حامد كعيد الجبوري
ربما نتساءل ما هو فحوى هذه العنونة لهذه الموضوعة ؟ ، وهو سؤال قد يثير الدهشة للكثير وأنا منهم ، يفترض للمثقف أن يحمل الأخلاق قبل حمله للثقافة ، وبخاصة أن أردت أن تتخذ من ذلك المثقف صديقا ، والكثير من حملة الثقافات لا تجد فيهم
هذه الميزة لنتخذهم أصدقاء ، وهنا يبرز سؤال لابد منه وهو من المثقف ؟ ، وهل الذي يبحر بزورق ثقافي واحد هو المثقف ؟ ، أم الذي يبحر بسفينة الثقافة هو المثقف ؟ ، وأعني بسفينة الثقافة كل فروعها الثقافية من أدب ،وعلوم ، ومسرح ، والدراسات الاجتماعية ، والسياسية ، والتجارية ، والصناعية ، والزراعية ، وما الى ذلك ، ومثل هذا المثقف الذي يعي أغلب هذه الفجاج يمكن أن نسميه بالمثقف الشمولي ، ومن يتخصص لوجه واحد نطلق عليه المثقف المختص ، ومجموع هذه الثقافات أن لا تؤطر بالخلق الرفيع فيعني أن ذلك المثقف غير مستكمل لشروط الثقافة كما أراه ، ولابد للثقافة من دفة تسيرها ، وأعني بذلك وزارة الثقافة ، وكل هذه المقدمة بسبب أن وزارة الثقافة تتعامل مع الشريحة المثقفة العراقية ، وهي أخطر شريحة مجتمعية بسبب سطوتها وحضورها الفاعل إعلاميا وأعني المثقفون ، قسم من المثقفين يرون أن مكانهم الطبيعي هو ذلك الكرسي الذي يجلس عليه وزير الثقافة أو وكلائه أو مدرائه العامون ، وقد يكن مصيبا بما يطرح إلا أن الواقع السياسي العراقي غير ما يحلم به المثقف بسبب المحاصصة الحزبية والعرقية والدينية والمذهبية ، وفي كثير من الأحيان يجد المثقف نفسه أفضل بكثير من صاحب الموقع الذي شغل ، وأكرر ربما هو مصيب بذلك أيضا ، وقسم آخر من المثقفين يجدون أن وزارة الثقافة هي وزارة هامشية ليس لها إلا الإيفاد والسفرات غير المجدية نفعا لثقافته التي يراها ، متناسيا ان الوزارة لها علاقات ثقافية يجب أن تمتد خيوطها لتلتحم بالثقافة العربية والعالمية من خلال هذا التواصل المعرفي ، وقد يكن المثقف مصيبا نوعا ما بما يراه أيضا ، ويعترف الكثير من كبار موظفي الوزارة بهذا الطرح ، وهنا يبرز تسائل آخر ممن يقرأ هذه الموضوعة ويقول لم تريد أن تكتب عن وزارة الثقافة ؟ ، وهل كتابتك تعتبر تزلفا وتقربا نحو هذه المؤسسة الحكومية الثقافية الكبيرة ؟ ، وهنا علي أن أرد على مثل هذا التساؤل وأحيل لمن يتهمني هكذا أن يقرأ مواضيعي وقصائدي من خلال الصحف العراقية ومنابر الأعلام الألكترونية كالحوار المتمدن وموقع الناس وغيرها ومثلها الكثير ، ولست باغيا من وزارة الثقافة العراقية أي شئ فأنا موظف عسكري متقاعد ، ولي نشاطاتي الكثيرة ولست بحاجة لوزارة الثقافة أن تسوقني إعلاميا أو ماديا ، ويعرف الجميع السمة التي عرفت بها منكرا لكل ممارسات الدكتاتورية المقبورة ، وحتى أن أسمي لم يكن يتداول بين مجاميع الشعراء أو الكتاب الذين طبلوا وزمروا لنظام أعتبر امتداحه سبة وسيئة أتحاشى لنفسي ولقلمي أن أدنسه بمثل هكذا أنظمة متهرئة ، بعد سقوط الدكتاتورية وصنمها لمزبلة التواريخ أيقنت أن علي أن أكرس جهدي وقلمي وصوتي للقادم الجديد سواء أحسن أم أساء ، بمعنى أدق أني مؤمن بالنظام الديمقراطي الجديد الذي يفرز الجيد من خلال صناديق الاقتراع ، مع قناعتي أن هذا الصندوق