رحمة بن مدربل
في اللّيل يهدأ الصّوت،
يحوم الموت فوق العالم،
قد يخطف بعض الأرواح التائهة …
في اللّيل يسهر الهمس المقمُوع بالذكريات التي لن تأتي
لمَ لن تأتي؟ … سؤال عدمي
فلنقل أنّها ستأتي لكنّنا لم نعد نتحمّل الخُذلان
في اللّيل يتوتّر الشّوق …
مثلما تفعلُ عجوزٌ تُذرّعُ بلاط غرفتِها مجيئاً و ذهاباً بعكّازها العاجي .
و الطّفل الباكي في مهده … لا يسكتُ إلا وقتما يُريد
كما تتوجّسُ الرّيح خوفاً بينما تنفخُ روحها في قصبِ خيزرانِ وجودُنا
أيّها الباكي …
أيّها العالم الرّاكض إلى حتفه …
أيّها الدوران المُفرغ من الطّاقة
أيّتها الأقواس القُزحيّة الملولة
كفّي عن الهُطولِ على رأسِ الكون
دعيه يسكُت …
دعي اللّيل يُكملُ مؤامراته ضدّي
ضدّ إنسانٍ لم يعد يعرفُ نفسه
أوراقهُ الثبوتية قلبُه
قلبُه بطاقةُ هويّة مسروقة
زوّرتها الحُريّة الزائفة
في الّليل … يتوق الجسد إلى العِشق
يتوقُ العقل إلى الارتفاع
تهربُ الرّوح إلى مكانٍ علوي
حتى لا تشهد صراعهما معاً
أبدّيٌ و مخجل …
في الّليل أصاحب الأرواح الحائمة
أخبرتُ روحاً منها أنني أفتقدُ نفسي
عالجتني من هذا الوهم بأن غيبَتْ عقلي طويلاً
كأسٌ واحدٌ من المرار الحلو
أن تنادي في الخواءِ … و يسمعك الخواءُ
و يحضُنك …!
خمرٌ هذا الحنينُ
خمرٌ هذي الدّوخَة بينما صرختي منسيّةٌ تحتَ عشبِ اللّيل
أسودٌ، بغيٌّ يتصدّقُ بجسدِه على الصلواتِ التي لا تنتهي
ياااااه هذا اللّيلُ قدّاس للوحدة
ألا تسمعُ رنين أجراسي الزجاجية ؟
أنا مازلتُ أصاحبُ اللّيل
لستُ أخونه عندما ترتخي عيناي و تنام
اللّيلُ ينسخُنِي في غيابي و يشْهقُ بي !