نعم للدولة الكردية
هادي جلو مرعي
تتصاعد الأحداث في الشرق الأوسط خاصة في سوريا والعراق واليمن، وهي أحداث دامية وعنيفة تقابلها أحداث وحوادث سياسية وعلى درجة من الخطورة تتخللها أعمال عنف وتفجيرات كما في لبنان والبحرين والمملكة السعودي ودول أخرى في الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، وبعد فشل مفاوضات جنيف لحل المشكلة السورية وتقدم قوات الرئيس بشار الأسد حتى الحدود التركية بمساندة حزب الله وروسيا وإيران وفصائل مقاتلة، وعزم واشنطن والسعودية وتركيا على تغيير طبيعة الصراع بما يؤدي الى إرسال قوات كبيرة تحت شعار مقاتلة داعش وفي محاولة واضحة لمسك الأرض التي يفر منها مقاتلو المعارضة السورية فإن الأكراد في تركيا وإيران وسوريا والعراق يتحركون في إتجاهات عدة بحثا عن منفذ لطموحات كانت مؤجلة فتحت لها أبواب الأمل بعد سقوط نظام صدام حسين وحضور أمريكا وإنهيار المنظومة العربية بعد الربيع الثوري مع إنشغال حاد تركي إيراني بمشاكل لاتعد ولاتحصى، وقد تحقق للكرد ماهو أكبر من المتوقع حيث إنهيار الدولة العراقية وتمكنهم من بناء منظومة أمنية وسياسية وإقتصادية وسيطرتهم على جغرافيا كبيرة في مناطق مختلفة من العراق بينما يشعر أكراد سوريا إنهم أقرب الى تحقيق بعض الطموح مع تفكك سلطة دمشق وظهور قوى متعددة تتنافس فيما بينها لتحقيق شئ، وساعد ذلك في سيطرة قوات حماية الشعب الكردي على بعض المدن والقرى المهمة من سوريا بمحاذاة تركيا وكردستان العراق، بينما يكافح الأكراد في تركيا ويقاتلون بشراسة من أجل الحكم الذاتي الذي دعا له رئيس حركة الشعوب الديمقراطية وأتهم بالخيانة من قبل أنقرة.
رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني لم يتردد في تكرار تصريحات تتعلق بقيام الدولة الكردية وهو يستعد اليوم لإجراء إستفتاء شعبي عام في كل إقليم كردستان يدعو الى إقامة دولة كردستان من خلال الإنفصال عن بقية العراق، ويرتب لذلك بحفر خندق يمتد من ربيعة غرب الموصل الى جنوب كركوك والى مناطق في شمال وشرق ديالى يبلغ طوله 440 كم وبعمق 3 أمتار توضع عليه أجهزة مراقبة وأبراج حماية ويقوم عناصر البيشمركة بدور المراقبة والدفاع عن حدود الإقليم من خلاله، وبرغم التصريحات الهادئة حول الخندق وضروراته الأمنية لكنه لم يعد خافيا على الجميع إن النية من ورائه هي غير تلك المعلنة وإن الهدف السياسي أعمق بالفعل.
يؤيد العديد من السياسيين العراقيين خاصة السنة منهم الذين يتهمون الشيعة بتهميشهم والسيطرة على مقدرات الدولة المطالب الكردية، ولايبدون رفضا واضحا لتطلعاتهم، فليس لديهم مايخسرونه بعد أن خسروا بغداد، وعلى هذا الأساس فإن قيام الدولة الكردية أو تأكيد إستقلالية كردستان عن بغداد هو مقدمة لقيامة الإقليم السني المستقل، وإذا ماأجري الإستفتاء في كردستان فمن المرجح أنه سليبي طموح البرزاني، ولايتوقع التصويت بالرفض على سؤال ماإذا كان المواطنون في الإقليم يرغبون بالإنفصال عن بقية العراق، وقد يأتي الجواب، نعم للدولة الكردية.