منظومة الدولة البعثية العميقة ؟!!
محمد حسن الساعدي
استطاع تنظيم حزب البعث وأسميه “تنظيم” من ان ينبي شبكة واسعة لتنظيماته في البلاد ، بل استطاع من بناء شبكة حتى خارج العراق ، وكسب بذلك مفهوم التنظيم ، هذا الحزب الذي استطاع من بناء هيكل أفقي لتنظيماته ، حتى اصبح هناك شبكة رهيبة لهذه التنظيمات ، وأصبح في كل دار اما بعثي منتمي بالانتماء والولاء او الذين انتموا بالخوف والرجاء ، في الحصول على فرصة للدراسة او العمل او حماية عائلته من بطش هذه المنظومة العفلقية والتي استخدمت كل اساليب البطش والانتقام ضد كل من يخالف او ينتقد الحكومة البعثية ، حتى أمسى حزب الاله “فرعون” من المسميات التي يمنع حتى المس او المساس بها .
وبعد اربع عقود من حكم نظام البعث جاءت رياح التغيير لتعلن عن نهاية فرعون العراق وحزبه الشوفيني ، وإسقاط كل الأصنام التي كانت تعبد ، وأضحى العراقيون أحراراً لأول مرة في تاريخ وجودهم الإنساني ، فيما اعتقد الشعب ان البعث ورجاله قد ذهبوا الى مزبلة التاريخ دون رجعة ، ولكن ما لبثت ان تبدد احلامهم عندما تيقنوا ان هناك دولة عميقة تقود الوضع وتحرك خيوطه الداخلية ، بل اصبح حتى القرارات المصيرية والتي تمس كيان ووجود البلاد ومشروعها الوطني يدار في غرف مظلمة ، ويعرف اعضاء هذه الدولة العميقة خفايا وأسرار اركان الدولة اكثر من حكام البلاد الجدد ، والذي يبدو انهم هم الآخرون غدوا غارقين في احلام الحكم والدولار .
هذه الدولة العميقة تحكمت بمصير وأمن البلاد وشعبه ، وسيطرت على مصادر القرار في كل الوزارات ، وأصبحت هي مصدر القرار في تلك الوزارة ، بل امست المنطقة الخضراء مكاتب لهم يتحكمون بمصير الارهابيين وإطلاق سراحهم ووفق صفقات سرية ، يضيع فيها البريء ويطلق سراح عتاة الارهاب وقادة القتل والذبح الداعشي ، وغيرها من ممارسات امست ظاهرة في ظل حكم الديمقراطية الجديد ، وكان الدولة تقاد من قبل دولة عميقة ، ولكن الظاهر الاسلاميون الجدد ، ويبقى السؤال المحير هل الأسلاميين هو من بنى منظومة الدولة العميقة ، ام ان هذه المنظومة هي موجودة أصلاً ويراد لها ان تكون هي المحرك لخيوط الحكم في العراق الجديد ، خاصة وان سبب انتعاش هذه المنظومة هو الحكم الديمقراطي الجديد ، والذي سرعان ما سهل تسلل خلايا البعثيين الى مؤسسات الدولة الجديدة والتي من بينها وزارتي الدفاع والداخلية التي اصبحت تعج باكثر من 16000بعثي وهؤلاء لايملكون اي ولاء للدولة بل يتربصون بها وينتظرون اللحظة المناسبة للانقضاض عليها ، وهذا العدد من البعثية والذين يمثلون كبار القادة في وزارة الدفاع والداخلية ويقودون الافواج والسرايا وغرف العمليات ويتعاملون مع المعلومات الامنية المهمة ويتحركون وفقها ، وكأن هيمنة البعثية على وزارة الداخلية هو احد الاسباب وراء تدهور الوضع الامني في العر اق وسقوط اكثر من مدينة وقضاء بيد الارهابين وبالتاكيد هناك تواطء خفي بين البعثيين والارهابيين فالمعلومات الامنية تمرر الى الارهابين بسهولة ولم يقم هؤلاء الضباط البعثيين بشن اية عملية امنية على معاقل الارهابيين وهذا ما يؤكد ان وزارة الداخلية مخترقة من قبل البعثيين بشكل كامل .
ان الاستعانة بالبعثيين في الاجهزة الامنية بدواعي اللحمة الوطنية ونسيان الماضي يعني استمرار الاخطاء السابقة وتعريض الامن الوطني الى الخطر والمجازفة بارواح المواطنين الابرياء ,فهل هناك ضرورة حتمية لوجود هؤلاء الذين يعد ولاؤهم للدولة مشكوكا فيه ووجودهم في داخل الاجهزة الامنية يعد خطراً يهدد العمل السياسي , بل ان هذا الوجود يخدم الارهابيين والقوى البعثية الداعمة والمساندة لهم والتي تحاول توظيف وجود هؤلاء في داخل وزارتي الدفاع والداخلية وغيرها من موسسات الدولة كافة من اجل تحقيق اجندات خاصة بها وربما تتحفز من خلالهم للقيام بانقلاب على العملية السياسية عند اقرب فرصة والتاريخ ليس بعيدا وعلى الحكومة التمعن فيه جيدا قبل ان يجد السياسيون الحاليون انفسهم مقتولين برصاص البعثيين او منفيون الى خارج الوطن من جديد .