الهجرة الى المجهول
محمد الياسري
الهجرة الى المجهول.. اصدق تسمية ممكن ان نطلقها على موجات النزوح الجماعي لابناء بلادنا تخلصاً من أشياء وبحثاً عن اشياء..ربما تتحقق الاهداف وربما تخيب.. هل فعلا ان من يهاجر سيبعد عن الموت والقهر والالم في بلاده؟
وهل رحلة المجهول ستحقق السعادة والامان والرخاء؟
الموت هنا وهناك والم في كل مكان ومن يحلم بالمستقبل يحققه هنا وهناك لكن قناعتي ان بلدي وان جار علي يبقى عزيزاً وان ثرى ارضي اقدس واشرف واعطر من اي تراب في بقاع الارض وقناعتي ان فتح الابواب لهجرة كل شبابنا الى الامل المجهول او الحتف المجهول وبهذا الكم الهائل والتسارع الكبير يعني اخلاء بلادنا من قلبها النابض: الشباب وتجريدها من اهم اسلحة البناء والرقي: الشباب.. ويعني ان يتحول البلد الى الكهولة بعد سلبه مبررات النضارة والجمال: الشباب.
قد يكون للهجرة والاغتراب اسبابها ومبرراتها في خضم الظروف التي يشهدها العراق من تمييز طائفي واثني وقومي وتضاؤل فرص الامل المتاحة للشباب من الحصول على العمل وتحقيق الذات وانعدام الامن والطمأنينة وعدم الاهتمام بالكفاءات حتى صار المواطن ينظر الى المستقبل بمنظار سوداوي لا بارقة تفاؤل فيه.
وربما للحكومة والمسؤولين في البلاد دوراً في انتشار هذه الظاهرة الكارثية لانها لم تقدم ما يجعل المهاجر ان يعدل عن فكرته واضحى الفاسدون والامييون هم من يتحك بمصائر ومقدرات البلاد دون السماح لاصحاب الشهادات والكفاءات والخبرات ان يمارسوا دورهم في قيادة بلدهم حتى صار التهميش والبطالة صفتان ملازمتان للشباب.
ان الارتماء الى حضن المجهول بحثاً عن الرزق والاستقرار ليس مبرراً مقنعاً فالموت لا يعرف ارضاً محددة ويأتي هنا ويغيب هناك فكل انسان مصيره الفناء بأمر الله سبحانه وتعالى وقدرته فلن يعصمن من امر الله ان ذهبنا في بلاد اخرى.
وباب الرزق ايضا فهو يرزق خلقه وان كانوا في بطن البحر ولن يموت انساناً من الموت، ثم ان تحقيق الاحلام والامال ليس بالضرورة سيكون سهلا في بلاد الغربة، ومن يدفع الاف الدولارات الى المهربين والنصابين اعتقد انه بامكانه ان يوظفها ويدير مشروعه الخاصبما يمتلك من مهارات بعيدا عن الدولة ومنتها وبالتالي سيرزق وسيدعم بلده ولن يغادره.
المتتبع لهذه الموجة الكبيرة التي عمت شبابنا وصارت كالمرض يقف باستغراب من توقيتها حتى يخيل للمتابع كأنها مدبرة ومقصودة ولها اهدافها المرسومة خصوصاً واننا نخوض حرباً شعواء ضد تنظيم داعش الارهابي فهل الغرض افراغ البلاد من شبابه حتى يكون لقمة سائغة اما التنظيم الارهابي وغير قادر على التصدي له؟
كيف يمكن ان يقاتل بلداً ويصد العدوان والارهاب بدون شبابه ؟
كيف نترك بلدنا عاري الصدر ونخذله لنرمي ارواحنا في المجهول في رحلة نسبة الموت فيها اكبر من نسبة الحياة ؟
مهما كانت اسبابنا ومنطقيتها ومبرراتها يبقى بلادنا فوق كل هذا فهل نعي ما يدور من حولنا؟
هل تعي حكومتنا حجم الكارثة وضياع شبابنا وهجرتهم الى المجهول؟
هل ستتخذ خطوات من شانها ايقاف هذا النزيف بالطاقات وايجاد الوسائل التي تنصف الشباب وحماية العراقيين والتصدي لمن يعبث بمصيرهم ومستقبلهم؟
اقول فقط لكل مهاجر: نحن احوج اليك.
alyasireenasir@yahoo.com