من قتل الحلاج ..قتل العراق ؟
عبد الكريم قاسم
الحلاج قتله المسلمون لأنه قال: أنا الحق. لكن، عندما تنفذ الى قضية مقتله، كمن ينفذ الى لغز المظاهرات. ليس لأنك مراقب، فالمراقب يكون في الخارج، بل لأنك تصبح أنت واللغز واحد. ليس معنى ذلك أن تسبح في النهر وتطفو على سطحه، ليس لأنك تكافح في داخله، بل لأنك أنت والنهر واحد. ستدرك أن الموجة هي جزء من النهر، كما يصح العكس النهر جزء من الموجة.
كان الناس يرمونه بالحجارة، وتلميذه ابو بكر الشبلي يقف بين الناس، أما الحلاج فكان يضحك. بترت قدماه، ضحك، أخذ دمه بكفيه ونثره على كلتا يديه، مثلما يتوضأ المسلمين بالماء. قال لهم الحلاج: الجريمة ترتكبونها بدمكم، والخطيئة تقترفونها بدمائكم، فكيف يمكن أن تطهروا أنفسكم بالماء ؟. ثم بدؤوا ببتر يديه وأيضا ضحك. واصل الناس رميه بالحجارة وشتمه بسخرية، والشبلي يقف بينهم، والحلاج يضحك ويبتسم.
فجأة أخذ الحلاج يبكي وينحب، لأن الشبلي رماه بوردة !!.
سأله شخص، ما الأمر ؟ كنت تضحك مع التقطيع والرمي بالحجارة، فهل جننت، أن الشبلي رماك بوردة فقط، فلماذا تبكي وتنحب؟.
قال الحلاج: الناس لا يدرون ما يفعلون، لكن الشبلي يعرف. سوف يغفر الله للآخرين لأنهم يتصرفون عن جهل، لا بأس في أي شيء يفعلونه، لا يتوقع منهم أكثر من ذلك. أما بالنسبة للشبلي، الشخص الذي يعرف ومتعلم ويعرف صاحب المعرفة، يكون الأمر مختلفا، إنه الشخص الوحيد هنا الذي ارتكب إثما، إنه يعرف، وهذا هو السبب.
ينبغي أن يكون مفهوما: لا يمكن أن ترتكب إثما عندما تكون جاهلا، فالمسؤولية لا تقع عليك. لكن، عندما تعرف، سوف تكون هناك مسؤولية.
السياسي العراقي غير الوطني هو من قتل العراق وسرقه، ساعده في ذلك الشعب البرئ بإنتخابه والدفاع عنه أو الجهل أو قبض بعض الهدايا التافهة كالبطانية والچولة وكارت التعبئة وصولا الى الوظيفة وقطعة السكن الوهميةا.
هل نحن بحاجة الى الذهاب الى (أبو مراية) أو فتاح الفال وقارئة الفنجان..ونطلب منهم ان يظهروا لنا من قتل العراق أو سرقه؟. ستكون الإجابة: السياسي العراقي غير الوطني، ومخالفاته الجرمية مع سبق الاصرار والترصد. أداة الجريمة هي المشكلة، الغريب هي الجماهير نفسها وبصماتها البنفسجية الخانقة على جسد العراق والحلاج.
ايها الجمهور المخدوع، لا حاجة لأن تمتلك الشجاعة إذا كانت لديك البراءة. لا حاجة لأي توضيح، ذلك أنه لا يمكن لشيء أن يكون أكثر وضوحا، كالبراءة.
إذن المسألة كلها: هي كيفية حماية الأبرياء، اللذين نزلوا الى الشارع بمظاهرات لطلب التغيير، قبل وصول الخدمات ولكي لا يقتل الحلاج مرة ثانية من قبل السياسي المخادع، على صاحب المعرفة، النخبة الانتباه.