مَسرحة القَصائد عَلَى خشبةِ محراب فرقة يالادا / مالمو
بقلم :يحيى غازي الأميري
بعملٍ ثقافي أدبي فني متقن رائع، أمضينا أمسية ثقافية مبهرة ممتعة، تحت عنوان (تحولات) مضى فيها الوقت سريعاً تشارك فيها (الشعر والموسيقى والغناء والتمثيل).
الشاعر القدير (عدنان الصائغ ) القادم من مدينة الضباب ،بصوته الشفيف أنشد للحضور نصوص دافئة تنبض بالحنين واللوعة والآهات والوجع، من ديوانه (هذيان الذاكرة المرة) ومقاطع أخرى من ديوانه (نشيد أوروك)وديوان ( تأبطَ مَنفى).رافق قراءة (الصائغ) لقصائده، صوت (ناي) حديث( فلوت) لفانة سويدية جميلة أحد أعضاء الفرقة المسرحية، كانت بزفير مقنن من فمها وأناملها الرقيقة تداعب نايها الفضي لتٍسحر الحضور الذي غصت بهم قاعة المسرح الصغيرة.
فيما كان الحضور ينصت مبهوراً مشدوداً لصوت المبدع الفنان (علاء رشيد) وهو يطوف بنا بعوالم الغناء والشعر الصوفي الساحر عالم (مولانا جلال الدين الرومي والحسين بن منصور الحلاج ورابعة العدوية) والحان الموسيقار الملا عثمان الموصلي، وعلى نغم (نقرات الدف / الرق ) وجلجلة صنوجه المعدنيّة، وهو يطرق نوافذ العشق والفراق، يرافقهم صوت سحر (الناي/الفلوت) الذي يخرج من أعماق الروح فيبث الحنين وأوجاع الشجن.
الفنان (علاء رشيد) شد الجمهور إليه، وهو ينشد قصيدة (ياعذولي لا تلمني) :
يا عذولي لا تلمني ما على العاشق ملام
ادنُ مِنّي وأروي عنّي أنا في العشق إِمام
خمرةُ الأحباب تجلى هيَ حلٌّ لا حرام
من دموع العين تملى مائها البر السلام
وقد تألقت الفنانة (ريام الجزائري) وهي (تمسرح) قصائد (عدنان الصائغ) قراءة وتمثيلاً باللغة العربية، ترافقها قراءة لنفس النص فنانة أخرى تقرأ النص (باللغة السويدية وتارة أخرى باللغة الإنكليزية).
في مشهد (مشترك) تشارك فيه (الموسيقى والغناء والشعر) لمقطع من ديوان الشاعر عدنان الصائغ الموسوم (تأبطَ مَنفى) :
صوت (الناي المشحون بالشجن) لعازفة سويدية، وصوت غنائي شجيّ يبث شكواه إلى (الرب) من هول المحن ، صوت الفنان (علاء رشيد) وهو يغني مقطع من القصيدة؛ وبقراءة موجعة كحزن روح (النص) قرأ الشاعر ( عدنان الصائغ) مقاطع من قصيده؛ تلك القصيدة التي أقصت وحرمت الشاعر (عدنان الصائغ) من المشاركة في مهرجان (للشعر) كانت قد تمت دعوته إليه في (عمان / الأردن) أدناه مقطع من القصيدة :
(سأقذفُ جواربي إلى السماءِ
تضامناً مع من لا يملكون الأحذيةَ
وأمشي حافياً
أُلامسُ وحولَ الشوارعِ
بباطنِ قدميَّ
محدقاً في وجُوهِ المتخمين وراءَ زجاجِ مكاتبهم
آه …
لو كانت الأمعاءُ البشريةُ من زجاجٍ
لرأينا كمْ سرقوا من رغيفنا
أيّها الربُّ.)
وقبل ختام الأمسية، أدارت الفنانة (ريام الجزائري) بروح مرحة حواراً صريحاً ممتعاً مع الشاعر المحتفى به (عدنان الصائغ) والذي تحدث فيه عن أبرز محطات حياته (الكوفة مكان الولادة (1955) والنجف ونهر الفرات وبغداد والحروب العبثية)، و أبرز محطات تنقلاته في هجرته (الأردن وسوريا ولبنان والسويد وأخيراً استقراره في لندن) وتحدث عن ظروف كتابته لديوانه (نشيد أوروك) الذي عجل بهجرته من العراق عام(1993) وكذلك حدثنا عن ديوانه الشعري الأخير (الضخم ) الموسوم (نردُ النصِّ) والتي تعد أطول قصيدة بالشعر العربي أذ تبلغ عدد صفحات الديوان (1380) صفحة.
بشفافيته العذبة أجاب الشاعر (عدنان الصائغ) على أسئلة واستفسارات الحضور.
تخلل الأمسية استراحة قصيرة لمدة ربع ساعة كانت فسحة جميلة للتحدث مع الاصدقاء وتناول كوب من القهوة والتقاط بعض الصور التذكارية.
تحية كبيرة لفرقة مسرح (يالادا )لنشاطاتها المتميزة الجادة.
كتبت في مالمو الجمعة 06 /أيار ــــ مايس 2022