قراءة في الاتفاق, بين العم سام والأتراك
بقلم اسعد عبد الله عبد علي
وأخيرا, وافق الأتراك على وضع قاعدة انجرليك تحت خدمة أمريكا وحلفائها, في حربها المزعومة ضد تنظيم داعش, بعد مفاوضات طويلة, نتيجة رفض الأتراك لحرب داعش, فالحقيقة الفاضحة أن معسكرات تدريب داعش, موجودة في تركيا, وتحت مظلة الحكومة التركية, وتركيا هي الممر الأفضل لمقاتلين الدواعش, وعبر من خلالها ألاف المقاتلين الأجانب, باتجاه العراق وسوريا, أي أننا أمام قضية عجيبة, فكيف يعقل أن الأتراك هم الداعمين لداعش, وبنفس الوقت هم المقاتلين لداعش!
لكن لماذا هذا القبول التركي, ما هي خفايا الاتفاق الأمريكي التركي, وما هي دوافع الأتراك بالقبول, بدخول الحرب ضد داعش.
النظرة الأولى للأحداث, تدفعنا للقول أن تركيا بدأت تتحسس خطر انقلاب داعش عليها, خصوصا أن التنظيمات التكفيرية, لا يمكن ضبطها تماما, خصوصا بعد التفجيرات الأخيرة, التي شهدتها المدن التركية الحدودية مع سوريا, والتي أودت بحياة العشرات, فتركيا تضع في أولوياتها الإنسان التركي, بدافع رفع سقف القومية عند حكامهم, لذلك تحركت بدافع قومي, لحماية تركيا من خطر مميت.
رؤية أخرى لعلة الاتفاق, وهو التوجه للانتخابات المبكرة, فان التحرك التركي الأمني والعسكري, من شانه أن يجذب الناخب, لاختيار حزب العدالة والتنمية من جديد, كي يعوض ما فقده في الانتخابات البرلمانية الأخيرة, فهو طامع لتحقيق أغلبية تمكنه من تشكيل حكومة, وتمرير ما يرغب به من قوانين, بدل البحث عن ائتلافات والتنازل لها مقابل الاتفاق معها, فالمعركة الجديد تخدم هدفه المستقبلي, في حشد التأييد لحزب اوردوغان.
لكن البعض يرى موافقة تركيا الأخيرة, جاءت على اثر طمعها, في أيجاد منطقة عازلة داخل الأراضي السورية, تكون مدخلا لتحقيق تركيا لأهدافها التاريخية, في التوسع الجغرافي, وفي أيجاد موطئ قدم في الداخل السوري, والتحكم في مصير دمشق, إلى ابعد فترة زمنية, فان جعل دمشق تابعا لاسطنبول, هو الحلم الكبير للعثمانيين الجدد.
من زاوية أخرى, يرى الأتراك, أن أكراد سوريا يسعون لإعلان إقليم كردي, على نفس مثال إقليم كردستان العراق, وبعد أن سيطرة وحدات حماية الشعب الكردي, على مدينة تل ابيض, والتي تمثل حلقة ربط جغرافي بين مختلف المناطق الكردية, ليكون إقليما مكتملا جغرافيا, يمتد من جبال قنديل على الحدود العراقية الإيرانية, إلى البحر المتوسط, ولعل هذا ما تسبب بتغير الموقف التركي, باعتبار أنها ترى أن ما يحدث في سوريا, من انتصارات للأكراد, هو خطر حقيقي, ومقدمة لإعلان دولة كردي في سوريا.
وكذلك ترى تركيا أن نجاحات أكراد سوريا تحصل لوقوف خفي لحزب العمال الكردستاني, لذا الاتفاق الأمريكي, يسهل لها ضرب أكراد سوريا وحزب العمال الكردستاني, وهو هدف استراتيجي للأتراك.
تركيا تتعامل مع الإحداث بخبث بعيد عن المبادئ والقيم الإنسانية, فهي تسهم في حرق الأرض في العراق وسوريا, ودعم الإرهابيين, في سبيل تحقيق أحلامها, نظام حكم يشابه الفاشية والنازية, من ناحية القومية المتعالية على الآخرين, فتستبيح القوميات الأخرى, عقلية متخلفة التي تحكم الأتراك, أساسها التكبر على الآخرين من دون علل, وستقودهم في النهاية, حتما إلى مزبلة التاريخ.