قراءة الاستاذ محمد بن رجب في : ديوان اشارت أرتيمس لبسمة مرواني – تونس –
: إشارات بسمة الشاعرة
—————————————————–
وانت تسبح في ملكوت إشارات ارتيمس ستزدحم أمامك الأسماء التاريخية والتراثية من الحضارات الإنسانية اليونانية واليهودية والعربية والهندية ذات الأبعاد الدينية والفكرية والفلسفية بعضها يحمل الصفة الألوهية والبعض الآخر ينطق شعرا ويحكي أسطورة ثرية بالمعاني العليا.. انطلاقا من ارتيمس العذراء عاشقة الطبيعة.. وحامية الوجد والشوق. وليليت الشيطان اليهودية القادمة من الافق العليا لبث الفوضى وافساد العلاقات.. وعلى الأرض هناك شيف الإله.الذي يحب الناس. . وآرس اله الحرب المتعلق بالدمار.. وتعترضك ايكو الحرية الهدية من السماء المنفلتة من عدن.. واللقاء الجميل يكون بنرسيس الجميل الذي يعشق نفسه من أجل بث جمال الاهوتي خارق للعادات والسماوات
لماذا اختارت بسمة المرواني الشاعرة أن تكون ارتيمس لها إشارات؟! وكيف لا والاشارات هنا تلتقي بعد الأمد.. وفي تاريخ الأبد بشارات الهيئة كتبها المعري.. ليبدو الشعر ابن التاريخ المطلق.. وابن الإنسانية المنطلقة من أجل حرية الإنسان.. و جمالية الدنيا..
وكيف تستحضر الشاعرة ارتيمس فلا تستيقظ معها الأساطير الثرية المتدفقة بالمعاني.. التي تسكن القصيدة لتستخرج كنهها وتعري ما هباته الشاعرة في اعماقه فالشاعرة تعتبر القصيدة محمل أسرارها.. تنثر بذور الكتابة.. و تستدعي نور الحروف الخصبة من أجل قصيدة جديدة تنافس ما وضعه هوميروس الشاعر الإله /النبي الذي يتحدث عن ألوهية الإنسان على الأرض .. و الإله/الإنسان في السماوات الأخرى ولذا نجد في الأسعار الحلقة داخل عالم بسمة المرواني شعراء من عظماء التاريخ المتغلغل فينا.. أمثال الصوفي ذي الجبة التي أخفت الله في أعماق القصيدة الروحية.. هو الحلاج.. وذاك المحب للعذرية والطبيعة والغضب الثوري ابن الرومي.. و الثائر دوما من أجل قضية الأرض والعرض والتاريخ محمود درويش كلهم من أصحاب هوميروس…
.. وانت تسبح في دنيا بسمة تسلح باللغة والتاريخ لأنك ستلتقي بعوالمها الجميلة وهي شتى.. فالامكنة في شعرها.. هي المسجد والكنيسة والمحراب والقدس والصومعة والمعبد.. كلها من أجل الانسان النقي.. الإنسان الذي يتوق للقيم المطلقة العليا…
و الشاعرة في عالمها لها علاقات عميقة مع الذات السماوية العليا لذلك تتكاثر كلمات والمراد فات الدينية العليا.. الله والآلهة والله والرب والرقبة والرحمان.. وتتداعى ما بين الأرض والله والسماء جماعات النبوة والمتصوفة والملائكة والكهنة… كلهم يلتقون على شيىء واحد.. هو التقوى والتقية والاتقاء.. من أجل انسانية مطلقة لا تنزل ابدا الي حضيض الأرض وتبقى مكافحة من أجل قيم عليا لانسانية حقيقية عالية.. واذا كانت الامكنة هنا لها علاقة وطيدة باللاهوت والالوهية.. فإن العوامل التي كتبت فيها الشاعرة. و تحدثت عنها هي المطلقات الأرضية مثل البحر والصحارى و الهواء والرياح والعواصف تتعانق مع المطلقات السماوية كالزمان .. والروح والموت والحياة والنور.. وروائح الجنة والجحيم…
اذن تتدفق المفردات والالفاظ في هذه المجموعة الشعرية لتتشكل قصائد جميلة حتى إذا فككت أسرارها عشقتها.. واذا ما استعصى عليك أمرها احببتها لأنك تحب الغموض ولأني معك لا أخاف عتمة المعاني ولا الأمكنة…..فالشاعرة تحقق لك بشعرها القادم من وحي الاسطورة والدين والحياة.. لذة.. وتهديك صورا راقية من الجمال القادر على الكلام.. القادر على أن يحدثنا عن الحب والعشق والوجد والعذرية والنقاوة والشوق.. فنرقص فرحا.. ونرتل مع الشاعرة آيات الجمال فنذوب في عذرية الآتي..