قد تصل له أياد خفية لتعبث به ، وواجبي وواجب كل ضمير حي أن يحاول بناء المجتمع الجديد ضمن الأطر الديمقراطية التي يجب أن تفرز الصالح عن غيره ، وليس حديثي عن وزارة الثقافة العراقية لكسب ودها لأضيف أسمي أو أسم من ينتمي الى إتحادي ( إتحاد الشعراء الشعبيين ) – وأنا أمين سره – لما يسمونه منحة الإبداع ، فوقت التسجيل انتهى وظهرت الأسماء جلية ومعرفة للجميع ، بمعنى أكثر دقة أن المبالغ محددة والأعداد حددت بموجبها فلا يستطع الوزير أو الوكيل أن يضيف أسما عليها ، وهذا جواب من يريد أن يتهمني بالتزلف والتسويق الإعلامي لوزارة الثقافة ، وأجد نفسي قد كتبت الكثير عن التجاوز والاستحواذ والقرصنة المشرعنة وغير المشرعنة للمال العام من قبل الكثير من الرموز الحكومية الكبيرة والصغيرة ، ووضعت أصبعي متحدثا عن الفساد الإداري والأخلاقي ، ولكني لم أتحدث عن إيجابية واحدة لمصلحة الحكومة الجديدة ، وهذا تقصير أجده غير مبرر مني ، وعلي واجب أخلاقي أن أشير للجيد ونشد أيدينا بيده لنرتقي صوب ما نطمح له جميعا ، لذا سأكتب عن الخلق العالي الذي يحمله الموظف الثقافي لتكتمل عندي وعنده الصورة المشرقة للمثقف الذي يحمل الثقافة ويحمل الأخلاق ، ومن هذا الطرح أتيت بعنوان الموضوعة ( الثقافة أخلاق أم الأخلاق ثقافة ) ، ومن الجميل جدا أن يجتمعا سوية الأخلاق والثقافة ليكونا شخصية تحمل كل الميزات الإنسانية الرفيعة ، وهذا ما وجدته بالسيد ( طاهر حمود الموسوي ) ، ولست راغبا بنعته وكيلا لوزير الثقافة ، بل جردته من سمته الوظيفية لأنها تزول وأسم الثقافة والخلق يخلدان ، استقبلنا برحابته المعهودة وأمتص زخم ثورتنا ضد وزارة الثقافة ، وأثبت بجهوده الشخصية بقاء إتحادنا الفتي ( إتحاد الشعراء الشعبيين ) مرفوع الرأس أمام التكتلات الكثيرة التي تحاول طمس مجهودنا الوطني ، بل أصر على وجود هذا الإتحاد بصفته المعنوية لأنه على علم بتطلعات هذا الإتحاد ، وأسجل شكري لمدير مكتبه السيد ( حيدر الشوكي ) والسيد ( باقر الشوكي ) ولحسن خلقهما وأخلاقهما النبيلة ، ولمن يعملون بمعية مكتبه ، ولا أغفل ما قدمه السيد ( رعد علاوي الدليمي ) مدير الإدارية والمالية بوزارة الثقافة الذي فتح لنا داره ومضيفه العشائري وأبواب دائرته لتقبل طروحاتنا التي تخص تشكيلتنا الثقافية ، والست الفاضلة ( ليلي خزعل ) معاونة المدير العام للإدارية والمالية هذه المثابرة الدءوب والتي يطلقون عليها موظفوها ( عمة ) فتصورتها طاعنة بالسن ولكنهم كنوها ب ( عمة ) حبا وتكريما لها ، وأسجل شكري للأستاذ ( قيصر سهيل ) ذلك الخلق العالي والاستقبال المكرم لمن يطرق باب دائرته فلا يكل من سؤال ولا يتردد عن فعل خير يقدمه ما أستطاع ، ولا أنسى الصديق الأستاذ ( عقيل المندلاوي ) مدير العلاقات الثقافية الذي هيأ لنا وبجهوده المثمرة لننجز لوزارة الثقافة أربعة مهرجانات وطنية بدعم وتمويل من وزارة الثقافة ، ومعاونه السيد ( مظفر ) لما يبديه من تفهم عملي لواقع المشهد الثقافي .
أتمنى أن نجد أشخاصا هكذا بوزاراتنا العراقية الأخرى ، وأعتذر ربما هم موجودون ولكن بحكم علاقتنا مع وزارة الثقافة لا نحتك مع الوزارات الأخرى .