انماط المثقفين …
بين كرامشي وجوليان باندا وهاشم العقابي
حينما نقرا عن انماط المثقف في الثقافة الغربية غالبا ما تبرز الى السطح تقسيمات ادوارد سعيد في كتابه انماط المثقفين التي سنؤجلها الى فرصة اخرى، ونقصر اهتمامنا على اولا، كرامشي الذي تنتهي تقسيماته للمثقفين الى نوعين منهم:
اولهما، المثقفون التقليديون، واسميهم التقنيين، وتمتاز اشتغالاتهم بالثبات والتكرار ومنهم: المعلمون والاداريون والمهندسون والاطباء والكهنة.
والثاني هم المثقفون (الدعاة) او المنسِّقون، وهم ما تشيع تسميتهم المثقفون (العضويون)، وهم المرتبطون بالطبقات، والمشروعات، والشُّلل والتجمعات، ومنهم: الاقتصاديون، والقانونيون، والمشتغلون في الصحافة لصالح الغير…
واجد في هذا التقسيم قصورا كونه يستلزم ان يغطي فئة مهمة من المثقفين الذين هم ليسوا تقنيين ولا مرتبطين بجهات اخرى، وهم مستقلون في خياراتهم، واسميتهم مرة (المثقفين البانديين)، نسبة الى جوليان باندا مؤلف كتاب (خيانة الاكليروس)، وهؤلاء هم “المثقفون من ذوي المواهب الفائقة، والاخلاق الرفيعة، الذين يشكلون ضمير البشرية”، وهم الحريصون على ابداء رايهم في المشكلات الاجتماعية، ولكنهم لا ينغمسون في الحراك الاجتماعي الا بصفتهم مواطنين، كما ان تقسيم غرامشي يغفل فئة تنتمي الى الفئة البادية بشكل طفيف للغاية وهم: المبدعون من غير المنظّرين، اي الذين ينتجون سلعة ابداعية او ثقافية، ولكن لا مساهمة لهم في ميدان الوعي والانتاج الفكري الثقافي التدويني، ومنهم: الفنانون الشعبيون الفطريون والرسامون والنحاتون الذين لا يفقهون من الرسم الا تقانته، والبعض يلحق فائق حسن ومحمد مهر الدين ضمن هؤلاء في ارقى مستويات هذه الفئة..
انني اجد ان هذا التقسيم لا يضم كل فئات المثقفين في ثقافتنا، وعلينا تقديم دراسات بانماط مثقفينا. وقد لفتت انتباهي مؤخرا تقسيمات لهاشم العقابي التي انتجتها اوضاع العراق الاستثنائية حيث كشف العقابي انماطا من المثقفين العراقيين منهم: المثقف اللوكي، والمثقف السرسري، والمثقف العفطي، وقد يتمادى البعض في المضي بالتقسيمات فيضيف: المثقف الندّاس، والمثقف العلّاس، والمثقف الكيولي (متعهد المهرجانات)، والمثقف النائب ضابط (اي العميل السري)، والذي تسميه عمتي رحمها الله (ملايكة النقالة)، والمثقف السمسار (الكواد)، والمثقف النسوانجي.. وغيرهم وغيرهم …