تلك هي إشارات ارتيمس الثائر في هدوء..
هي الشاعرة بسمة باشاراتها الشعرية المتفجرة عشقا للحياة…
لقد نالت هذه المجموعة مني ما نالت.. نالت شوقي الي جمال الكتابة.. والي صوفية الكلمة العاشقة للانسان والله. في كل اللغات.. وفي كل ما تعبر عنه الاديان…
قد تكون القصائد غامضة… وقد تكون اصلا هي العتمة فلا تستسلم في معانيها بسهولة .. لكنها تستسلم بسرعة في جمالها.. ولذائذها..
لقد صورت لنا الشاعرة عالما كاملا من الشعر الصافي . هو عالمها٠ الغامض.. الزاخر بالصور والزاهر بالمشاهدة الحية من التاريخ والاساطير الغنية الحنبلي بالمعاني والأفكار
.. أيتها الشاعرة صاحبة إشارات ارتيمس هي اشارتك لقد أمتعتنا كتابتك… واختيارك لنوعية الشعر الذي تكتبين
هذه القصائد هي الغموض نفسه .. ولكنها جميلة.. لذيذة كلما اوغلت في الغموض غمدنا نحن القراء سيف القراءات فنلذذها أكثر
انها مثل امراة جميلة لكنها غامضة…. نحاول أن نفهمها فلا نفلح لكننا نحبها اكثر وقد نذوب فيها عشقا…
لقد صورت لنا الشاعرة عالما كاملا. هو عالمها الغامض.. زاهر بالصور والمشاهد الغريبة.. وهي تتولى صياغة الوصف فتوغل في الكلام الي أن يغيب في الغموض… فالاشياء لديها وأمامها تفقد كياناتها العادية لتتحول الي كيانات شعرية لا تتكلم طبعا لكنها تعبر عن الغرائب في اعماقه . وتفضح عالمها العجيب الساري في تلافيف روحها المعذبة.. لكنها منطقة من أجل الأفضل
انت الشاعرة هنا…. لست سليمة نفسيا.. انت تحسين بالألم من الكتابة من نحت القصيدة ذات الأسرار / الصخر….. وانت تصعدين ايامك على سلم الحياة وتتوجعين من نحت الكلمات لتختفي أسرارك.. لكن أين الهروب ونحن نحب الشعر لنفك أسرار الشعر.. و نكتشف خفايا الشاعر…..
أنت لا تصعدبن الجبل الحقيقي في الأرض إنما أنت تصعدينه بالكلمات الموجهة الغامضة فتنتصرين على القصيدة وتكتبين الشعر فإذا به واضحا. وقد كشف عن عوالمه الغامضة مثل شعراء الرومنطيقية يهربون من الحقيقة لكن الحقيقة تغالبهم فتغلبهم ..
أنت يا بسمة لست مثل الشاعر القديم الذي حدثنا عن سيزيف الذي يصر على صعود الجبل يحمل صخرة.. وكلما اقترب من القمة يتدحرج ثم يقوم بمحاولة تلو الأخرى في مأساة إنسانية مدمرة ترجمها كامو.. و كتبها الأديب التونسي محمد المسعودي في كتاب* السد*حيث العمال يبنون السد في تعب.. و عذابات لا تنتهي لكن السد في النهاية ينهار.. فيقول صاحب السد… ان الأدب مأساة او لا يكون ..
