حياتنا خاصة في ظل ظروف كهذه من الانفجارات والاغتيالات وانعدام الثقة بمن يقودون الامور في البلد… لذلك فالكتابة لدي لها معنى مرادف.. ان تكتب يعني ان تحيا وتعيش…
لمن تكتب؟ اولا انا في البداية كنت اكتب لنفسي وعندما اصبحت كاتبا وصحفيا اصبحت اكتب للاخرين.
-وهل هناك شريحة محددة توجه خطابك الادبي اليهم.
-بالتأكيد شريحة الشباب.. وشريحة الطبقة الواعية من الناس..