فلسطين بين العَلَم والقرار
مع تصويت الجمعية العامة للامم المتحدة فجر هذا اليوم 11 أيلول / سبتمبر لصالح مشروع القرار الذي يقضي برفع اعلام الدول المراقبة فوق مقارها بما في ذلك علم دولة فلسطين حيث حظي القرار على تأييد 119 دولة فيما عارضه ثماني دول مع امتناع 45 دولة عن التصويت ، حيث عارضت مشروع القرار كل من “اسرائيل”، وحليفتها الولايات المتحدة ، كندا، استراليا، دولة تولفو والتي تقع في المحيط الهادئ والبالغ مساحتها 25 كيلو متر، دولة البالو والتي تقع في اندونيسيا وتبلغ مساحتها 395 كيلو متر، جمهورية جزر مارشال ، ودولة مايكرونزيا المتحدة التي تقع في المحيط الهادئ .
ومع هذا القرار الذي سيدخل حيز التنفيذ الفعلي بعد عشرين يوماً اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي والصفحات المؤيدة للسلطة الفلسطينية بالتغني بهذا الانجاز العظيم !!! وبدأت الرقص والتهليل والتصفيق من قبل هؤلاء المؤيدين للسلطة وبعض من العامة ، في حين أشار رجالات السلطة وعلى لسان سفيرها في الجمعية العامة للأمم المتحدة ، بأن إعتماد قرار رفع علم دولة فلسطين في مقر الأمم المتحدة ومكاتبها يعتبر تأكيداً على شرعية التطلعات الوطنية للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير في دولته المستقلة ، وأن اعتماد القرار سيساعد في استعادة بعض الأمل للشعب الفلسطيني وهو خطوة أخرى على طريق الوفاء بوعد الإستقلال منذ ما يقرب من سبعة عقود ومن أجل إنصاف شعبنا من الظلم التاريخي الذي لحق به.
فيما خاطب ذات السفير أبناء الشعب الفلسطيني في الوطن وخارجه من منبر الجمعية العامة قائلا : إننا نتطلع إلى اليوم الذي سيرفع فيه علم دولة فلسطين أمام الأمم المتحدة في نهاية هذا الشهر ، متمنياً أن يرفع علم دولة فلسطين في ذلك اليوم فوق بيوتكم ومدارسكم ومتاجركم وجامعاتكم ومؤسساتكم وكل الأماكن التي ترونها مناسبة لنؤكد من خلال هذا الإستفتاء الشعبي الشامل على إصرارنا على إنهاء الإحتلال الإسرائيلي لأرضنا الفلسطينية منذ عام 1967 وتحقيق إستقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية ، وبذا يتحقق الإجماع الدولي بتطبيق حل الدولتين على الأرض.
وهنا أقول وبالرغم من غبطتي وغبطة كل عربي شريف وكل مدافع عن حق الشوب في العالم أجمع برفع علم فلسطين كما أفهمه ، وهو ذات العلم الذي كان الشعب الفلسطيني يرفعه قبل اختلاق الكيان الصهيوني البغيض من قبل قوى الاستعمار في العالم ، حيث تأتي غبطتي هنا على اعتبار أن القرار في نظري محاولة لإحياء ذلك العلم في وجدان العالم من جديد وفي كافة المواقع الدولية وعلى كافة الأصعدة ، إلا أنني أرى فيما قاله مندوب السلطة وسفيرها لدى الأمم المتحدة ، تناقضاً وريبة ، فالعلم الذي سيتم رفعه بعد عشرين يوماً ليس بالعلم الذي أفهم، فهو علم يرمز لدولة غير موجودة على أرض الواقع ، وهو علم لا يدل على فلسطين وإنما يرمز لما وضعته السلطة سقفاً لمطالبها بتصفية قضية فلسطين، واعتبار فلسطين ودولتها في حدود دولة يتم ايجادها والاعتراف بها في الضفة الغربية وقطاع غزة أو على أجزاء منهما بما يؤكد الاعتراف بالكيان الصهيوني على 78 % من أرض فلسطين التاريخية .. ففي الوقت الذي يشير به سفير السلطة بأن اعتماد القرار يساعد على استعادة بعض الأمل لشعبنا وهو خطوة أخرى نحو الوفاء بوعد الإستقلال للشعب الفلسطيني منذ ما يقرب من سبعة عقود ونحو إنصاف شعبنا من الظلم التاريخي الذي لحق به ، وهذا قول حق اتفق معه ، يعود ليؤكد على الإصرار على إنهاء الإحتلال الإسرائيلي لأرضنا الفلسطينية منذ عام 1967 وتحقيق إستقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية ، وبذا يتحقق الإجماع الدولي بتطبيق حل الدولتين على الأرض .
وعلى الرغم من التنصل الصهيوني من المفاوضات العبثية التي ما فتأت السلطة تنادي بها ، وبالرغم مما هو واضح للعيان وللعامة ، بأن دويلة الكيان الصهيوني لا تقر ولا تعترف ولا تسعى لتطبيق حل الدولتين ، إلا أن السلطة وجدت في القرار فرصة للدعوة ولو بشكل غير مباشر إلى العودة للمفاوضات وحل الدولتين تحت مظلة اتفاقية أوسلو اللعينة وما انبثق عنها ، فحل الدولتين ، يعني الإقرار تاريخياً بحق الصهاينة بما نسبته 78 % من أراضي فلسطين التاريخية ، وحل الدولتين سيعيد التعامل مع قضية اللاجئين الفلسطينيين كقضية انسانية وليست كحق وطني فردي لكل لاجئ منهم على اعتباره حق لا يقبل التفويض او المساومة ، وحل الدولتين سيعيد الطموح بتحرير القدس واعتبارها عاصمة دولة الضفة وقطاع غزة إلى مهب الريح …
كم كنت أتمنى أن يبقى هذا العلم الذي سيتم رفعه رمزاً فلسطين التاريخية من نهرها لبحرها وليس لتثبيت الاعتراف ب 78 % كددولة للكيان الصهيوني والإكتفاء بحد أقصى بما نسبته ب 22% منها تحت مسمى فلسطين … فدولة فلسطينية في الضفة وغزة أو على أجزاء منهما لا تعني فلسطين على الإطلاق ،،،،،
لا يغرنكم الوهم والاحتفال والتصفيق بالإنجاز الوهمي العظيم ، وستبقى فلسطين كما كانت من نهرها لبحرها ومن الناقورة إلى أم الرشراس ………..
ابراهيم ابوعتيله
عمان – الأردن
11 / 9 / 2015