هنا في هذه المجموعة الصغيرة الكبيرة ليس هناك نضال في صعود الجبل ولا رغبة في نجاح او انتصار في رفع صخرة على الظهر إلى القمة …
هنا انكسار دائم.. من الحياة ومن وأشياء كبيرة في الحياة وعلى الأرض مثل الجبل و السماء والطرق الوعرة كلها أشياء تعذب الشاعرة …تلك اعماقها متعبة اصلا.. والعالم الذي تدخله فتصفه لكنه لا يساعدها على الراحة.. إنما يزيدها عذابا إنما هو عذاب لذيذ … فهي تتلذذ ذلك دون أن تتفطن.. مثل القط الذي أكل لسانه وهو يتلذذ الدم الذي يقطر في فمه وهو ليس غير دمه الذي ينبع من لسانه الذي يحكه القط على المبرد.. وهو يتصور أن الدم قادم اليه من السماء هدية لتحقيق لذته..
و الشاعرة هنا وان كتبت عدة قصائد فانها عندي لم تكتب الا قصيدة واحدة مسترسلة.. لكأنها تقول لنا الحياة عندي واحدة والشعر واحد فاتركوني اقول ما أريد في الشكل الذي أريد فالشعر حر او لا يكون. وارتيمس في اشاراتها تحب عذرية الإنسان والطبيعة والكون.. وهذه العذرية لا تتحقق الا بعذابات تصنعها الشاعرة بنفسها.. لأنها تبحث عن سعادتها.. ونحن نبحث عن لذة القراءة. قراءة شعر فيه ما يشير.. الي الحقيقة.. وليس اجمل من البحث مع الشاعرة عن الحقيقة… .
هل اواصل
لا يكفي لاني ساتلذذ انا ايضا هذه العوالم الشعرية المدمرة… فأصبح مازوشيا ابحث عن الشعر العتمة القاتل.. ولن اتلذذ غدا الا الشعر الذي لا يفتح أبوابه لمقروئية عادية… الغريبة.. وهو يتولى صياغة الوصف فيوغل في الكلام الي ان يغيب في الغموض… فالاشياء لديه وأمامه تفقد كيانها العادية لتتحول الي كيانات شعرية لا تتكلم طبعا لكنه يجعلها تعبر عن الغرائب في اعماقه.. وتفضح عالمه العجيب الساري في تلافيف روحه المتعذبة
الشاعر هنا ليس سليما صحيا يحس بالالم من الصهر.. ويتوجع من صعود الجبل
هو لا يصعد الجبل لينتصر عليه مثل شعراء الرومنطيقبة.. ولا مثل الشاعر القديم الذي حدثنا عن سبزيف الذي يصر على صعود الجبل يحمل صخرة.. وكلما اقترب من القمة يتدحرج ثم.. ويقوم بازمحاولة تلو الأخرى في مأساة انسانية ترجمها كامو.. و كتبها الأديب التونسي محمد المسعودي في كتاب* السد*حيث العمال يبنون السد في تعب.. و عذابات لا تنتهي لكن السد في النهاية ينهار.. فيقول صاحب السد ان الأدب مأساة او لا يكون ..
هنا في هذه القصيدة ليس هناك نضال في صعود الجبل ولا رغبة في نجاح او انتصار… هنا هنا انكسار دائم.. والأشياء الكبيرة مثل الجبل و السماء والصرق الوعرة كلها أشياء تعذبه…ذلك اعماقه متعبة اصلا.. والعالم الذي يدخل فيصفه لا يساعده على الراحة.. إنما يزيد في عذابه… وهو يتلذذ ذلك دون أن يتفطن.. مثل القط الذي أكل لسانه وهو يتلذذ الدم الذي يقطر في فمه وهو ليس غير دمه الذي ينبع من لسانه الذي يحمه القط على المبرد.. وهو يتصور أن الدم قادم اليه من السماء هدية لتحقيق لذته..
والشاعر يتصور أن عذابات التي يصنعها بنفسه عذبته في الحياة فيزداد تلذذا وهو يمتص دمه..
هل اواصل
لا يكفي لأني سأتلذذ أنا أيضا هذه العوالم الشعرية المدمرة… فأصبح مازوشيا أبحث عن الشعر العتمة القاتل.. ولن اتلذذ غدا الا الشعر الذي لا يفتح أبوابه لمقروئية عادية…